دول الخليج تحتاج إلى أسعار للنفط تتراوح بين 50 و80 دولاراً للبرميل لتوازن ميزانياتها

دول الخليج تحتاج إلى أسعار للنفط تتراوح بين 50 و80 دولاراً للبرميل لتوازن ميزانياتها

يتعين على دول الخليج، التي تعتمد اقتصاداتها إلى حد كبير على النفط، التعامل مع عجوزات ضخمة في ميزنياتها لسنوات مقبلة، جراء الانخفاض الحاد في الأسعار وتراجع الطلب العالمي على الخام.

ففي ذروة الجائحة، خلال مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، شنت السعودية حرب أسعار على منتجين من خارج منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» على رأسهم روسيا المنافس الرئيسي للرياض في سوق الطاقة العالمي.
هدفت الحرب إلى دفع موسكو إلى اتفاق على تخفيضات في الإنتاج لإعادة التوازن إلى أسواق الطاقة، التي تراجع الطلب فيها بأكثر من 15 في المئة، الأمر الذي ألحق ضررا بالغا في اقتصادات المنتجين.
لكن تقارير وأرقام محلية ودولية، بما في ذلك تقارير وزارات المال في دول الخليج نفسها، تُظهر أن السعودية وحلفاءها، وباقي دول مجلس التعاون الخليجي وحتى منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا الأكثر تضررا من هذه الحرب.
وتحتاج دول الخليج لسعر لبرميل النفط بين 50 دولاراً في الحد الأدنى للكويت وأكثر من 80 دولاراً للسعودية والبحرين، للوصول إلى نقطة التوازن (تساوي الإيرادات والنفقات) في ميزانياتها، بينما لا تحتاج دولة مثل روسيا إلى أكثر من 43 دولاراً للبرميل.

نصف تريليون دولار عجز تراكمي

وهذا يعني أن بقاء الأسعار في مستواها الحالي لما تبقى من هذا العام، وربما العام المقبل وهو المرجح بسبب تسارع وتيرة تفشي وباء (كوفيد-19)، لن يوقف النزيف في ميزانيات دول الخليج.
ودفعت العجوزات الناجمة عن تراجع إيرادات النفط دول الخليج إلى التوجه بشكل غير مسبوق للاستدانة من الأسواق الدولية والمحلية على حد سواء، وكذلك السحب غير المسبوق أيضاً من الاحتياطيات العامة.

    توقعات زيادة العجز والاستدانة والسحب من الاحتياطيات

وبلغ إجمالي العجز في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي الست 180 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي، تستأثر السعودية بأكثر من نصفها (55 في المئة)، وفق تقرير لوكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الإئتماني صدر في 20 يوليو/تموز الماضي، وتوقعت فيه أيضا ارتفاع العجز التراكمي إلى نصف تريليون دولار بحلول 2023.
وفقا لوكالة «فيتش» للتصنيف الإئتماني، فإن العجوزات تفاوتت من دولة إلى أخرى في المنطقة في النصف الأول، وتراوحت بين 15 و25 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، باستثناء قطر التي حافظت على عجز بنحو 8 في المئة.
وتمت تغطية عجز دول الخليج في النصف الأول باقتراض 100 مليار دولار، منها حوالي 60.3 مليار دولار على شكل سندات بارتفاع 10 مليارات دولار عن العام 2019، فيما تمت تغطية الجزء المتبقي (80 مليار دولار) بالسحب من الاحتياطيات العامة.
وتوقع «صندوق النقد الدولي»، في أحدث تقاريره حول آفاق الاقتصاد العالمي في 24 يونيو/حزيران، انكماش الاقتصاد في منطقة الخليج بنسبة 7.6 في المئة في 2020.
وفيما يلي تلخيص لعجوز ميزانيات الدول الخليجية واحتياجاتها من الديون لتغطية العجز:
• السعودية: بلغ العجز في ميزانية السعودية في الربع الثاني من العام الحالي 109.23 مليار ريال (29.12 مليار دولار)، مرتفعاً من حوالي 9 مليارات دولار في الربع الأول، وفقا لبيانات وزارة المالية.
وحسب بيانات الوزارة أيضا، جمعت السعودية 44.56 مليار ريال (12 مليار دولار) من سندات دين في الأسواق الدولية، و41.12 مليار ريال (11 مليار دولار) من السوق المحلية، إضافة إلى سحب 48.67 مليار ريال (حوالي 13 مليار دولار) من الاحتياطيات.
وحتى نهاية يونيو/حزيران، ارتفع الدَين العام التراكمي للمملكة إلى 820 مليار ريال (حوالي 218.6 مليار دولار)، من 678 مليار ريال (180.8 مليار دولار) في نهاية 2019.
• الإمارات: على الرغم من أن الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، بدأت العام 2020 بإطلاق أكبر ميزانية اتحادية في تاريخ الدولة بمقدار 61 مليار درهم (16.6 مليار دولار) بعجز صفر، إلا أن جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية تتجه بالإمارات إلى تسجيل أسوأ عام في تاريخها.
يذكر أن الميزانية الاتحادية لا تغطي إلا جزءً يسيراً من انفاق مكونات الدولة، ذلك أن لكل إمارة ميزانيتها الخاصة، والتي يتفوق بعضها الميزانية الاتحادية).
وحتى الآن، لم تصدر الإمارات أية بيانات رسمية تظهر التأثير الحقيقي الجائحة على ميزانيتها، وآخر بيانات نشرتها حكومة الإمارات في منتصف الشهر الجاري، تتناول أداء الميزانية في الربع الأول 2020، وهي الفترة التي سبقت تفشي الجائحة.
وعلى مستوى الاتحاد (الإمارات السبع)، توقع «صندوق النقد الدولي» في يونيو/حزيران انكماش اقتصادها بنسبة 4.3 في المئة في 2020، وارتفاع العجز بأربعين ضعفا عنه في 2019.
• الكويت: أظهرت آخر بيانات لوزارة المالية الكويتية ارتفاع عجز الميزانية إلى 5.64 مليار دينار (18.5 مليار دولار) في السنة المالية 2019/2020 (تنتهي السنة المالية في الكويت بنهاية مارس/آذار)، بزيادة 69 في المئة عن السنة المالية السابقة.
ويتوقع ان يرتفع إلى العجز إلى 14 مليار دينار (46 مليار دولار) في السنة المالية 2020/2021 حسب وثقة قدمت للبرلمان الكويتي كشف عنها، الأربعاء.
ويبلغ الدين العام للبلاد 3.3 مليار دينار (11 مليار دولار)، وقدمت الحكومة للبرلمان مشروع قانون يتيح لها اقتراض 65 مليار دولار على مدى 30 عاما، منها 17 مليار دولار في 2020.
•البحرين: سجلت البحرين عجزاً في موازنتها بمقدار 789 مليون دينار (2.1 مليار دولار) في النصف الأول من العام الحالي، بزيادة 98 في المئة عنه في الفترة المقابلة من 2019.
ووفقا لبيانات وزارة المالية، فإن مداخيل الحكومة تراجعت خلال نفس الفترة بنسبة 29 في المئة،
• سلطنة عمان: يعتبر الاقتصاد العماني الأضعف بين اقتصاديات المنطقة، وتفاقمت معاناته بتراجع الأسعار والطلب العالمي على النفط، الذي تشكل عائداته نحو 72 في المئة من إيرادات الحكومة.
ولتعويض التراجع في عائدات النفط، تدرس حكومة عمان فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة اعتبارا من مطلع 2021، وخفض الإنفاق بنسبة 10 في المئة، ويستثنى من هذا الخفض الإنفاق على قطاعي النفط والغاز. وحتى لو تم تطبيق هذه الاجراءات، توقعت وكالة «موديز» للتصنيف الإئتماني عجزا في ميزانية السلطنة بنسبة 19 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2020، و15 في المئة في 2021.
• قطر: وفي مفارقة لافتة، فإن اقتصاد قطر، التي تواجه حصارا من السعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر منذ 2017، هو الأقل تضرراً من الأزمات التي تعصف بالمنطقة.
وخلافا لباقي دول الخليج، فقد ثبتت وكالات التصنيف العالمية الثلاث تصنيفاتها الإئتمانية المرتفعة لقطر مع نظرة مستقبلية مستقرة.

الأناضول

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني