ما يزال في الدعم بقية.. وهذا أسوأ ما حصل!
كما كان متوقعاً خرج الفريق الاقتصادي الحكومي بعد قرارات ليلة الثلاثاء الفائت التي قضت برفع أسعار (البنزين - المازوت - غاز سائل - فيول) خرجو ليؤكدوا أن الحكومة لم تتخلَ عن الدعم، إنما خفضت كلفته على الخزينة، بمعنى أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، وقد نشهد ارتفاعات جديدة في تسعيرة (البنزين والمازوت)، ومن المتوقع أيضاً بحسب تسريبات أن الغاز المنزلي والكهرباء لن يكونا بمنأى عن موجة الرفع، وحده الخبز ربما هو الناجي الوحيد في هذه المرحلة، على الأقل وزير التجارة الداخلية نفى وجود أي نية لزيادة سعره، وكشف أن كتلة دعمه تـبلغ 6 ألاف مليار ليرة!.
لا الموظف سيكون راضٍ عن زيادة مرتبه بنسبة مئة في المئة وسط تضاعف كلف المعيشة، ولا الحكومة تخلصت من أعباء الدعم
والواضح إلى الآن هو أن الأمور ستسير على ما كانت عليه قبل صدور تلك القرارات، وربما بشكل أكثر سوءاً، بمعنى: "لا الموظف سيكون راضٍ عن زيادة مرتبه بنسبة مئة في المئة وسط تضاعف كلف المعيشة، ولا الحكومة تخلصت من أعباء الدعم".
يشير وزير النفط إلى أن كلفة دعم المشتقات النفطية السنوية وفق الأسعار الحالية ما زالت عند 17 ألف مليار ليرة سورية (هذا الرقم أعلى من رقم الموازنة العامة للدولة عن العام الجاري بألف مليار ليرة!)، فكلفة ليتر البنزين على حد قوله هي 12 ألف ليرة، بينما سيباع عبر البطاقة الالكترونية بـ 8 آلاف فقط، كذلك بالنسبة للمازوت، والذي سيخصص قسم منه للتدفئة، وسيباع بواقع 100 ليتر لكل بطاقة بسعر ألفي ليرة، وقسم للنقل بنفس السعر، وقسم للأفران الخاصة بسعر 700 ليرة، وهذه الكلف مرشحة للزيادة طالما أن سعر صرف الليرة السورية مستمر بالانخفاض!، بمعنى أننا سندخل بمتوالية ارتفاع أسعار، وملاحقة هذا الارتفاع إلى ما لا نهاية!.
كل ما جادت به قرارات ليلة الثلاثاء وما يمكن أن يتبعها من قرارات مشابهة لتخفيض قيمة الدعم،كانت وستكون من حصة المواطن، المواطن فقط، لا من حصة الهدر والفساد، وهذا أسوأ ما حصل!
طبعاً الحكومة التي كانت اعترفت على لسان رئيسها بأن الدعم ينطوي على فساد وهدر كبيرين، وأن ذلك أحد أسباب إعادة النظر بالدعم كضرورة وليس كخيار على حد تعبير وزير الاقتصاد، ستكون مطالبة في المرحلة الحالية والقادمة بـتطويق حصة الفساد والهدر من كتلة الدعم، فثمة حقيقة لا يمكن القفز عليها هنا، هي أن كل ما جادت به قرارات الثلاثاء الفائت، وما يمكن أن يتبعها من قرارات مشابهة لتخفيض كلفة الدعم، كانت وستكون من حصة المواطن، المواطن فقط، لا من حصة الهدر والفساد، وهذا أسوأ ما حصل!.
الأمر لا يتوقف هنا فالأشياء السلبية المتوقعة في الأيام القليلة القادمة، تتمثل بموجات ارتفاع أسعار متلاحقة، فمنذ صباح يوم الأربعاء، بدأ السوق يتأثر بمفاعيل تلك القرارات، وشهدت أسعار جميع السلع والخدمات ارتفاعات قياسية بين 100 إلى 200 %، ومع عدم ثبات سعر صرف العملة المحلية، ستتحرك الأسعار بشكل شبه يومي، ومن المتوقع أيضاً، وبمجرد صرف الرواتب نهاية الشهر الحالي للموظفين والمتقاعدين، أن تكون الأسواق على موعد مع موجة ارتفاع أسعار جديدة ناتجة هذه المرة عن تدفق سيولة جديدة زائدة تضاف إلى السيولة الموجودة الفائضة، وانعكاس ذلك على سعر الصرف، مع الإشارة هنا إلى أن كتلة الزيادة على الرواتب بلغت 4 آلاف مليار ليرة سورية، بحسب تصريحات لوزير المالية، أي 300 مليار في الشهر!.
وبالمنطق الاقتصادي سيقابل كل ذلك، تراجع جديد في الطلب على المواد والسلع الذي كانت تعاني منه الأسواق والقطاعات الانتاجية قبيل تلك القرارات، كنتيجة طبيعية لمزيد من ضعف القوة الشرائية، وهذا بدوره سيدفع بقطاعات الانتاج إلى تخفيض العرض، ما يعني تراجع الانتاجية المنخفضة أصلاً!.