كيف اختفت الطبقة الوسطى.. أسباب ومسببات!..

كيف اختفت الطبقة الوسطى.. أسباب ومسببات!..

تحقيقات

دمشق - محمد الحلبي

 

تُعتبر الطّبقة الوسطى المحرّك الأساسي لإقتصاد المُجتمعات، ويُقاس رُقيّ المُجتمعات بإستقرار حياة هذه الشّريحة من النّاس كونها تُشكّل القاعدة الإجتماعيّة الكُبرى فيه، وهي الشريحة المُستهدفة من قِبَل رؤوس الأموال، وكذلك من قِبَل الفقراء للوصول إليها للعيش حياة مستقرة..وفي سورية وتحديداً قبل عام ٢٠١١ لم يكن هناك فقير بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة.. إذ لم يكن هناك ثلّاجة تخلو من قطعة لحم أو فروج نيء أو من مؤنة الشّتاء على أقل تقدير حتى في أسوء مناطق السّكن العشوائي في البلاد، ليشكّل عام ٢٠١١ مُنعطفاً خطيراُ ومنحدراً راح يهوي بهذه الشّريحة التي استطاع القليل منهم النجاة واللحاق بركب طبقة الأغنياء ورؤوس الأموال، وهي شريحة أثرياء الحرب ومجدّداً أثرياء الأزمات، فيما القسم الأكبر من هذه الشريحة تزاحم مع شريحة الفقراء في القاع، لتتّسع قاعدة الفقر في البلاد وتُمحى الطبقة الوسطى من تاريخه...

أسباب انهيار الطبقة الوسطى:
أسباب عديدة جعلت الطبقة الوسطى تنهار وتغرق في بحر الفقر رغم بحثها عن طوق النّجاة لكن دون فائدة..
ولعلَّ الحرب التي اجتاحت  البلاد على مدار العشر سنوات هي السّبب الرئيسي الذي تفرعت منه الأسباب الأخرى التي فشل المسؤولون بمعالجتها ومنها..
_أولاً: إنهيار القيمة الشرائيّة للّيرة السّورية وبالتّالي لم تَعد الرواتب قادرة على الّلحاق بركب الغلاء الذي عمّ البلاد.
_ثانياً: إلتحاق العديد من الشبّان بالخدمة الإلزامية والإحتياطيّة، وغالبية هؤلاء الشبّان هم من المعيلين لأسرهم، وبالتالي قل الوارد والمضاف على ميزانيّة هذه الأسرة، وتحميل أعباء الأسرة بأكملها لفرد واحد منها.
_ثالثاً: رفع الدّعم عن العديد من السّلع التي كانت تدعمها الحكومة ولو بشكل جزئي، فهذه المواد وإن كان سعرها أقل من الأسواق ب ٥٠% إلا أنها لا تتناسب مع قيمة الراتب لا سعراً ولا كماً، بل هي مساهمة بسيطة من الحكومة في دعم الفرد..
_رابعاً: تنافس المواطنين فيما بينهم على السلع والسكن والنقل، وكل مايمكن أن يخطر في بال البشر وله علاقة بالحياة المعيشية، وما أدى إلى زيادة الطلب وشح العرض بكل مقومات الحياة، وهذا مادفع بالبعض إلى دفع ثمن السّلعة أضعاف ثمنها الأصلي، كربطة الخبز مثلاً، حيث يصل سعرها إلى ١٠٠٠ ليرة سورية في السوق السوداء.. أي عشر أضعاف ثمنها الحقيقي..
_خامساً: تقاعس الحكومة عن الشروع بالعمل في العديد من المسائل الخدميّة كتأهيل البنية التّحتية في المناطق المحرّرة، ودفع المواطنين النّازحين وحثهم كخطوة أولى على العودة إلى محافظاتهم وقُراهم بعد تأمين الخدمات فيها، ما يخفّف الضّغط على المدينة، وبالتّالي يقل الطلب على جميع السّلع بدلاً من المنافسة عليها..
وخصوصاً مسألة إيجار العقارات وإستغلال أصحابها لحاجة النّاس.. وذلك أجدى من انشغال الحكومة بجباية الضّرائب وإرهاق المواطنين فيها، إذ غالباً مايتحمّلها المواطن الفقير عند السعي بالوصول إلى غايته، ولنا برسوم عقد الإيجار خير دليل على ذلك، عندما راح أصحاب العقارات يحملون المستأجر رسوم العقد، ويقبل بها المستأجر خوفاً من خسارة العقار المؤجّر..

عودة الحياة للطبقة الوسطى..
أمّا عودة الحياة إلى الطّبقة الوسطى فليس بالأمر المستحيل، لكنَّه يحتاج إلى عمل كبير من قِبَل الحكومة.. أوّلها البحث عن مصادر  لدعم خزينة الدولة بعيداً عن سياسة جباية الضّرائب، كزيادة الإنتاج وإستثمار الطّاقات الموجودة سواء الزراعيّة أو الصناعيّة، وفتح باب التّصدير بما لا يؤثر على حياة المواطن المعيشية، ومن ثمَّ تحسين الرّواتب والمداخيل ولو على فترات متعاقبة لتحقيق التّوازن بين طرفي المعادلة..الرّاتب=الحياة.. 
وأخيراً دعوة حقيقيّة للعقول المهاجرة ورؤوس الأموال المغادرة بالعودة والاستثمار على أرض الوطن مع خلق بيئة آمنة للمستثمرين، وبذلك نكون قد خلقنا فرص عمل جديدة تساهم بشكل مباشر على تحسين الدّخل، وتقليل البطالة، ودفع عملية الإنتاج إلى الدوران من جديد، وكل ذلك سيؤدّي بالنّهاية إلى عودة الحياة إلى الطّبقة الوسطى.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر