"عبد الرحمن مهنا" الجامعات والمعاهد الفنية تقتل إحساس الفنان

"عبد الرحمن مهنا" الجامعات والمعاهد الفنية تقتل إحساس الفنان

ريم غانم
تفرَّد الفنان عبد الرحمن مهنا بأسلوب فطري جعل لوحاته تصل للعالمية فأسس أسلوباً في سورية لم يسبقه إليه أحد فكان أيقونة كبيرة تستحق أن يفرد لها بعض الصفحات في المشهد.
في مرسمه المتواضع الصغير في أحد أحياء دمشق وهو الوحيد الذي تبقى له من إرثه الفني بعد أن نهبت «داعش» تاريخه وأعماله من متحفه في مخيم اليرموك، استقبلنا عبد الرحمن مهنا مستعرضاً لنا بعضاً من أوراق الذاكرة فتنقلنا بين صفحاتها مستعرضين خفايا فنية وشخصية، وكان الحوار التالي :

كان الرسم ردة فعل اعترضت بها واقعاً عشته، فكيف كانت بداياتك الفنية وهل تأثرت من محيطك؟
"يقال إن الإنسان ابن بيئته التي تصنع فلسفته منذ ولادته وحتى يكبر، لذا يعد الحرمان والفقر برأيي أكبر محفز للطموح والخيال وهناك تجارب فنية كثيرة عاشت في نفس الظروف أثبت التاريخ نجاحها، على اعتبار أن الشخص الذي يتوفر لديه كل شيء لديه مساحة من الحرية ويفتقد لهذه الحالة، من هنا شكلت البيئة التي عشت فيها طفولتي ملامح الفنان الذي ترونه اليوم، بالإضافة إلى الموروث الثقافي الذي حصلت عليه من والدتي التي أصبحت فنانة وهي في عمر خمسة وثمانين عاماً.

أنت فنان حطم الصورة النمطية وخالف المتعارف عليه، على ماذا اعتمدت؟
"اعتمدت منذ بداياتي على أسلوب النقل التعبيري الذي يشابه الواقع إلى حد كبير لكنه من وحي خيالي مضيفاً إليه مشاعري وأحاسيسي، فالفنان لا يستطيع أن يكون حيادياً، لذا أرى أن ما يتم تعليمه للطلاب في كليات ومعاهد الفنون الجميلة هو أكبر جريمة بحقهم لاعتمادها على النقل البصري والذي بدوره يقتل الأحاسيس والمشاعر فالخيال يختفي عندما يعلمونك أبجديات النقل.
يعود عبد الرحمن هنا في الذاكرة قليلًا إلى مرحلة دراسته الابتدائية ويسرد بعضاً من ذكريات بداياته، ويقول: "أطلق علي زملائي وأساتذتي في الصف الأول الابتدائي لقب فنان الصف والمدرسة، فكل من شاهد لوحاتي لمس نضوج التجربة الفنية منذ صغري الذي اعتمدت فيها على الخيال المطلق، هنا يكمن السر في الحالة الإبداعية بأن تحقق أحلامك بواسطة خيالك.

وعليه ما هي أبرز الأنماط التي اتبعتها خلال مسيرتك؟
"الفن لا يمكن أن يأخذ خطاً أو نمطاً معيناً فهو يعني كل شيء جديد يحتوي على الدهشة التي لا تنسخ نفسها وتعطيك أشياء مختلفة في كل مرة، فكل أعمالي كانت انعكاساً لأحلامي وتجاربي الحياتية ولم أعتمد على تجارب أو مدارس، فهذا الأمريقيد الفنان ولا يضيف له شيئاً.

 من هنا هل ما يزال هناك فرصة وأشياء تخلق لك هذه الدهشة؟
 "لا تزال الدهشة سر العمل واستمرارنا في الحياة، فلولا دهشة الأشياء في الحب والفن والحياة لكانت الحياة مملةً وفاقدة لمعناها، إيماني بالغد هو الذي يدفعني للاستمرار وهنا متعة الحياة التي تقودنا للأمل وتبعدنا عن اليأس، فلا فن بدون دهشة.

شكلت لوحة « الفانوس » منعطفاً في بداياتك الفنية، ماهي قصتها؟
"في سن الثانية عشرة من عمري جاء أخي الأكبر وهو الشاعر محمد مرعي مهنا بفانوس وروى لنا قصص وحكايا عن جلسات زملائه وهم يتسامرون على ضوئه هذا ما أثار فضولي لرسم هذا القنديل الذي أعطاني شحنة عاطفية جعلتني أتلمس وبشكل فطري مكامن الجمال فيه مما دفعني كي أرسم هذا الشكل الذي دغدغ خيالي وتصوراتي عما سمعته من قصص دارت بين من عاشوا بأجوائه من زملاء أخي وهم في خيمة العسكر على جبهة الجولان، هذا الفانوس أشعلت ضوءه ووضعتهُ في سحارة للخضار في مكان مظلم لأرى انعكاس نوره بشكل واضح ورسمته، وعندما أنهيت هذا العمل لم أدرك في حينها أنني رسمته بدقة قد يعجز عنها الفنانون الكبار وشاركت بهذه اللوحة مع أعمال أخرى في معرض أقيم في مدرسة عبد الرحمن الغافقي في حي المشارقة في حلب عام 1968 حصلت من خلالها على العديد من الجوائز، وكان لهذا المعرض صدى كبير بين جميع المدارس آنذاك، وخُصصت لي قاعةٌ خاصةٌ عرضت فيها جميع لوحاتي التي أنتجتها في مرسم المدرسة.

هل تصنف نفسك في مراحل؟
"كل المراحل التي مررت بها في حياتي هي التي فرضت نفسها  فتجربتي وأعمالي الفنية هي انعكاس لها، فهناك مراحل أساسية معدودة على الأصابع لكن الجزئيات لا حصر لها، بالتالي لم يكن لدي فواصل حادة بينها، حتى المرحلة نفسها كانت تحوي على انعطافات وتنقلات. فكانت مرحلة البدايات عبر رسم لوحة الفانوس بواقعية تشابه عمل كبار الفنانين، بعدها مرحلة الأبيض والأسود، المتعلقة بالوطن خلال فترة حرب 73 و 67 وكانت أغلبها لوحات تعبر عن حب الوطن. فيما توجهت في الفترة التي تليها إلى استخدام الألوان عندما عشت في دمشق القديمة وحفرت كل تفاصيلها بذاكرتي ورسمت لوحات أصبحت بعدها دمشق القديمة هي لوحات عبد الرحمن مهنا عبارة عن حلم جميل وخيال أسقطت عليه المشاعر والأحاسيس.

لديك تجربة أخرى في النقد الفني، وقلت أنه كذبة كبيرة في سورية ما السبب الذي أوصلك لهذه النتيجة؟
"لم يحن الوقت ليكون لدينا نقد فللنقد أهله وهو ثقافة راقية، ومن يكتب في هذا الباب اليوم هم للقتل والتدمير أو للمجاملة وبيع الضمير، بأقنعة وأدوات مختلفة، هم «دواعش »الظلام بلبوس الثقافة، ومن هو على إطلاع ومتابعة خلال الخمسين سنة الماضية وإلى الآن يرى ذلك بوضوح.  ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻟﻴﺲ ﻣﺰﺍﺝ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻭﺷﻠﻠﻴﺔ، ﺇﻧﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﺗﻌﻤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﺸﻮﺭ، ﻭﻧﺤﻦ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﻟﻸﺳﻒ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﻴﻌﺮﻱ ﻣﻦ ﻳﻠﺒﺲ ﻟﺒﻮﺱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺰﻳﻒ ﻭﺍﻟﻀﺤﻞ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﻳﺸﻮّ ﻩ ﺍﻟﺰﻭﻕ ﻭﻳﺤﺠﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ.

ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻌﻚ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﻂ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻦ حقهم ورفعت فنان على حساب أخر؟
"ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺮﺗﻖ ﺑﻌﺪ، ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻳﺴﻲﺀ ﻭﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻟﺆﻱ ﻛﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﺣﻀﻮﺭه ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ ﺍﻟﻤﺘﺒﺠﺤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﻳﺬﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ ﺑﺎﻟﻌﻴﻮﻥ ﻟﻠﺘﻌﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﺍﺋﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻭﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﺩ. ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺇﺑﺪﺍﻉ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺗﻮﺻﻴﻒ ﻭﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﺔ ﻭﻣﻤﺠﻮﺟﺔ ﻣﺴﺘﻐﻠﻴﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﺮﺩﻱ ﻭﺍﻷﻣﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺗﺨﻠﻔﻬﺎ.

ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، ﻫﻞ ﺗﺠﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻟﻚ؟
ﺃﺟﺎﺏ ﻣﻬﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﻭﺃﻛﺪ ﺃﻧﻪ "ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻱ ﺩﻋﻢ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻢ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺗﺆﻫﻠﻬﻢ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻓﻜﻠﻨﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻳﺼﻞ ﻭﻳﺴﺘﻠﻢ ﻣﻨﺼﺐ ﻭﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ! ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻟﻮ ﺭﻛﺒﺖ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﻟﻮﺟﺪﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ.

ﺍﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺑﻚ ﻫﻞ ﺗﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﻭﺍ ﻭﺭﻛﺒﻮﺍ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻴﺤﺼﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻭﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ؟
"ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻭﺑﻌﺪ ﺧﺒﺮﺓ ﻭﺗﺠﺮﺑﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻲ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻤﻦ ﺭﻛﺒﻮﺍ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﻭﺍﻧﺘﺴﺒﻮﺍ ﻟﺠﻬﺎﺕ ﻭﺃﺣﺰﺍﺏ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ، ﻟﻜﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻏﺮﺑﻠﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﻨﺎﻧﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﻴﻦ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ، ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺎﻣﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻔﻦ.

ﺑﻌﺪ ﻣﺎﻳﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪﻡ ﻟﻚ ﺍﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ؟
"ﻗﺪﻡ ﻟﻲ ﺫﺍﺗﻲ ﻭﻧﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﺤﺲ ﻓﺎﻟﻔﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻄﺢ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻗﻒ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺃﺷﻌﺮ ﺃﻧﻨﻲ ﻓﺮﻏﺖ ﻛﻞ ﻃﺎﻗﺘﻲ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻱ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺗﺎﺭﻛﺎً ﺍﻟﺪﻓﺔ ﻟﺮﻭﺣﻲ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﺧﻮﻑ، ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻨﻲ ﺃﻭ ﻳﻔﺪﻧﻲ ﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﻓﻠﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺃﻛﺴﺐ ﻣﻦ ﻟﻮﺣﺎﺗﻲ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ، ﻭﻟﻢ ﺃﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻭﺍﻗﻴﻦ ﻟﻠﻔﻦ."

ﻫﻞ ﻧﺴﻘﺖ ﻣﻊ ﺩﻭﺭ ﻋﺮﺽ اللوحات لبيع أعمالك؟
"ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻟﻜﻦ ﻫﺬه ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﻣﻐﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺗﺠﺎﺭ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إلّا ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻗﺪﺭﺓ ﺷﺮﺍﺋﻴﺔ، ﻟﺬﺍ ﻛﻨﺖ ﺃﺑﻴﻊ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻭﻣﻌﺎﺭﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻲ ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻂ ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ﺭﻣﺰﻳﺔ.

ﻫﻞ ﺗﺠﺪ ﺃﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻮﺣﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺤﺮﺏ؟
"ﻓﻌﻠﻴﺎً ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﺑﻘﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻗﺒﻞ ﺑﺪﺀ ﺍﻻﺯﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ، ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺧﺴﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻌﻴﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ، ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺑﻌﺸﺮﺓ ﺃﻻﻑ ﻟﻴﺮﺓ، ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺑﻤﺌﺔ ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺮﺓ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻬﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻟﻴﺮﺓ ﺳﻮﺭﻳﺔ، ﻓﻤﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻟﻮﺣﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ؟ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺒﻘﺔ ﻭﺳﻄﻰ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻮﺣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻬﺬه ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ.

خسر في الحرب أثمن مايملكه
تركت الأزمة التي عشناها في سورية جراحاها العميقة بداخلي ﻭﺧﺴَّﺮﺗﻨﻲ ﺃﻫﻢ ﻭﺃﻏﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﺪﻱ ﻣﺘﺤﻔﻲ ﻭﻣﺨﺰﻭﻧﻲ ﻭﺃﺭﺷﻴﻔﻲ ﻟﺴﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺮﻗﺘﻪ "ﺩﺍﻋﺶ" ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺨﻴﻢ ﺍﻟﻴﺮﻣﻮﻙ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ 600  ﻟﻮﺣﺔ ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺃﻧﻘﺬ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺑﺠﻬﻮﺩﻱ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺟﻬﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ. ﺗﺮﻛﺖ ﻫﺬه ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﻧﺪﻭﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺑﺪﺍﺧﻠﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻠﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﻭﻝ ﻣﻌﺮﺽ ﺃﻗﻤﺘﻪ ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮﺍﻥ "ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ" ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻫﻢ ﻗﻮﻣﻲ ﻭﻃﻨﻲ ﻟﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺍﺣﻠﻲ ﺍلأﺧﺮﻯ، ﻭﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﺧﺴﺮﺗﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻧﻌﻄﺎﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻟﻦ ﺗﺘﻜﺮﺭ.

ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ”ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﻬﻨﺎ“ ﻓﻲ ”ﺣﻠﺐ“ ﻋﺎﻡ 1950، ﻭﺑﺪﺃ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮﺍﻓﻲ ﻭﻓﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﻓﻴﻚ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺠﺎﺭﺑﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ1965 ، ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1967ﺍﻧﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ”ﺑﺤﻠﺐ“، ﻭﺣﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﺽ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﺮ، ﻭﺣﺎﺯ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ1967  ﻋﻠﻰ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻦ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ”ﺑﺪﻣﺸﻖ“، ﻭﺛﻨﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻄﻠﺒﺔ ”ﺳﻮﺭﻳﺔ“ ﻋﺎﻡ1968 ، ﻭﻫﻮ ﻋﻀﻮ ﻓﻲ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﻓﻲ ﻧﺎﺩﻱ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻀﻮﺋﻲ، ﻭﻓﻲ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
ﺃﻗﺎﻡ ﻣﻌﺮﺿﻪ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ لجمهورية ”ألمانيا الاتحادية“ معهد ”غوته“  ”دمشق“ عام 1986 ، وشارك في معظم معارض القطر الداخلية والخارجية، وفي معرض الشباب في دولة ”الجزائر“ عام 1972 ، ومعرض ”كوبا“ للشبيبة عام 1978 ، ومعرض في العاصمة القبرصية ”نيقوسيا“ مع مجموعة من الفنانين السوريين. أجرى ”مهنا“ تجربة فنية على فن الرسم الفطري لدى الطفل، وأقام معرضاً للأطفال بإشرافه في صالة المركز الثقافي الروسي بدمشق عام 1982 ، عمل مدرساً لمادة التربية الفنية، وفي المجال الصحفي، ورسومه منشورة في الكثير من الصحف ”السورية“ والعربية.
 

أمه الفنانة عائشة عجم مهنا
ﻳﻘﻮﻝ: "ﻟﻜﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻭﻋﻔﻮﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﺠﻢ ﻣﻬﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺧﻴﺎﻟﻬﺎ ﻭﺭﺳﻤﺖ ﺃﻭﻟﻰ ﻟﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻫﺎ 85 ﻋﺎﻣﺎً ﻭﺣﻘﻘﺖ ﺧﻼﻝ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﺨﺰﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺣﻮﻟﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻡ ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ، ﻭﺃﻗﺎﻣﺖ ﺃﻭﻝ ﻣﻌﺮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺪﻣﺸﻖ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻀﻮ ﺷﺮﻑ ﻓﻲ اﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻴﻦ ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻓﻨﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر