تدهور الأوضاع المعيشية يضاعف أعداد المتسولين في شوارع المدن اللبنانية

تدهور الأوضاع المعيشية يضاعف أعداد المتسولين في شوارع المدن اللبنانية

ضاعفت الأوضاع المعيشية المتردية، والانهيار الاقتصادي والارتفاع الجنوني لأسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية من أعداد المتسولين في شوارع المدن اللبنانية.

ولا يخلو شارع أو ساحة من وجود أعداد كبيرة من المتسولين، كل يمد يده للتسول لعذر أو لسبب خاص به، لكنها بالعموم، هي حالات الفقر والعوز والغلاء والبطالة التي وصلت إلى نسب لم يعد بالإمكان تحملها، وهي تتجه إلى المزيد من التفاقم.

بعض القطاعات الشعبية اللبنانية أو الفلسطينية، والسورية، ربما ما زال في مقدورها التحمل وتمتلك ثمن رغيف الخبز بعد أن ارتفع ثمن الربطة (8 قطع) 1500 ليرة لبنانية، أما اليوم فقد تجاوز ثمنها 30 ألف ليرة، حيث يعتمد البعض على ما يرسله له شقيقه أو ابنه من الخارج، ويعتمد بعض آخر على مرتبه بالعملة الأجنبية، لكن عموم الناس، وصلت إلى مرحلة لم تعد تطاق.

في سوق صبرا  قرب بيروت يسأل أحدهم عن سعر الخضار أو الفواكه، يجد أن السعر قد تضاعف عن الأمس، فيواصل طريقه دون شراء حاجته.

وسوق صبرا، هو شارع يمتد من مخيم شاتيلا إلى محطة الدنا في الطريق الجديدة، سوق يقصده الفقراء لشراء حاجاتهم من خضار وفواكه ومواد استهلاكية أخرى، نظرا للأسعار غير المرتفعة كما يعرف منذ ما قبل 1982، ورغم ذلك فالأسعار تضاعفت كثيرا عما كانت عليه قبل ثلاث أو أربع سنوات.

الأسعار جنونية كما يقول “عدنان” ومرتبه الشهري لا يكفي لشراء خبز، ويتساءل: كيف لنا أن نعيش في هذه الأوضاع، مضيفا كيف لنا أن نطعم الأولاد، ونسجلهم في المدارس ونشتري لهم الدواء.

وختم قائلا إن الحياة أصبحت قاسية جدا، ولم يكن في مخيلتنا أنها ستصل إلى هذا الحد، إلى حد رغيف الخبز والدواء.

أحد الباعة المتجولين في سوق صبرا قال: نحن بائعون بسطاء وفقراء مثل هذا الشعب ومن هذا الشعب، نحن نشتري من التجار الكبار هم الذين يرفعون الأسعار، ويحددون ثمن هذه المادة أو تلك، خاصة بعد انهيار العملة اللبنانية، ورفع الدعم الرسمي عن السلع.

في سوق صبرا أيضا يتوزع المتسولون عند الزوايا وأمام المحلات، يمدون أيدهم طلبا لصدقة، أو يحملون ورقة يصفون فيها حالتهم أو ورقة دواء من طبيب أو اسم علبة حليب لم تتمكن من شرائها لطفلها.

لا أحد منهم يريد الكلام، ويرفضون التصوير، بل يطلبون المال والمساعدة، وقالت امرأة تحمل طفلها قرب مسجد الدنا وسط سوق صبرا، “أحتاج لدواء لابني المريض، أحتاج لرغيف خبز أطعمه وأطعم نفسي ولو بدون طعام”.

أمام مدخل جامعة بيروت العربية في الطريق الجديدة وتحت جسر الكولا تضاعف عدد المتسولين بصورة ملفتة،  أحد مكاتب الصيرفة قرب مبنى “النصر” قال إنهم حقا فقراء، لا يملكون المال، يحتاجون للقمة عيش ولدواء، لم يعد الشعب يسأل عن قسط مدرسة أو لعبة لولده، بل يحتاج لدواء وطعام، لذلك كان المتسولون قبل أشهر قليلة أقل من الموجود الآن، ولو عدتم بعد أشهر ستجدون الأعداد مضاعفة، وقال وهو يشير بيده “اذهبوا إلى هناك حيث تقف باصات (اوتوبيسات) النقل وسترون من يستلقي على الأرض ويمد يده طالبا رغيف خبز”.

وفي مقر تابع لوزارة الاتصالات في شارع كورنيش المزرعة غرب بيروت، يصطف مواطنون لدفع فواتير الهاتف التي قررت الدولة اللبنانية زيادة أسعارها خمسة أضعاف، قال مهندس لبناني وهو ينتظر دفع ما عليه، “كانت فاتورة الهاتف الشهرية لي حوالي 200 ألف ليرة، اليوم أصبحت أكثر من مليون ومائة ألف ليرة، وتساءل كيف لنا أن نتحمل، وإذا كان في مقدوري دفع الفاتورة فمن أين سيدفع المواطن الفقير؟

وتابع القول “يطلبون منا التحمل والصبر، ولكن إلى متى، يدفعون الفقراء للتسول وارتكاب الجرائم، ويدفعون من لديه القدرة على السفر أن يغادر إلى غير رجعة، ولكن إلى أين؟”.

في مدينة صيدا الحال لا يختلف عن الوضع في بيروت، ففي صيدا يتوزع المتسولون في سوق الخضار، وشارع الأوقاف، وساحة النجمة، وشارع المصارف، وتقاطع سبينس وتقاطع إيليا.

امرأة تقف مع ابنتها عند إشارة السير تقاطع إيليا، وعند لحظات الاشارة الحمراء، تطرق الزجاج، تسأل عن صدقة، وتشير إلى فمها بأنها جائعة، البعض يقدم لها بعض النقود، وبعض آخر يقدم لها خبزا أو طعاما أو قطعة فواكه، تحتضنها وتركض تحت شجرة مقابل محل الناتوت، تأكلها بشراهة ثم تعود وتحاول مرة أخرى.

وفي صيدا أيضا وسط شارع الأوقاف، يجلس رجل تجاوز عمره السبعين عاما، يحمل ورقة طبيب كتب عليها اسم الدواء الذي يحتاجه بسبب مرضه، يقف يتسول ويستجدي المارة ليحصل على مبالغ صغيرة يمكن له جمعها لشراء الدواء.

أما في مدينة صور، فعشرات المتسولين يقصدون المطاعم والمقاهي والمسابح عند شاطئ البحر، يحاول أصحاب المقاهي والمسابح طردهم، لكنهم عبثا يحاولون، لأن في هذا التسول مصدر رزق ومكان يلتقط فيه الفقير لقمة عيش أو رغيف خبز أو مبلغا من المالي يشتري به دواء.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر