الدعم وأزمة الثقة

الدعم وأزمة الثقة

منذ مطلع السبعينات عملت الحكومات السورية بناء على المسار السياسي والنهج الاقتصادي الذي رافق الحركة التصحيحية على إيلاء الوضع المعيشي للمواطن السوري أهمية خاصة وكان الدعم هو الأداة الأكثر استخداماً في تحسين الوضع المعيشي فدعمت الحكومات الخبز والكهرباء والمشتقات النفطية والمواد الغذائية الأساسية كالرز والسكر والزيت. و لم يشكل الدعم ضغوطاً كبيرة على الحكومة لأسباب عديدة ابرزها:

تصدير النفط الخام السوري وانخفاض أسعار النفط عالمياً.

ارتفاع إنتاج سورية من القمح الذي كان يغطي الاحتياجات المحلية لسنوات.

عدم وجود ظاهرة التهريب للمشتقات والقمح خلال عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات نتيجة ظروف الوفرة في الدول المجاورة.

خلال السنوات التي سبقت الحرب في سورية بدأت الظروف بالتغير : حيث بدأ إنتاج النفط الخام السوري بالإنخفاض وبدأت أسعار النفط بالإرتفاع وأصبح موضوع تلبية احتياجات المواطنين من المازوت يشكل عنصراً ضاغطاً على الحكومة السورية هذا من جهة ومن جهة أخرى بدأت الظروف السياسية الدولية بالتغير لا سيما بعد هجمات أيلول فتراجعت الاستثمارات الخارجية وصولاً إلى الحرب الكونية في سورية المتمثلة نتائجها الاقتصادية بـ

حرمان الموازنة العامة للدولة من أهم مواردها وإيراداتها المتمثلة بالنفط والقمح .

ارتفاع تكاليف تأمين المواد الأساسية نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية وظروف الحصار والعقوبات .

هذه العوامل دفعت الحكومة السورية ودفعت المتابعين للشأن الاقتصادي إلى التفكير ملياً في السياسات المتبعة وصولاً إلى نتائج يستطيع أي مواطن التوصل إليها من خلال الإمعان في التفكير:

يستفيد جميع المواطنين من الدعم بغض النظر عن ملكياتهم ودخولهم.

تستنزف الكهرباء من الفئات الأكثر دخلاً بأسعار بخسة لا تعادل نسبة تذكر من أسعار التكلفة.

أصبحت تكاليف الدعم تشكل عبئاً هائلاً على كاهل الموازنة العامة للدولة.

لم تعد الحكومة قادرة على الاستمرار بنفس السياسات السابقة.

الحكومة تعطي انطباعاً أنها لا تملك رؤية واضحة في آلية إدارة الملف أو لا تملك القدرة على مصارحة الجمهور بحقيقة الوضع والتصور نحو المستقبل:

فمن جهة تملك قناعة كاملة أنها لا تستطيع الاستمرار بالوضع الحالي. ولديها معطيات ودراسات بأن ادارة الملف بطريقة ممنهجة سيكون لها آثار ايجابية كبيرة على الطبقات الأكثر فقراً.

ومن جهة ثانية ولأسباب لايعلمها إلا الله لا تملك الجرأة لمخاطبة المواطنين بالحقيقة الكاملة.

وهنا أتساءل كأي اقتصادي: لماذا لا يخرج الفريق الاقتصادي ويعقد مؤتمراً صحفياً يسمي الأشياء بمسمياتها أي يعلن مقدار ما تتحمله الحكومة من الدعم لكافة المواد المدعومة وآلية استنزاف وسرقة هذه المواد والاسترتيجية الحكومية في حال رفع الدعم وكيف سيتم تحويل الوفر المحقق إلى الطبقات الأكثر فقراً؟

المشكلة الحقيقية في موضوع الدعم هي مشكلة تواصل بين المواطن والحكومة فالمواطن لديه قناعة أن إجراءات الحكومة فيما يتعلق بالدعم ستضر بمصالحه وتزيد من معاناته وبؤسه والحكومة لا تعير موضوع تغيير قناعات المواطن أي اهتمام ولو نجحت الحكومة بإيصال أفكارها برأيي سيكون هناك تشجيع واسع لأن ما نشاهده من اعتراضات على شبكات التواصل الاجتماعي هو نتيجة تشوه المعلومات المقدمة واستغلالها من بعض من لهم اغراض بخلق الفوضى والبلبلة في سورية .

هناك أزمة ثقة بين المواطن والحكومة فالحكومة تعتبر أن مواضيع الدعم مواضيع حساسة لا يجب الحديث عنها بالتفصيل علناً لحساسية المواضيع بالنسبة للمواطن والمواطن تصله الحقائق مشوهة بشكل يزيد من مخاوفه وموضوع الغاز خير دليل على ذلك.

إن المرحلة التي نمر بها مرحلة دقيقة وحساسة وتحتاج إلى ٦ان يكون المواطنون السوريون أدوات رافعة للحكومة في مواجهة ظروف الحرب والحصار والعقوبات وهذا لن يتحقق بدون اتباع الحكومة للشفافية مع المواطنين بالشكل الذي أشار إليه السيد الرئيس في الاجتماع الاول مع الحكومة الحالية.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني