القامشلي مدينة للتهريب ومحاولة توطين لتغيير هويتها

القامشلي مدينة للتهريب ومحاولة توطين لتغيير هويتها

القامشلي - نور علي 

شكلت حرب الثمان سنوات نقطة تحول جذرية لواقع المناطق السورية من النواحي كافة، إلا إن المنطقة الشرقية كان تأثرها أقوى في الصراع الدائر على اعتبارها مركزاً رئيسياً للثروة النفطية، الزراعية والحيوانية، إضافة لموقعها الحساس الحدودي مع أغلب دول الجوار.

- الأخضر يحتل القامشلي

تعرضت مدينة القامشلي الاستراتيجية والتي يغلب عليها الطابع الكردي، لتغييرات عديدة في البنية التحتية وصولاً للبنية الإقتصادية، مخلفة ورائها مدينة جديدة تشبه سابقتها بالإرث النفطي والزراعي وتخالفها في المضمون.
مقارنة مع الأعوام الماضية، توسع اقتصاد المدينة بين ليلة وضحاها، حيث باتت شوارعها لا تخلو من مكاتب الصرافة وتبادل القطع الأجنبي وخاصة "الدولار" الذي حل بديلاً عن الليرة السورية واحتل مكانها وبات التعامل به أشبه بالعملة الرسمية، وتحديداً التعاملات التي تشمل صفقات النفط ومشتقاته المباعة لصالح جهات خارجية وداخلية أيضاً.
ومع ازدحام مكاتب الصرافة تنشط حركة السوق السوداء التي تتغلغل على شكل عملاء متنقلين أو جوالين يتمركزون بالقرب من المصارف والبنوك ومراكز التحويل، يجتذبون الزبون بسعر صرف يكون أعلى من مكاتب التصريف بنسبة 1.5% إلى 2%.

- تهريب للسيارات واستملاك للعقارات وغرباء قيد التوطين

النفوذ الإقتصادي للقامشلي لا يتوقف على التعاملات الخارجية، بل التعاملات الداخلية على المستوى الأهلي كانت ضالعة وبشدة، حيث يقوم بعض المهربين باستقدام سيارات مسروقة من تركيا والعراق ذات الإصدار الحديث، وبيعها للداخل السوري بالدولار حصراً وبسعر صرف أعلى من مستواه وحتى الرسوم الجمركية ورسوم الفراغة تتم بالدولار وتحت إشراف ما تسمى بالإدارة الذاتية ضمن مخيمات تابعة للتحالف الدولي. 
أما العقارات فكان لها حصة كبيرة من هذه الجوقة الإقتصادية، حيث يقوم بعض الأشخاص الذين يعملون في الظل ضمن منظمات غير حكومية تقع على الشريط الحدودي للمنطقة ببيع عقاراتها الفاخرة وبسعر الدولار لبعض الأتراك والعراقيين الكرد وتسمح لهم باستملاك الأراضي بالإضافة للعقارات في خطوة غير مباشرة لتوطينهم، وحتى المؤسسات التي تنشط في تلك المنطقة تقوم بصرف رواتب موظفيها بالدولار أيضاً.

- أدوية عراقية تغزو الجزيرة السورية والدولار سيد الموقف

أثرت الأحداث التي تجري في سوريا على الواقع الصحي بشكل كبير، ولا سيما الأدوية التي شهدت حصاراً خارجياً كبيرة، إضافة للمعامل التي تم استهدافها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة فضلاً عن سرقة العديد منها، فالأدوية السورية التي كانت تهرب لأغلب دول الجوار أصبح السوريون في الداخل بحاجة ماسة لها، الأمر الذي جعل بعض ساسة التهريب يصطادون في الماء العكر ولكن بشكل عكسي، فبدل أن تهرب الأدوية من سوريا باتت تهرب إليها عن طريق العراق - القامشلي وبأسعار أقل من أسعار الأدوية السورية وأيضاً بالدولار، وطبعاً جميع هذه الأدوية العراقية غير آمنة وغير مرخصة ولا تستوفي شروط الجودة والسلامة الصحية، عدا عن أنها تتكون من مواد ذات تركيز وفعالية أقل من مواد الأدوية السورية.

مستقبل الجزيرة السورية في ظل هذا الإقتصاد الملغوم يسير إلى المجهول، فالأيدي الدخيلة التي تديره اليوم جعلته منطقة مستقلة تغرد خارج السرب السوري وجعلته يرتبط بالخارج أكثر منه بالداخل على مختلف الأصعدة، والمنطقة التي لطالما كانت مصدراً إنتاجياً مهماً، هي اليوم جسراً للتهريب ولعمليات مشبوهة عديدة يعمل عرابوها تحت الغطاء الأمريكي.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني