مركز لـ "الجامعة الافتراضية" داخل سجن عدرا.. محاولة للإصلاح قد تصطدم بـ "رد الاعتبار"

مركز لـ "الجامعة الافتراضية" داخل سجن عدرا.. محاولة للإصلاح قد تصطدم بـ "رد الاعتبار"

دمشق | رولا احمد

تجربة افتتاح مركز نفاذ للجامعة الافتراضية في "سجن عدرا المركزي"، اعتبرت خطوة رائدة، تعمل من خلالها وزارة الداخلية على تفعيل الدور الاصلاحي للسجون، وتحويل مدة العقوبة الى فترة اصلاح ذاتي واعادة بناء الحياة الشخصية للنزيل.. "المشهد" زارت السجن واطلعت على هذه التجربة عن كثب.

داخل السجن:

يؤكد العميد مقبل الحمصي في حديثه لـ المشهد : أن "تأسيس مركز نفاذ للجامعة الافتراضية ضمن سجن دمشق المركزي بـ"عدرا"، كان ثمرة التعاون بين وزارة الداخلية ووزارة التعليم العالي، وأن الفكرة لاقت اقبالاً كبيراً من نزلاء السجن، الذي سجلوا في المركز، مشيرا إلى أن المركز لا يقتصر على المرحلة الجامعية فقط وإنما دبلوم ودراسات عليا أيضاً،  كما إنه  ليس محصوراً بالنزلاء فقط، وإنما لكل الجهاز العامل داخل المؤسسة الذي يمكنه متابعة تحصيله العلمي، ومن الجنسين الذكور والاناث.

يضيف العميد الحمصي مبيناً ان شروط التسجيل في "مركز الامل داخل سجن عدرا" تماثل الشروط في مختلف المـركز التابعة للجامعة الافتراضية الأخرى، كما أكد أن الشهادة الجامعية التي يحصل عليها النزيل في المركز لا تحمل أي إشارة تدل على أنه تحصل عليها من السجن، منوهاً بأن  "النزيل" سيتمكن فيما بعد متابعة تعليمه في أي مركز خارج السجن بعد إخلاء سبيله و بالرسوم المخفضة نفسها.

وبحسب ادارة السجن وبالنظر لنجاح التجربة فإن هناك دراسة لإمكانية فتح مراكز نفاذ حامعية اخرى في بعض السجون في القطر اسوة بسجن عدرا مثل سجن حلب واللاذقية السويداء.

جامعة مركزية..

يكشف رئيس قسم التوجيه والتأهيل في السجن العقيد أيهم حمدان في حديثه لـ "المشهد اون لاين"، عن نقل جميع النزلاء المقبولين في مفاضلة الصيف الماضي من مختلف السجون في باقي النحافظات الى سجن عدرا، وعليه بلغ عدد النزلاء المتقدمين للجامعة الافتراضية لخريف عام ٢٠٢١ في سجن دمشق المركزي ١١٦ متقدم، والمقبول منهم في المفاضلة ٦٢.

أما تفصيل عدد الطلاب حسب البرامج الجامعية، بين أن عدد المقبولين لدراسة  الإعلام  ١٣ نزيلا، و٢٢ قبلوا في دراسة الحقوق، وخمسة في "علوم الإدارة"، و أربعة في دبلوم التأهيل التربوي، كما قبل ١٨ متقدما من بينهم ٣ نساء في "المعهد التقاني للإدارة الأعمال"، ووضعت إدارة سجن عدرا المركزي الطلاب ضمن جناح خاص لتأمين الجو العلمي الخاص، كما تم الإسراع بتلبية جميع طلباتهم لكن ضمن القانون وسُمح لهم باستخدام مواقع النت لتلبية الحد الادنى من الحاجة العلمية للطلاب، لانها بالاساس محجوبة من قبل الجامعة وادارة السجن الا لموقع الجامعة الافتراضية).

ويشير "حمدان"، إلى منح المتفوقين امتيازات خاصة على شكل مكافأت مادية ومعنوية، وسُمح لهم بالزيارات الخاصة، وفيما يخص المناهج فقد نوه "حمدان"، إلى إمكانية تأمينها بشكل مطبوع من قبل ادارة السجن ولكن على نفقة السجين ويتم حاليا التنسيق مع جمعية رعاية السجناء لإمكانية تأمينها بشكل دائم على نفقتها.

من جهته قال المدير التنفيذي لجمعية رعاية المساجين حسين الديري في حديثه لـ "المشهد": "يتم دراسة موضوع تقديم الدعم للنزلاء الراغبين بالتسجيل  من خلال دفع رسوم الجامعة للطلاب الفقراء منهم والذين لايملكون أقساط التسجيل وذلك  بعد قيام ادارة السجن بدراسة الوضع المادي والاجتماعي  للطالب السجين لبحث إمكانية تولى الجمعية الدفع عنه.

تجهيزات المركز..

يبين المهندس سامي غرلي رئيس قسم المعلوماتية بإدارة السجون للمشهد وهو مشرف مركز نفاذ الجامعة الافتراضية في سجن عدرا ومدرس فيها، يبين لـ "المشهد" أنه تم تجهيز مركز "الامل"  ب 31 حاسب محمول بشبكة LAN واحدة مرتبطة بكبل ضوئي مع الجامعة الافتراضية كما تم تزويد المركز بخدمة الانترنيت بسرعة 10 mbps وتم تجهيز البنية التحتية من طاولات وخزن بمواد اولية على نفقة وزارة الداخلية (قيادة شرطة محافظة دمشق) وتصنيعها ضمن ورشات السجن
وفيما يخص الحسومات والتخفيضات للنزلاء  أشار غرلي إلى إن مجلس أمناء الجامعة الافتراضية وافق على إعطاء حسم بنسبة 30 بالمئة على كل الرسوم والبدلات للنزلاء في السجن تشجيعاً لهم.

هواجس الطلاب "النزلاء"

"المشهد" التقت بعدد من النزلاء الذين سمح لهم المركز استكمال تحصيلهم العلمي، وتعرفت أكثر على بعض هواجسهم ومدى الفائدة التي وفرها لهم، يشير النزيل (م - أ) ٤٣ عاما خريج جامعة حلب/ هندسة حاسبات ٢٠٠٣ تم توقيفه قبل مناقشة رسالة الماجستير ادارة تقانة، الى انه وجد في مركز الامل فرصة لاستئناف دراسته والحصول على الماجستير في تقنيات الويب.

بينما النزيل (ب _ س) حصل على إجازة بتقانة المعلومات BAIT من الجامعة الافتراضية ويستأنف حاليا في دبلوم التأهيل التربوي، تمنى عبر موقعنا على الجهات المختصة إمكانية تخفيض مدة العقوبة للثلث كون حصول المحكوم على شهادة جامعية يعتبر خطوة كبرى باتجاه اصلاح نفسه لإعادة اندماجه بالمجتمع بصورة صحيحة.

في حين أن النزيل (و _ ا)  ٣٢ عاما، والذي حصل على شهادة التعليم الأساسي والثانوي في السجن وحاليا طالب حقوق رغم انه يعاني من وضع مادي سيء، استأنف تعليمه، لفت الى ان من دفع رسوم الجامعة له هو صديقه السجين( ع _ ا)، ويقوم بشكل يومي بنقل المقررات من الحاسب إلى دفتر خاص به  لعدم قدرته ع شراء المحتوى العلمي.

النزيل ( م _ش_ أ)  ٢٠ عاما، وهو طالب في السنة الاولى من كلية الحقوق، يقول انه يعيش حالة من القلق حيال مصيره بعد حصوله على شهادة الحقوق، ويبوح عبر المشهد: " ما الفائدة ان كنت لن استطيع التقديم على وظائف الجهات العامة لدى الدولة  ولا استطيع الحصول على ترخيص من نقابة المحامين كوني لا استطيع الحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك ( لاحكم عليه)  قبل انقضاء، فترة سبع سنوات!.  

تخفيض العقوبة لايعني ابدا تخفيض المدة الواجب انقضائها قبل ان يستطيع المحكوم رد اعتباره

وحول تلك الهواجس يوضح المحامي الأستاذ منيب هايل اليوسفي لـ "المشهد" بأن تخفيض مدة العقوبة نتيجة حسن السيرة والسلوك واتجاه المحكوم باتجاه الاصلاح لايعني ابدا تخفيض المدة الواجب انقضائها قبل ان يستطيع رد اعتباره، لافتاً الى أن رد الاعتبار له شروط معينة وهي: "بعد  تنفيذ العقوبة أو انقضاؤها بالعفو الخاص أو بالتقادم يجب مرور مدة معينة تسمى مدة التجربة، وهي سبع سنوات في الجنايات وثلاث سنوات في الجنح، وتضاعف مدة التجربة أي تصبح أربعة عشر عاماً في الجنايات وستة أعوام في الجنحة، إذا كان المحكوم عليه مكرراً أو سبق له أن منح إعادة الاعتبار.

اعادة اندماج السجين بالمجتمع يعتبر خطوة جيدة لضمان عدم سيره مجددا في طريق الخطأ

وتشير دراسات عديدة إلى أن احتمالات عودة السجناء الذين حصلوا على تعليم عال وتدريب مهني إلى السجن بعد إطلاق سراحهم أقلُّ بكثير مقارنة بأقرانهم الذين لم يحصلوا على هذه الفرص أثناء فترة حبسهم، وبناء على ذلك واستنتاجا مما ورد مسبقا، يفترض أن تكون هناك مرونة أكثر فيما يتعلق  بتحديد مايسمى مدة التجربة  لإعادة الاعتبار، كأن يترك هذا الموضوع للجنة قضائية مختصة تنظر في أمر السجين المفرج عنه لتحديد إمكانية اعادة اعتباره بغض النظر عن المدة المشار إليها بنص قانوني، ( ٧ سنوات للجناية _ ٣ سنوات للجنحة)، فتسريع اعادة اندماج السجين بالمجتمع يعتبر خطوة جيدة لضمان عدم سيره مجددا في طريق الخطأ في حال عدم مقدرته على ايجاد عمل يضمن به العيش الكريم نتيجة وصمة وضعه القانوني.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر