نحن وأولادنا إعلامياً.. الفضاء الرقمي فرصة حقيقية للاستثمار التربوي

نحن وأولادنا إعلامياً.. الفضاء الرقمي فرصة حقيقية للاستثمار التربوي

جميلة توفيق الفرحان | المشهد

من هم أولادنا؟!.. وما هي الاستراتيجيات الأنسب لمخاطبتهم إعلامياً؟.. وأين المؤسسات الحكومية التربوية والإعلامية من ذلك؟.

"الجيل Z" مسمى يُطلق على الأفراد المولودين بين أعوام 1997 - 2015.. (أعمارهم حالياً بين 7 و25 عاماً).. هم أول جيل ولد بعد التبني الجماعي للإنترنت.. ويمثّلون أكبر مجموعة من المستهلكين المستقبَليين.. وقد اهتم المخططون والمسوِّقون بإجراء الأبحاث والدراسات لتحديد صفاتهم ورسم الخطط والسياسات لكسب عقولهم وقلوبهم وجيوبهم، والتأثير فيهم لتكوين الآراء والمعتقدات والأفكار من خلال التكيف مع أنماط استهلاك هذا الجيل للمحتوى واختلافاتهم الإيديولوجية..

ما هي الاستراتيجيات الأنسب لمخاطبتهم إعلامياً؟
* التواجد على المنصات والوجهات المفضلة لهم على الإنترنت وإغنائها بالمحتوى الجذاب، حيث حدد تقرير Statistaللعام 2020 وجهاتهم المفضلة ب: 
Instagram, YouTube, TikTok, Snapchat, Reddit, Twitch.
ويعتبر الفيسبوك الأقل شعبية.

* الابتعاد عن الخطاب التقليدي والتركيز على وسائل التواصل الاجتماعي: فقد نشأوا مع وسائل التواصل الاجتماعي ومن غير المرجح أن يتأثروا بأساليب التسويق المباشر لأنهم اكتسبوا مناعة بسبب التعرض المستمر للرقمية، حيث توضح بيانات Ofcom عن استخدام الوسائط الاجتماعية للعام 2019 أن 70-74٪ من أعضاء الجيلZ لديهم ملف تعريف على وسائل التواصل الاجتماعي منذ عمر 12 سنة.

* تغليف المعلومات الجدية بقوالب جذابة: يملك هذا الجيل مصادر لا نهائية للمعلومات، ويستطيع التنقل من شاشة إلى أخرى بشكل سريع للحصول على المعلومة، ويفضل المواقع التي تجمع الأخبار من أماكن مختلفة وتدمج الأخبار الخفيفة والثقيلة معاً.

* الرسائل المبتكرة: لا يستغني أفراد هذا الجيل عن هواتفهم الذكية، ويمتازون باستهلاكهم الكبير للمعلومات وسرعة التنقل بينها ولا يشد انتباههم إلا ما خرج عن المألوف. 

* الإيجاز: لأنهم لا يحتملون الانتظار، فإما أن تشد انتباههم خلال الثواني الأولى من الرسالة الإعلامية أو ينصرفون إلى محتوى آخر، فقد أكدت الدراسات أن قدرة أفراد هذا الجيل على التركيز هي 8 ثواني، لذلك نجد أن مدة الفيديو على سناب شات 10 ثواني، والإعلان على يوتيوب هو اول خمس ثواني لكسب انتباههم وتركيزهم. 

* الإفادة من المؤثرين الاجتماعيين: شهدت ظاهرة قادة الرأي تغيّراً مع بروز الإنترنت، وتحول مركز الثقل من الخطيب والأمير وشيخ القبيلة في عصر الاتصال المباشر إلى الفنانين والممثلين في عصر الوسائل التقليدية، لنصل الآن إلى المؤثر الاجتماعي وهو شخص مميز في طرحه للمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتبعه عدد هائل يصل إلى الملايين أحياناً، ويمكن الاتفاق معهم بين الحين والآخر لبث رسائل هادفة ضمن سياق استراتيجية إعلامية منظمة، لكن يجب توخي الموضوعية والشفافية في الرسالة الإعلامية لأن أفراد هذا الجيل أكثر وعياً للرسائل المزيفة والملفقة.

 * تكوين مجتمع رقمي يضمهم: يتأثر أفراد هذا الجيل بالمراجعات وتعليقات رجع الصدى الموجودة على الانترنت، لذلك يجب الحرص وأخذ تعليقاتهم واقرانهم الإيجابية والسلبية بجدية والتفاعل معهم بوعي، والسعي لتكوين مجتمع يضمهم على الإنترنت. 

* وفقاً لغوغل.. يقصد 85% منهم الفيديو أي يوتيوب وليس نتفلكس، عند البحث عن المنتجات أو الترفيه أو الهروب من الضغوطات أو الاستعداد للمستقبل، أي يفضلون المحتوى الترفيهي الممزوج بالجدية ولا تستهويهم الأفلام الطويلة كثيراً.

هؤلاء هم أولادنا.. 
 هم جيل رقمي نما وترعرع وسط التكنولوجيا.. يستخدمها بسلاسة وتلقائية دون الحاجة لتدريب عليها، فقد أكدت الإحصاءات أن 96% من أفراد هذا الجيل يملكون هاتفاً ذكياً، أو لديهم وصول للإنترنت، وهي نسبة مرتفعة مقارنةً مع عمرهم، كما بيّنت إحدى الدراسات أن 100% من أفراد هذا الجيل متصلون بالإنترنت مدة ساعة يومياً، وأن 75 %منهم يفتحون الإنترنت خلال ساعة من استيقاظهم، وأن 25% منهم يفتحون الإنترنت بعد 5 دقائق من استيقاظهم، يعكس حرصهم على سرعة الاتصال بالإنترنت رغبة عميقة بالبقاء على اتصال مع الأصدقاء والمعارف وحتى الأخبار على مدار الساعة، يتصرفون بطريقة متشابهة في مختلف أنحاء العالم، مع نزعة للحفاظ على هويتهم الذاتية، وينظرون إلى الوظيفة كوسيلة لتحقيق غايات مادية أكثر من اهتمامهم بكونها عمل محبب وآمن يوفر دخلاً ثابتاً، لديهم قابلية كبيرة التغيير إذ أنهم اعتادوا على الإيقاع السريع المصاحب للتغييرات التكنولوجية، وغالباً هم لا يميزون بين حياتهم الواقعية والرقمية.
هم جيل أفضل تعليمياً ولكنه أقل احتفاظاً بالمعلومات في الذاكرة، وقد مكنتهم التكنولوجيا من الحصول على المعلومات بسرعة وبلا حاجة حتى لمعرفة الكتابة بسبب توفر خدمة البحث الصوتي.

هل تعي المؤسسات التربوية مسؤوليتها الإعلامية؟

محلياً يتواجد التربويون في المجتمع الرقمي ويشغلون فضاءه بأخبارهم وواجباتهم المنجزة، دون مخطَط إعلامي تربوي واضح، يستثمر وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة العملية التربوية والتعليمية، ويستفيد منها لتعزيز القيم الإيجابية وترسيخ الوعي الاجتماعي.. 

سواء اعترفنا بذلك أم تجاهلناه...! يفرض التطور التقني في تكنولوجيا الاتصال واستهلاك المعلومات تغييرات اجتماعية، وهو ما أكده المنظِّر الإعلامي المعروف "مارشال ماكلوهان" منذ عقود من خلال طرحه لنظرية "الحتمية التكنولوجية"، حيث قال: "الوسيط يغيرنا ويؤثر على البنية الفردية والاجتماعية لأننا نتفاعل معه مراراً وتكراراً حتى يصبح جزءاً من أنفسنا"، وبرهن على ذلك تاريخياً من خلال ربط بعض الظواهر بتكنولوجيا الاتصال عندما قال: "إن النمط الخطي الذي فرضته المطبعة أثَّر حتى على طريقة اصطفاف التلاميذ في المدرسة، وعلى جلوسهم في القاعة بشكل خطي بعد أن كانوا يجلسون متحلِّقين في التعليم الديني الذي ساد عصر ما قبل المطبعة".

فهل تتنازل المؤسسات التربوية الحكومية عن عرش المثالية النظرية إلى عمق المثالية الواقعية؟؟ وهل تدرك الحاجة إلى إعلام تربوي يستثمر ويمزج بين جدية التربية وجاذبية الفنون الإعلامية لإغناء الفضاء الرقمي بمحتوى هادف أخلاقي قيّم وتوجيه دفته نحو الصواب!! أم نترك سفننا تتخبط وسط رياح توجهها نحو ما يشتهيه الآخرون لمجتمعاتنا وأولادنا...!!


المراجع:
https://www.insiderintelligence.com/insights/generation-z-facts/

https://www.pewresearch.org/social-trends/2020/05/14/on-the-cusp-of-adulthood-and-facing-an-uncertain-future-what-we-know-about-gen-z-so-far-2/

Business insight التسويق إلى الجيلZ

مصطلحات هارفارد بزنس ريفيو

https://vivaldigroup.com/en/publications/gen-z-opportunities/

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر