استمرارية الدعم!

استمرارية الدعم!

عادت الدولة منذ عدة أشهر لبيع بعض السلع الغذائية الرئيسية بسعر مدعوم، وفق مخصصات شهرية محددة لكل أسرة تبعاً لعدد أفرادها وأعمارهم.

الخطوة التي جاءت من نافذة ضمان حصول الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود على الحد الأدنى من السلع الغذائية الضرورية في ظل الظروف الاقتصادية التي تواجهها البلاد حالياً، حققت نسبة تغطية عالية تؤكدها البيانات الرسمية المتعلقة بعدد الأسر السورية المستفيدة شهرياً من هذا الدعم.

إذ تشير البيانات الرسمية إلى أن الأسر التي تمكنت من الحصول على مخصصاتها من مادتي السكر والرز المدعومتين خلال دفعة التوزيع الأولى عن شهري تشرين الأول والثاني السابقين، بلغ عددها حوالي 2.8 مليون أسرة، مشكلة ما نسبته 80% من عدد الأسر الحاصلة على بطاقة الكترونية، والبالغ عددها أكثر من 3.5 مليون أسرة. وتالياً فالخطوة كان لها مساهمة فعالة في دعم معظم الأسر السورية المتضررة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتي فرضتها متغيرات كثيرة كان أبرزها: العقوبات الغربية، احتلال القوات الأمريكية لحقول النفط والقمح، والأزمة الاقتصادية اللبنانية... وغير ذلك.

اليوم تعلن المؤسسة السورية للتجارة أنها تواجه صعوبات كبيرة في تأمين المادتين المدعومتين، لاسيما فيما يتعلق بارتفاع فجوة العجز بين سعر الشراء وسعر المبيع للمواطن.

وبغض النظر عن الملاحظات المسجلة على أداء المؤسسة وفشلها في تحقيق هدف التدخل الإيجابي، فإن التحدي الأبرز حالياً يكمن في استمرارية توزيع المادتين المدعومتين وتوسيع القائمة لتشمل سلع أخرى لدعم احتياجات الأسر، ومساعدتها على تجاوز هذه المرحلة.

لو عدنا إلى بيانات وزارة التجارة الداخلية سنجد أن وسطي الكمية التي يتم توزيعها من مادة السكر عبر منافذ المؤسسة السورية للتجارة يصل إلى حوالي 16.5 ألف طن، ومن مادة الرز حوالي 14.5 ألف طن. وبحسبة بسيطة ومقارنة بأسعار السوق المحلية سنجد أن خزينة الدولة تدعم المادتين عبر البطاقة الالكترونية بحوالي 43 مليار ليرة شهرياً كحد أدنى، وسنوياً يمكن أن يتجاوز الرقم عتبة الـ، 516 مليار ليرة!.

هذه الأرقام تضع مستقبل الاستمرار بتوفير المادتين بسعر مدعوم أمام احتمالين: إما بقاء الحال على ما هو عليه حالياً من تعثر المؤسسة السورية للتجارة في تأمين مخصصات الأسر وما يستتبع ذلك من تحمل الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود لنفقات إضافية جراء اضطرارها لتأمين احتياجاتها من المادتين بسعر حر، وأنا هنا لا أبرىء المؤسسة والوزارة من مسؤوليات كثيرة في هذا الملف وغيره.

والاحتمال الثاني الاتجاه إلى تخفيض العجز المتشكل، وهو خيار حكومي وذلك عبر رفع أسعار المادتين بنسبة ما، بحيث يبقى الدعم قائماً بنسبة تصل إلى 100% مقارنة بأسعار السوق المحلية.

مع أنني لست مع أي زيادة تطرأ على أسعار السلع والمواد المدعومة، لكن إذا كان الظرف يفرض الاختيار بين احتمالية تعثر تأمين المادة أو الاستمرار بتوفيرها وبنسبة دعم ليست قليلة، فأنا سأكون مع الخيار الثاني.

وفق ما يشاع من نسب الزيادة التي قد تشمل مادتي السكر والرز المدعومتين، فإن حساباتي البسيطة تشير إلى أن أسرة مكونة من خمسة أشخاص ستتحمل شهرياً جراء الزيادة المقترحة مبلغ وقدره 5 آلاف ليرة، إنما في الوقت نفسه ستبقى مدعومة بحوالي 9 آلاف ليرة للمادتين المذكورتين مقارنة بالأسعار السائدة حالياً في السوق المحلية، والتي علمتنا التجارب سابقاً أنها غير ثابتة.

هذا النقاش المستمر مع تقلبات أسعار السلع والمواد المدعومة، وزيادة الحصار الاقتصادي الغربي، يفرض البدء بخطوات تأسيس شبكة حماية اجتماعية، تضمن من جانب وصول الدعم الكافي والمستمر للأسر الفقيرة والمحتاجة، ومن جانب آخر وقف ظاهرة الهدر والفساد التي باتت واضحة اليوم مع استمرار الشكل التقليدي للدعم الحكومي.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني