على سيرة الـ85 ألف فرصة عمل .. كيف تحولت الوظيفة الحكومية من "بريستيج" إلى "تسكيج"

على سيرة الـ85 ألف فرصة عمل .. كيف تحولت الوظيفة الحكومية من "بريستيج" إلى "تسكيج"

المشهد – ريم ربيع

فتحَ الإعلان عن مسابقة لتوظيف أكثر من 85 ألف شخص الباب على تساؤلاتٍ كثيرة حول صورة الوظيفة الحكومية وما آلت إليه اليوم إثر كل التحولات والمتغيرات الأخيرة، فقد خسرت "ضمانة المستقبل" معظم مغرياتها بعد أن أصبح الموظف "الأكثر تعتيراً" على قائمة العمل، وتحول موقعه الاجتماعي من "الاستاذ ابن الحكومة" إلى "المسكين" الذي تجوز عليه الصدقة.

اختلفت صورة الموظف بعين بيئته وقريته أو مدينته، فكانت الوظيفة الحكومية ضرورة حتمية لاكتمال البريستيج، فيما تخلى كثر من أبناء الريف عن عائلاتهم وبيوتهم وأراضيهم طمعاً بوظيفة تؤمن لهم مستقبلاً مضموناً، وكان أهالي القرية يحترمون الموظف علا منصبه أم دنا فهو بكل الأحوال "موظف دولة"، كما كان شرطاً أساسياً للفتيات أن يكون المتقدم لخطبتهن موظفاً يضمن لهن حياةً كريمة، ومن ليس موظفاً ولا يتقاضى راتباً ثابتاً فإن عمله دائماً مهدد وغير مستقر.!

وفي واقع الحال لم يكن الموظف يوماً "ملكاً" كما ينظر إليه فئة من الناس، لكن في أقل الأحوال تمكّن من تأمين مستوى معيشي جيد، غير أن الصورة الاجتماعية كانت أكثر أهمية له من الجانب المادي، وشكّل الراتب التقاعدي "الطمعة" الأكبر للمحظيين بوظيفة مستقرة، مما جعل الإقبال على التوظيف أكبر من الرغبة بتعلم مهنة أو اكتساب خبرة معينة، وبقيت النظرة إلى المهن الأخرى فيها شيء من الاستعلاء والتكبر خاصة من حاملي الشهادات.

أما اليوم، فإن الفرق بين المعيشة التي يعيشها الموظف وبين غيره من العاملين في أي مهنة أخرج طموح الوظيفة من المعادلة، إذ أصبحت مجرد "تسكيج" للعمل الآخر وليس العكس، ففي ترتيب الدخل الذي يحصل عليه أي عامل في أي مجال كان، نجد أن الموظف في أدنى درجات السلم مهما علت شهادته الجامعية، أو منصبه الوظيفي، وبات يستجدي أية فرصة أخرى ولو البيع على بسطة صغيرة في حي شعبي، وهو ما نلمسه يومياً من خلال الاحتكاك مع الموظفين اللاهثين وراء "منصب" حراسة أو بيع أو توصيل أو سيارة أجرة وأي عمل يؤمن لهم وجبتين يومياً على أقل تقدير.

يقارن اليوم "أبو عماد" المتقاعد الستيني الذي لا يتجاوز راتبه التقاعدي بعد 35 سنة من الخدمة 90 ألف ليرة نفسه مع ابنه الشاب الذي يتقاضى إثر عمله حارساً على باب أحد الفنادق 500 ألف ليرة، لم يعد أبو عماد يتمنى لابنه أن يكون موظفاً كما فعل هو حين تخلى عن عروض عمل "الخاص" طمعاً بالاستقرار والتقاعد المضمون، فهو بات يدرك أن الوظيفة لن تؤمن له أكثر من رغيف الخبز يومياً، والاستقرار الوظيفي لن يؤمن له استقراراً في الحياة أو مسكن لائق.

وفي نظرة سريعة إلى ما يتقاضاه عمال "الخاص" أو حتى أصحاب المشاريع الصغيرة الشخصية، يتضح الوضع المزري الذي وصل إليه الموظف، وهو يفاجأ يومياً بأن الحارس يتقاضى 500 ألف وعامل "الديليفري" يتقاضى 200 ألف أسبوعياً، وصاحب بسطة صغيرة يحصل 50 ألف يومياً، ذلك فضلاً عن خريجي الجامعات كالمهندسين الذين يتقاضون في مؤسسة حكومية 80 ألفاً فيما يبدأ راتبهم في أية شركة خاصة من 600 ألف كحد أدنى.

ومع ذلك كله استحوذ الإعلان عن المسابقة على اهتمام الفئة الشابة لاسيما العاطلين عن العمل منهم، على مبدأ "الرمد أحسن من العمى"، فالمهم ضمان راتب ثابت ومن ثم يمكن تأمين مصدر دخل آخر، لاسيما مع الفرص الكبيرة المتاحة للعمل عن بعد في كل المجالات، حيث يتوجه معظم الشباب للعمل أون لاين مع شركات سورية وعربية وأجنبية بمقابل مادي جيد إلى ممتاز.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر