صحيفة محلية: رفع الرواتب في سورية غير منطقي و "ضحك على اللحى"

صحيفة محلية: رفع الرواتب في سورية غير منطقي و "ضحك على اللحى"

أولى الأفكار التي ينبغي الوقوف عندها هي الحديث الرسمي الذي يتكرّر قبل كل ضربة توشك على الحدوث فيما يتعلّق بمنظومة الأجر والدعم في سورية، وهو أن الحكومة "تعطي الأولوية" لتوجيه الإيرادات نحو رفع الأجور والزيادات والمنح والتعويضات. وقد يكون هذا الحديث منطقياً لو كان الاقتصاد الوطني يشهد نمواً وتقدماً، أما وأن الانكماش والتراجع هما سيدا الموقف، فإن أية وعود بتوجيه إيرادات لاحقة لرفع الأجور هي وعود قاصرة.


بهذه المناسبة، تفصح الموازنة العامة للدولة للعام 2023 عن نفسها لا بوصفها موازنة انكماشية بامتياز فحسب (حيث انخفضت بعد تحويلها للدولار من حوالي 5 مليارات دولار في العام 2022، إلى ما يقارب 3 مليارات دولار في العام 2023)، بل وكذلك بوصفها واحدة من أكثر موزانات الدولة تخفيضاً لاعتمادات بند "الدعم الاجتماعي" التي تراجعت من 1.5 مليار دولار في 2022، إلى 0.9 مليار دولار في 2023. وبالتالي، فإن الحديث عن التحول نحو "الدعم النقدي" يجري أساساً في ظل تراجع الدولة المتسارع عن دورها في مجال الرعاية الاجتماعية، وتآكل مصادر الإيرادات المرتبطة بالإنتاج الحقيقي بمقابل محاولة رفع مصادر الإيرادات المرتبطة بالضرائب والرسوم في ظل نظام ضريبي موجّه لجيوب الأكثرية المنهوبة من الشعب ولا يطال جيوب الناهبين الكبار بشكلٍ فعلي.

وفي سيل التداول الإعلامي المفتوح حول موضوع الأجور يجري ماءٌ كثير. وواحدة من "الاقتراحات" التي انتشرت مؤخراً هي مطالبة أحد أعضاء مجلس الشعب برفع الحد الأدنى للأجور والرواتب في سورية ليصبح 500 ألف ليرة سورية، معتبراً أنه بذلك "يستطيع المواطن أن يعيش بكرامة يستحقها"!


ولا تحتاج المسألة إلى كثير من السجال في هذا الصدد، إذ يكفي القول إن ارتفاع الحد الأدنى للأجور ليصبح 500 ألف - أو حتى ملايين الليرات السورية- لا يعني شيئاً إذا لم ترتفع القيمة الحقيقة لهذا الأجر وما يمكن أن يغطيه من الاحتياجات، فمهما بلغت عملية رفع الأجور فإن قيمة الأجر سرعان ما ستتبخر جراء الارتفاعات الكارثية التي ستشهدها أسعار السلع في السوق (على سبيل المثال: وفق آخر حساب لمؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة، فإن الحد الأدنى للأجور في البلاد والذي لا يتجاوز 92,970 ليرة سورية لا يشكل سوى 4.1% من الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة من خمس أشخاص والتي بلغت 2,234,339 ليرة سورية) وفي حال تحرير أسعار السلع في السوق، فإن أسعارها ستتضاعف مرات ومرات بمقابل "ارتفاع" الأجر اسمياً إلى 500 ألف ليرة مثلاً. وبالتالي، فإن أية عملية رفع اسمية للأجور لا تضمن رفع القيمة الحقيقية للأجر إيجابياً فإنها ليست سوى "ضحك على اللحى".

صحيفة قاسيون 

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني