الاقتصاد السوري وتحديات 2021 للنهوض به

الاقتصاد السوري وتحديات 2021 للنهوض به

تأثر الاقتصاد الوطني السوري نتيجة الحرب الكونية القذرة التى تستهدف بلدنا منذ عشر سنوات ونيف والتي طالت البشر والحجر،ومارافقها من تدمير ممنهج للبنى التحتية والموارد الاقتصادية فأحرقت المصانع والمدن الصناعية ودمرت آبار النفط والغاز والتي لم تدمر يتم سرقة إنتاجها وبيعه في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الجائر والذي طال كافة مؤسساتنا ورجال أعمالنا. الأمر الذي وضع اقتصادنا أمام مجموعة كبيرة من التحديات والصعوبات.

وللوقوف على واقع الحال وتفنيده من وجهة نظر خبيرة التقت المشهد الباحث الاقتصادي والإداري الدكتور علي ميا عميد كلية الاقتصاد في جامعة تشرين سابقاً والذي أكد أن من أبرز التحديات والصعوبات التي واجهت اقتصادنا الوطني:

انخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من عشرة أضعاف مما انعكس سلباً على الحياة المعيشية للمواطنين، فالتضخم هو العدو الأكبر للسياسة الاقتصادية لأنه يولد شعوراً لدى الناس بعدم الثقة بعملتهم المحلية،الأمر الذي يدفعهم إلى تجنب الادخار واستخدامها بالمضاربات والابتعاد عن الاستثمار بالأعمال الإنتاجية، وهذا ماحدث لدينا ومازال يحدث حتى الآن، إذ أن معظم المواطنين يقومون ومنذ اليوم الأول للأزمة عام 2011 بالتخلص من مدخراتهم بالليرة السورية وتوظيفها بالعقارات والسيارات والذهب وشراءالعملات الأجنبية. ولذلك يجب وبالسرعة القصوى تفعيل السياسه النقدية بحيث تصبح قادرة على التحكم بالكتلة النقدية والعرض النقدي وكذلك تفعيل عمل المصرف المركزي من خلال قرارات مجلس التسليف والنقد لأن المصرف المركزي حالياً هو أشبه بمديرية حكومية مسلوبة الإرادة.. لذلك يجب أن يعطى البنك المركزي سلطة مطلقة لتنظيم أعمال القطاع المالي والنقدي كما هو معمول به بكافة البلدان.

وأضاف د.ميا أن الأمر الثاني هو ارتفاع أسعار الطاقة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور النقل الذي أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار وانعكاسها سلباً على الإنتاج وعلى الحياة المعيشية للمواطنين، حيث أن سياسة رفع أسعار الطاقة والمحروقات وبشكل مستمر تترك آثاراً سلبية كبيرة على الاقتصاد والناس والخطورة تأتي من أن المحروقات ترتبط بجميع السلع وبمختلف القطاعات الإنتاجيه. ولذا يجب على الحكومة من أجل النهوض الاقتصادي وإنجاح عملية إعادة إعمار البشر والحجر وهنا نقترح تخفيض أسعار الطاقة والبحث عن موارد جديدة لتغذية الخزينة العامة للدولة،والموارد الجديدة يمكن أن تأتي من خلال معالجة فعالة للتهرب الضريبي وتفعيل المناخ الاستثماري وإلغاء الإعفاءات الضريبية غير المبررة... الخ. 

كذلك يجب دعم المنتجين بكافة فئاتهم وشرائحهم من خلال إزالة كل مايعرقل أعمالهم مثل توفير التيار الكهربائي لهم بشكل مستمر والمحروقات بسعر واحد ومنخفض ولو للفترة الأولى ويمكن ذلك من خلال تخفيض سعر المازوت ورفع أسعار البنزين، وكذلك إعفاء المواد الأولية والوسيطة الداخلة في عملية الإنتاج من كافة الرسوم الجمركية وتسهيل كافة المعاملات لهم لأن زيادة الإنتاج هي التي تؤدي إلى زيادة العرض وبالتالي انخفاض الأسعار وانخفاض معدلات التضخم وبالتالي تحسن القوة الشرائية لليرة أمام الدولار مما ينعكس إيجاباً على الحياة المعيشية للمواطنين.

بالإضافة لضرورة دعم الفلاحين ومربي الثروة الحيوانية بالقروض والمواد اللازمة لهم بسعر التكلفة مثل البذار والغراس والمبيدات والأدوية البيطرية لاسيما وأن بلدنا تتمتع بمزايا تنافسية ونسبية في هذاالمجال الأمر الذي يوفر فائض كبير يمكن تصديره للأسواق العالمية مما يدر على البلاد عملات أجنبية تؤدي إلى تحقيق التوازن في الميزان التجاري.

وأكد د. ميا على ضرورة تقديم الدعم للمنشآت التصديرية بالشكل الذي يراعي القيمة المضافه وحجم الأسواق المستهدفة. ومن المهم توفير سوق

د. علي ميا

متوازنة طبيعية للقطع الأجنبي تتوافر فيها مقومات السوق الحرة المتوازنة بحيث يتحرك السعر يومياً ليوازن بين الطلب والعرض كمايسود فيها سعر واحد للعملة وتقوم فيها البنوك بتمويل التجارة الخارجية وتوفير النقد الأجنبي، وتتراجع فيها شركات الصرافة لتؤدي الدور الهامشي الذي أنشأت من أجله.

 ولفت ميا إلى أهمية مساعدة القطاع الخاص الصناعي على رفع مستوى كفاءته وقدرته التنافسية من خلال توفير برامج لرفع كفاءة المديرين في الصناعة وتقديم الخدمات الاستشارية للمصانع.

بطبيعة الحال رغم الحرب التي مازالت مستمرة علينا والحصار الاقتصادي الجائر الذي تتوسع حلقاته بشكل مستمر فإنني متفائل كباحث اقتصادي بإمكانات سورية على النهوض في 2021 من خلال وضع استراتيجية واقعية وخطة شاملة للتنمية تركز على تشجيع الإنتاج والاستثمار ومحاربة الفقر والفساد ومكافحة البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية ومشاركة القطاع الخاص وتحميله مسؤولية الاستثمار في الأعمال الإنتاجية وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لنجاح عمله وتحديد الأولويات الاقتصادية لترجمة الاستراتيجية إلى واقع.

 بالمحصلة لا يخفى على أحد الآثار التي خلفها ومازال يخلفها قانون قيصر على الواقع الاقتصادي والاجتماعي السوري، والذي مسّ بالحياة اليومية والمعيشية للمواطن السوري وذلك من خلال فرض العقوبات على الجمهورية العربية السورية ومؤسساتها كمصرف سوريا المركزي والحد من تدفق الأموال والحوالات اليها وتحذير ومعاقبة كل من يتعامل معها أو يساهم في إعادة إعمارها، وكل ذلك بهدف إطالة أمد الحرب وإعاقة عملية إعادة الإعمار. الأمر الذي أدى الى نوع من العزلة التجارية والاقتصادية في سوريا وتدهور سعر صرف الليرة السورية مما أدى الى تدني مستوى معيشة المواطن، فكان لا بد من تضافر الجهود والاعتماد على الذات للنهوض بالواقع الاقتصادي، وبما أن سوريا بلد زراعي تم التوجه نحو الزراعة والصناعات التي تعتمد عليها لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهذا ما نراه حالياً من خلال الدعم الحكومي الموجه لهذا القطاع والاستغلال والاستثمار الأمثل لكل متر قابل للزراعة، إضافة لاستصلاح الأراضي في المناطق المحررة بغية إعادة زراعتها، وذلك بهدف تحقيق الأمن الغذائي والحد من الاستيراد من الخارج وترشيد استخدام القطع الأجنبي الموجود، إضافة إلى تصدير الفائض ودعم الصناعات التي تعتمد على الزراعة،حيث كل ذلك يصب في النهوض بالواقع الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة الفرد.

 في النهاية الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والاعتماد على على الذات والإنتاج هما العاملان الأساسيان للنهوض بالواقع الاقتصادي في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني