هل الظروف ملائمة لإطلاق مشروع مماثل لمشروع مارشال في سورية

هل الظروف ملائمة لإطلاق مشروع مماثل لمشروع مارشال في سورية

لقد تعرضت سورية إلى حرب كونية لأكثر من 10  سنوات وطال التدمير الممنهج مختلف المدن والمحافظات السورية بدرجات متفاوتة , وشملت الاضرار البنية التحتية والمرافق العامة والابنية السكنية والمصانع وحتى الاراضي الصالحة للزراعة تعرضت للحرق لمنع استخدامها, وقد شملت الاضرار مختلف القطاعات الاقتصادية بدرجات متفاوتة فقطاع النفط والكهرباء يعتبر من اكثر القطاعات المتضررة كذلك الصناعات في القطاعين العام والخاص كما توقف قطاع السياحة بشكل كامل إضافة الى الخسائر التي لحقت بكل من التجارة الداخلية والخارجية كما تعرضت مدن بأكملها للتدمير الممنهج كمدينة الرقة التي دمرتها القوات الامريكية بالكامل .

اليوم وقد وضعت الحرب أوزارها تطفو على السطح معركة إعادة الاعمار التي سنخوضها في ظل ظروف أقسى من ظروف المعركة العسكرية متمثلة في:
- العقوبات القاسية والجائرة المفروضة من الولايات المتحدة والدول الاوربية.
- التكاليف المرتفعة التي تتراوح بين 800 و1000 مليار دولار امريكي.
- استمرار تواجد القوات الامريكية الذي يعيق استعادة حقول النفط ويحرم الحكومة السورية من مصدر تمويل هام جدا.

هناك حقائق بعضها ايجابي وبعضها سلبي يجب الانطلاق منها في وضع منهجية إعادة الاعمار:
الحقيقة الاولى ان الزلزال عطل موضوع إعادة الاعمار وحتى تحسين المستوى المعيشي الذي كانت تخطط له الحكومة هذا العام.
الحقيقة الثانية ان الحكومة غير قادرة على تحمل موضوع إعادة الاعمار حتى ولو استعادت حقول النفط وهذا ليس عيبا فيها فأغلبية الدول التي مرت بظروف مشابهة لم تتحمل التكاليف ومنها اوروبا.


الحقيقة الثالثة بدأت العلاقات السياسية بالعودة تدريجيا مع اغلب الدول العربية

بالعودة إلى التاريخ المعاصر لابد من الاطلاع على تجربة الدول الاوروبية وإمكانية تطبيقها في سورية من خلال مقاربة مشروع مارشال وظروفه الموضوعية مع الحالة السورية .
مشروع مارشال هو المشروع الاقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي وضعه الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية ووزير الخارجية الأميركي للإشراف على إنفاق 12.9925 مليار دولار أميركي قد سميت «منظمة التعاون والاقتصادي الاوربي» وقد ساهمت هذه الأموال في إعادة اعمار وتشغيل الاقتصاد والمصانع الاوربية.
تعامل مشروع مارشال (برنامج التعافي الأوروبي) مع جميع العقبات التي وقفت في وجه التعافي بعد الحرب. تطلّع المشروع إلى المستقبل ولم يركّز على الدمار الذي نجم عن الحرب. أمّا الأمر الأكثر أهميّة فهو الجهود المبذولة في سبيل تحديث الممارسات الصناعية والتجارية الأوروبية وفقًا للنماذج الأمريكية عالية الكفاءة، إضافةً إلى الحدّ من العوائق التجارية الاصطناعية، تجاوز اقتصاد كلّ دولة مشاركة مستوياته قبيل الحرب مع حلول عام 1952 وانتهاء التمويل؛ إذ ارتفع الإنتاج في كلّ دولة مستفيدة من مشروع مارشال بنسبة 35% على الأقل في عام 1951 عن الحالة التي كان عليها في عام 1938.
اليوم تتشابه ظروف اطلاق مشروع مارشال مع الظروف الموضوعية لسورية مع اختلاف الحجم والاطراف التي يمكن ان تدعم والاطراف التي يمكن ان تنفذ .

حجم الدمار والخسائر هائل
الحكومة ضمن امكاناتها غير قادرة على الاقلاع بالمشروع المنشود لإعادة الاعمار
عودة العلاقات السياسية مع البلدان العربية
كل هذا يفتح الباب واسعا امام إطلاق مؤتمر دولي لإعادة إعمار سورية تدعو اليه الامارات والسعودية وتساهم به بلدان الخليج العربي والصين وروسيا وإيران وغيرها من الدول الصديقة ويستفاد من المؤسسات الوطنية الانشائية والصناعية في القطاعين العام والخاص بشكل يضمن تحريك عجلة الاقتصاد الوطني من المشاريع المتكاملة أماميا وخلفيا مع بعضها مع الاعتماد على بعض الشركات الاجنبية لتنفيذ اعمال نوعية لاسيما في قطاعي النفط والكهرباء.
برأيي حاليا كل كلام عن تحريك عجلة الانتاج بشكل حقيقي وملموس دون هكذا مشروع سيبقى ضربا من الخيال لغياب الامكانات في القطاعين العام والخاص وانعدام القدرة الشرائية للمواطن بشكل يجعلها تعجز عن تحريك الطلب الفعال.


د.عدنان صلاح اسماعيل

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني