المرجعيات الجديدة!

المرجعيات الجديدة!

ماذا يفعل أي منا عندما يتعرض لمشكلة مع الغير؟
المنطق يفرض أن نلجأ إلى المؤسسات المعنية بتطبيق القانون، باعتبارها الضامنة لحقوق الأفراد والمؤسسات، والمخولة دستورياً بالمحافظة على النظام العام.
خلال سنوات الحرب، لم يعد هذا المنطق هو الغالب لظروف وأسباب جميعنا يدركها جيداً، إذ إن هنالك أشخاصاً كثيرين باتوا يفضلون الاحتكام إلى مرجعيات اجتماعية ودينية على حساب مؤسسات الدولة المعنية.
ويمكن في هذا السياق الاستعانة ببعض بيانات مسح السكان لعام 2014، والتي أشارت إلى أن العدد الأكبر من المبحوثين، والبالغة نسبتهم حوالي 26.9%، قالوا إنهم يلجؤون في حل مشكلاتهم إلى أشخاص نافذين في المجتمع، في المقابل هناك من أكد أنه يلجأ إلى القوى الأمنية الرسمية، وهؤلاء كانت نسبتهم حوالي 18.2%. 
ولم يغب عن المشهد أيضاً رجال الدين، إذ إن 16.1% من المبحوثين قالوا إنهم يلجؤون إلى الشيخ أو رجل الدين لحل مشكلاتهم. أما مرجعية القضاء، فقد جاءت في المرتبة الرابعة في قائمة شملت تسعة خيارات وبنسبة لم تتجاوز 14.9%، وخامساً جاء كبير الأسرة بنسبة 13.2%.
اللافت في النتائج أن هنالك حوالي 8% من السكان كانوا يقصدون المحاكم الشرعية التي ظهرت في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة لحل مشكلاتهم.
هذه النتائج يفترض أنها اليوم شهدت تغييرات متفاوتة، وذلك انسجاماً مع التطورات والتحولات التي شهدتها الحرب خلال السنوات الثلاث الأخيرة. لكن وأياً كانت تلك التغييرات، فإن ظاهرة استبدال مؤسسات الدولة بمرجعيات اجتماعية، يمثل بشكل أو بأخر تهديداً لسلطة الدولة وهيبتها، خاصة وأن تلك المرجعيات باتت من قوى الأمر الواقع، القادرة على التأثير في المجتمع وتوجهاته وأفكاره، لاسيما وأن أدوار بعضها تخطت مسألة التدخل في حل النزاعات والمشكلات إلى ملفات أخرى.
ليست المرجعيات الاجتماعية والدينية بالأمر الطارئ على حياتنا قديماً أو حديثاً، ففي كل الدول والمجتمعات هنالك مرجعيات تقليدية تمارس نفوذاً اجتماعياً ودينياً معيناً، إنما هذا النفوذ يبقى في إطار تنظيم الحياة والطقوس الاجتماعية لشريحة من الأفراد، ولا يتعداه إلى محاولة "مزاحمة" مؤسسات الدولة في ممارسة سلطاتها ومهامها ومسؤولياتها وواجباتها، وتالياً علينا التفريق بين حتمية وجود مرجعيات معينة وبين طبيعة أدوارها ومهامها المفترض ألا تتجاوزها.
في حالتنا السورية هنالك حاجة لتشخيص الظاهرة بمزيد من التعمق...
أولاً، علينا أن نعرف لماذا تراجع دور مؤسسات الدولة لصالح المرجعيات غير الرسمية، سواء تلك التقليدية أو التي استحدثتها الحرب؟
وثانياً، لابد من الاتفاق على خطوات محددة لاستعادة هيبة الدولة وفرض سلطة القانون، بعيداً عن الاستثناءات وانتقائية التطبيق.
في كلتا الحالتين، يتطلب الأمر إرادة سياسية حازمة، لأن استعادة حضور الدولة بمؤسساتها المختلفة يتطلب مصارحة موضوعية وجريئة لأسباب التحولات التي حدثت خلال عقد الحرب، وأبرزها من دون شك مسألة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن تنفيذ مشروع وطني هدفه تدعيم وجود الدولة وتحجيم المرجعيات التي تمددت في ظل الحرب، يحتاج إلى مظلة دعم مباشر، لأن العوائق لن تكون بالأمر السهل. 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني