السكر المُحتكر يعري الهيئة النائمة بالعسل.. "المنافسة ومنع الاحتكار" من هيئة مستقلة إلى موظف شكاوى.!

السكر المُحتكر يعري الهيئة النائمة بالعسل.. "المنافسة ومنع الاحتكار" من هيئة مستقلة إلى موظف شكاوى.!

المشهد | ريم ربيع

أثار ملف احتكار السكر الذي تضج به الأسواق اليوم أسئلة –قديمة جديدة- حول دور هيئة المنافسة ومنع الاحتكار التائهة بين غبار الإهمال والتهميش، فما يقوم به وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك من متابعة مباشرة للقضية ونشر المستجدات عبر صفحته على "فيسبوك" كان الأجدى بالهيئة المعنية بالموضوع "اسماً" أن تتولى المتابعة والإشراف عليه ولو شكلياً على الأقل كواحدة من مسؤولياتها وواجباتها، إلا أن اسمها ظل غائباً ولم يأت أحد على ذكره.

طيلة السنوات الماضية والاحتكار يخنق الأسواق السورية أمام مرأى الجميع، مرة بالسكر ومرة بالرز والشاي والمتة والزيت وهي مواد يصنف معظمها من الأساسيات، ومع ذلك كان الإصرار في كل مرة على رفض إطلاق توصيف "احتكار" لما يحدث في السوق، فوزارة التجارة الداخلية اعتبرتها "ممارسات سلبية"، ووزارة الاقتصاد ظلت تصرّ على بياناتها المتضمنة أسماء عشرات المستوردين وليس قلة كما يشاع، أما هيئة المنافسة ومنع الاحتكار فكان آخر تصريح لمديرها منذ عدة أشهر بأن السوق السورية لم تشهد أية حالة احتكار حيث بقيت المواد متوفرة ولم يفقد أي منها، وهو موقف تكرر من عدة مسؤولين عبر تباهيهم بتوفر المواد ولو بأسعار مرتفعة بدل فقدانها تماماً، أي على مبدأ "الرمد أحسن من العمى".

اليوم يعتبر كثيرون أن مصارحة وزير التجارة الداخلية وتوصيفه لما حدث من احتكار للسكر بشكل دقيق حالة جديدة وإيجابية (رغم النتائج المتواضعة)، أي أنه –على الأقل- اعترف بما يحدث وأشار إلى كبار المستوردين والمحتكرين بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى أن انتشرت اليوم معلومات حول عدد من الضبوط المنظمة بحق أحد كبار مستوردي المادة، والتي بدورها منظمة من قبل الوزارة لا من هيئة المنافسة، فهي كانت ومازالت غائبة عن المشهد بشكل كامل.

أما ردود وزارة الاقتصاد -والتي تؤيدها هيئة المنافسة- بأن إجازات الاستيراد والبيانات المسجلة تثبت أن المستوردين بالعشرات والمئات ولا أحد يحتكر أية مادة، فقد ثبت أنها لا تتجاوز الحبر على الورق..! فعشرات المستوردين لم يتمكنوا من الوقوف بوجه ثلاثة أو أربعة من كبار التجار ممن احتكروا السكر وأخفوه من الأسواق لرفع سعره وفق أهوائهم، وهذا ينطبق على جميع المواد الأساسية والكمالية، فهل قدمت الهيئة أية دراسة أو تحليل أو معالجة لهذه الظاهرة.؟ بما أن أحد مهامها دراسة حالة الأسواق وتقديمها للجهات المعنية لمعالجتها.

بالتأكيد لا بد من الإشارة إلى أن ترهل عمل الهيئة ليس نابعاً منها وحسب، بل من التضييق عليها ومحاصرتها وتجريدها من صلاحياتها والتعتيم بشكل كبير على عملها، فمنذ إلحاقها لتكون تابعة إلى وزارة التجارة الداخلية وليست مستقلة بدأت مهامها تتلاشى واحدة تلو الأخرى، حتى التقارير الدورية التي تعدها عن حالة الأسواق يمنع عليها نشرها أو إعلانها، بل ترسل إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لتطوى وتنضم إلى الأرشيف المغبرّ، فذلك بات عمل الهيئة مقتصراً على انتظار هاتف الشكاوى ليرنّ مرتين أو ثلاثة على مدار العام!.

 أما فيما يتعلق بالمنافسة فهي حسب توصيف التجار شبه معدومة في السوق، حيث لا يمر لقاء معهم دون أن يطالبوا بفتح باب المنافسة لخفض الأسعار، معتبرين أن إصرار وزارة التجارة الداخلية على التسعير المركزي يقف بوجه أية فرصة لخفض الأسعار، ومع ذلك كانت وماتزال مطالبهم موجهة لوزارة التجارة وليس إلى هيئة المنافسة التي سبق وأوضحت بلسان مديرها بأن التجار واللاعبين في السوق يفضلون حل مشكلاتهم ودياً وبشكل شخصي بدل اللجوء إليها والدخول بدوامات المحاكم!.

 تنظر الهيئة اليوم إلى الدول المجاورة والدور الفاعل لهيئات المنافسة فيها بعين الحسرة، معولة على تعديل القانون الحالي ليعود لها دورها ومكانتها المهدورة، إلا أن الواقع لا يقتصر على قانون وحسب، فتفعيل دورها مجدداً بحاجة قرار حقيقي وليس قانون.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني