حرب الدولار بين الحكومة والتجار تلهب أسواق العاصمة

حرب الدولار بين الحكومة والتجار تلهب أسواق العاصمة

المشهد – محمد الحلبي
غليان في الشارع.. وجوهٌ حائرة.. وتساؤلاتٍ على الشفاه.. وانتظارٌ يخالطه الأمل.. وعيونٌ متعلقة بقبة البرلمان التي ستخيم على اجتماعٍ مرتقب لكل من أوكل إليهم رعاية شؤون الشعب من وزراء وأعضاء مجلس شعب.. لتمر الساعات وينتهي الاجتماع وكأن شيئاً لم يكن.. حيث حمَّلَ أعضاء مجلس الشعب حكومتهم أسباب تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتدهور القيمة الشرائية لليرة السورية.. فيما رمى أعضاء الحكومة ورئيسها الكرة إلى ملعب العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي، وتلاعب الأيدي الخفية بأسعار الصرف، ما أوصل حال المواطن إلى ما دون خط الفقر.. لترفع الجلسة.. وتطوى الصحف.. ويعود كل فرد من أفراد الحكومة إلى مكتبه.. حتى أن كثيراً من أعضاء مجلس الشعب نشروا على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي أنهم لم يفهموا شيئاً مما دار تحت قبة البرلمان؟ أين هي الخطط والحلول المستقبلية؟ أين هي رؤية وتصورات الحكومة للمرحلة القادمة؟ كل تلك التساؤلات طويت دون أن تلقى إجابة واضحة عليها..
ما بعد الجلسة
بمجرد أن رفعت الجلسة التي عوَّل عليها المواطنون الشيء الكثير ولو مجرد خيط أمل رفيع، أُجهض الأمل في عيون الناس، وقفز سعر الصرف إلى مستوياتٍ قياسية فوق كل التوقعات، إذ لا حلول لدى الحكومة ولو على المدى البعيد حسب مجريات الجلسة، كل ما هنالك توصيف للوضع الذي بتنا نعيشه وهو لا يخفى عن أحد، فيما المواطن يتقلب بلهيب الأسعار – كسيخ الشاورما- لهيب صمت الحكومة يلهب وجهه، وسكين الأسعار تنهش لحمه.. ولا حلول..
أبو وائل صاحب بقالية أغلق محله مبكراً واعتذر لزبائنه وقال: " لا يوجد بضاعة للبيع" حاولت الاستفسار منه كوني أحد زبائنه فقال لي: يا أستاذ.. قلة البيع بيع.. أنا لا أريد أن أتشاجر مع الزبائن ..؟.. كيف لي أن أبيع كيلو السكر بـ 1800 ليرة؟ وحتى إن بعته بهذا الثمن سأشتريه أنا غداً بـ 2000 ليرة، فلماذا كل هذا العناء؟
حال أبو وائل ينطبق على العديد من محال مدينة دمشق وأسواقها.. أما من بقي من التجار ففرضوا أسعارهم بزيادات عالية تفوق أسعار الصرف تحسباً من أن تفقد الليرة قيمتها الشرائية أكثر من ذلك، حتى وصل سعر الزيت النباتي إلى 3900 ليرة، فيما وصل سعر كيلو الرز إلى 2200 ليرة..
أما على أبواب مؤسسات السورية للتجارة فتشعر وكأنك مقبل على مجاعة.. في مشروع دمر أُوقف المواطنون نتيجة التزاحم خارج أبواب المؤسسة، على أن يدخلوا على دفعات، فيما منع الموظفون المواطنين من شراء أكثر من قطعتين للسلعة الواحدة.. أما السورية للتجارة على طريق ضاحية قدسيا فقد توقف الناس طوابير على أبوابها للحصول على قطعة واحدة فقط من كل سلعة، ليتمكن أكبر عدد من المواطنين من الحصول على احتياجاتهم..
تهديد ووعيد
حماية المستهلك كما هي العادة، أمسكت العصا وراحت تلوح بها في وجه كل تاجر جملة ونصف جملة أغلق محله بهدف رفع الأسعار أو عدم تداول فواتير أو مخالفة المواصفات بإحالته إلى القضاء، لكن على ما يبدو أن التجارب السابقة للتجار مع سياسة التهديد والوعيد أصبحت مجرد كلام تذروه الرياح، وخصوصاً أن ثقافة الشكوى عند المواطن السوري لازالت غائبة تحت ذريعة (خطي، وحرام)، وهذا ما يتذرع به أصحاب الشأن بأنه لا يوجد شكاوي حتى تتم معالجتها، أما جولات دوريات حماية المستهلك الاعتيادية في الأسواق فهي لا تعدو تحرير مخالفة – عدم إعلان تسعيرة- لحفظ ماء الوجه بعددٍ من الضبوط لا تسمن ولا تغنِ من جوع، إلا إذا استثنينا الحملات التي تتم من حينٍ لآخر، والتي وصفها التجار أن الغاية منها هي الجباية فقط لا غير..
همسة عتب
في الختام كلنا أمل أن نتجاوز المحن التي عصفت ببلادنا ولا زالت تتقاذفنا من بلاءٍ إلى آخر، نريد أن نجدد الثقة بمن أوكلت إليهم أمور البلاد، وهم قادرون على ذلك، فكيف استطاعوا تخفيض سعر الصرف اليوم إلى مستويات أكثر من جيدة مبدئياً، نريد أن نرى خطوات حازمة وجريئة تعيد الأمور إلى نصابها ، أن يكافئ المواطن على صبره في سنوات الحرب بسنوات عزٍ ورخاء تعيد التألق لوجهه، نحن نستحق الأفضل، فاضربوا جذور الفساد بيدٍ من حديد، فمن هنا تكون بداية المشوار، وللعلم فقط.. جميع البضائع كانت في مستودعات التجار، فكيف لها أن تتأثر بسعر الصرف.. إذاً الأمر واضح، هو احتكار واصطياد بالماء العكر.. فلتكن إذاَ شبكة الحكومة بالمرصاد لاصطياد كل من تسول له نفسه العبث بلقمة الشعب.
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر