"بيت الأحمق" الذي تحول مقراً للصداقة بين الشعوب

"بيت الأحمق" الذي تحول مقراً للصداقة بين الشعوب

موسكو  - ناهل الخطيب

"كنت اعلم بمفردي انك أحمق, والان كل موسكو ستعرف ذلك.." هذا ما قالته فارفارا ماروزوفا لابنها ارسيني بعدما بنى قصره الشهير على الأرض التي اشترتها له بمناسبة عيد ميلاده الخامس والعشرين.
وعرف هذا القصر شعبياً فيما بعد "بيت الأحمق" كان المبنى بالفعل مختلفاً عن المباني الأخرى في ذلك الوقت وذو تكلفة باهظة.

ينتمي المليونير ارسيني ماروزوف إلى عائلة نبيلة، ومن المعروف عنه أنه لم يهتم بالفن ابداً ولم يشارك في رعاية الفنون بخلاف أخوته وعائلته، إلى أن التقي في أحد المعارض الخارجية بالمهندس المعماري فيتكور مازيرين، الذي يتجنبه الكثيرون بسبب ميوله نحو الباطنية والصوفية، وطلب منه بناء منزلٍ له في موسكو.
ويذكر أيضا بأن ارسيني كان مختلفاً عن بقية أفراد العائلة، فلم يكن لديه فرص للظهور، فهو لم يكن لامعاً لا بعقله ولا بفطنته. ومع ذلك فإن إسمه لا ينسى فهو مقرون بقصره الذي يقع في الوسط التاريخي لمدينة موسكو.
تغيرت مخططات المشروع مراراً وتكراراً وجرت تغيرات وتعديلات مختلفة بسبب مزاج ارسيني المليونير، وفي النهاية استوحى المهندس المعماري تصاميمه المعمارية من منزل "كاسادي لاس كونشاس" الشهير في مدينة سالامنكا الإسبانية، وبعد ما أعجب ارسيني والمهندس بقصر "بينا لي سينترا" البرتغالي الذي بني في منتصف القرن التاسع عشر باعتباره الهدف الثاني للإلهام.

وبالنهاية تم بناء المبنى واكتمل بوقت قياسي نهاية عام 1899م. جامعاً بين عناصر العمارة في القرون الوسطى الإسبانية ونمط مانويل المميز بتفاصيله الخلابة في الديكور والأقواس المتنوعة والأبراج المفتوحة ومجموعة مختلفة من العناصر الزخرفية، مشكلاً هيكلاً في غاية من الجمال، حيث  تم تزيين واجهة المبنى بمدخل رسمي على شكل حدوة حصان، وتصميم الأجزاء الداخلية بطرازات إيطالية ومغاربية مختلفة.

لكن للأسف لم يستمتع أرسيني موروزوف بمنزله لفترة طويلة، وبسبب أفعاله الغبية توفي في أحدى جلساته الثملة مع رفاقه، متحدياً بأنه شخص يتحمل أي الم  فأطلق النار على ساقه وتوفي عام 1908م. بعد ثلاثة أيام بتسمم الدم عن عمر يناهز 35 عاماً.

ووفقاً لوصيته ورثت القصر حبيبته نينا، وباعته على الفور لأحد التجار الأثرياء.
مع أن زوجته الشرعية فيرا التي لم يكن يعيش معها لسنوات طعنت الوصية في المحكمة لكن بدون جدوى.

 وتغيرت ملكية القصر عدة مرات فمن 1918م لغاية 1928م. كان يضم مسرحاً ثقافياً، وبعد ذلك أصبح مقراً للسفير والسفارة اليابانية لغاية 1940م. ومن ثم مقراً لصحيفة بريطانية لغاية 1945م. وبعد ذلك أصبح مقراً للسفارة الهندية لمدة عامين.
ومن ثم بقي ما يقارب نصف قرن لغاية عام 1990م بيتاً للصداقة مع شعوب الدول الأجنبية أو باسمه المختصر "بيت الصداقة".

في الحقبة السوفيتية شهد هذا القصر الكثير من المؤتمرات والاجتماعات مع شخصيات أجنبية حيث كان مركزاً لإقامة العلاقات مع جميع دول العالم، ومقراً بمثابة دار ضيافة مجهزاً بكل ما يلزم لإقامة جمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية. وكانت جميع الاتصالات على مستوى العلماء والمفكرين والكتاب والفنانين، وتم مداولة وحل كثير من الأمور الثقافية والسياسية من خلال نخب حقيقية. 
في عام 2003م بعد ترميم المبنى أصبح "البيت الحكومي للإتحاد الروسي"
وفي عام 2006م خصص المبنى للمناسبات الرسمية المتعلقة برئاسة روسيا لمجموعة الثمانية.
وحالياً يستخدم لاجتماعات الوفود الحكومية والمفاوضات الدبلوماسية ومؤتمرات المنظمات الدولية.

والجدير بالذكر أن "بيت صداقة الشعوب" ينشط ويعمل على تقوية العلاقات ما بين الشعوب وتنمية العلاقات الدولية، وهو منتشر في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وجمهوريات روسيا الاتحادية الحالي. 

ومن هنا أرى بأنه يتوجب على كل شخص أن يعرف تاريخ بلده وثقافته ولغته جيداً ليتمكن ويكون قادراً على احترام ثقافة الآخرين والتفاعل معها.

 

 

 


"بيت الأحمق" الذي أصبح بيتاً للصداقة بين الشعوب


شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر