( التكريزة ) .. عادة دمشقية لتوديع شعبان و استقبال رمضان .

( التكريزة ) .. عادة دمشقية لتوديع شعبان و استقبال رمضان .

نور حمادة - المشهد

أيام معدودة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، و في مثل هذا الوقت من شهر شعبان جرت العادة لدى الدمشقيين على ممارسة بعض الطقوس و العادات الدمشقية القديمة، حيث يقومون بتوديع ما لذ و طاب من الأطعمة و الابتعاد عن اللعب و اللهو بتقليد دمشقي جميل في ربوع دمشق و هواها العليل و ذلك بما يعرف بإسم تكريزة رمضان .

و أطلق أهل دمشق على هذه النزهة اسم ( التكريزة) و هو الاسم المستخدم عند بعض المصريين، كما تسمى عند أهل طرابلس (شعبونية) نسبة إلى شهر شعبان، و يذهب البعض إلى تفسير معنى ( التكريزة) على أنها فسحة وداع بالابتعاد عن ملاذ الحياة يعيش بعدها المرء في روحانية رمضان .

و يرجح بعض المؤرخين أن ( التكريزة) كلمة سورية قديمة قدم التاريخ، و بعضهم حولها إلى ( كزدورة) ولكن من المعروف ( الكزدورة) هي مشوار قصير المسافة، بينما التكريزة لمسافة طويلة حيث يخرجون إلى مصايف الربوة و دمر و الهامة و قد يبتعدون إلى عين الفيجة و أشرفية الوادي، و يفضل أكثرهم الجلوس على ضفاف الأنهار و ينابيع بقين و الزبداني و وصف المؤرخون هذه الطقوس بأنها تكون قبل حلول شهر رمضان بخمسة عشر يوماً تقريبا أو أقل .

و تكون ( التكريزة) في أشهر الصيف و خلال الأيام المعتدلة حيث يقضي الدمشقيون نهارهم بالأكل و الشرب و اللعب و غالباً ما تكون هذه الرحلات جماعية تضم الأقارب و الأصدقاء يقومون بها إلى خارج المدن في مناطق مطلة على مناظر الخضرة و المياه لولع أهل الشام بالمياه و الخضرة و يتناولون الأطعمة المختلفة  و يمارسون الألعاب الشعبية و غالباً ما تبدأ ( التكريزة) في النهار و تنتهي بعد العصر بالعودة إلى منازلهم استعداداً لصيام شهر رمضان .

و يفضلون في هذه الرحلة نوعية الأطعمة التي تختلف عما يؤكل في رمضان و التي تحتوي على زيت الزيتون كالمجدرة و اللوبية و التبولة و الفتوش، و أكلات المقالي و لا بد في السيران من أكلات مشاوي اللحوم و حوايا الخروف كالكبد و الطحال و الكلاوي و الفشة .

حيث تنشغل النساء بإعداد هذه الأطعمة في حين يكون الرجال و الشباب يلعبون الورق و طاولة الزهر و ينفرد البعض بالمساهمة مع النسوة في إعداد الطعام و لا يخلو الحضور من أحد الشباب من تقديم وصلة غناء على العود و الدربكة مع المواويل الشعبية .

و قد لا تقتصر ( التكريزة) على العائلات فقط، فقد اعتاد أصحاب المهن اليدوية و أصحاب الورشات و المعامل على اصطحاب موظفيه في نزهة وداعية قبل رمضان إلى الربوة أو الغوطة و توزيع مكافآت مالية و بعض المواد الغذائية و التي تعرف بسلة رمضان تقديراً منه لعملهم .

و رغم أن هذه العادة كادت أن تنسى خلال السنوات الأخيرة بسبب الحرب و انشغال الناس بتأمين مستلزمات الحياة و مع انتشار فايروس كورونا و الإجراءات التي فرضت على الناس التقيد بها، و توجه الأجيال الجديدة نحو عالم التكنولوجيا، و اجتماع العائلة فقط بات محصوراً بالمناسبات الاجتماعية، و أن العديد من أبناء الجيل الحالي لا يعرف كثيراً عن هذه العادات و لم يبق سوى عدد قليل من الأسر الشامية التي مازالت تواظب على هذه التقاليد قبل أيام من بدء شهر رمضان إلا أن الكثير من أبناء دمشق أعادوا إحياءها كنوع من المحافظة على تقاليد الآباء و الأجداد و للتأكيد على صلة الرحم و إن تغير شكلها مع تغيّر الزمن إلا أنها بقيت محافظة على أساس مضمونها .

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر