جود من الموجود.. باحث اقتصادي للمشهد: لم نكن نتوقع الكثير من مشروع موازنة 2025.. ولكن!
"جود من الموجود" تحت هذا العنوان يقدم الباحث والمستشار الاقتصادي د. فادي عياش عبر المشهد قراءة أولية لما تضمنه مشروع موازنة 2025 الذي تناقشه حكومة محمد الجلالي، ويرى انه من باب الواقعية والموضوعية، لم نكن نتوقع الكثير من مشروع موازنة 2025.. لاعتبارات كثيرة.. منها: "أن الوقت لم يكن كافياً للحكومة الجديدة لتقوم وفق رؤيتها بإعداد مشروع الموازنة، وكذلك هي محكومة بالموارد المحدودة المتاحة.
ويشير الباحث إلى أن الجديد في هذه الموازنة هو المنهجية الفكرية التي تحكم عمل الفريق الحكومي الجديد، والتي -حسب رأيه- تبدو منهجية تقويمية تنموية مغايرة للمنهجية السابقة.
ويضيف د.عياش: "يمكن القول إن مشروع موازنة 2025 قد يكون أكثر توازناً وأكثر واقعية.. ويقوم على تحسين إدارة العجز فيما هو متاح من موارد لتحقيق عدالة اجتماعية أكبر، من خلال الفكر التنموي الجديد القائم على عدة أسس وهي:
١- التوسع في الإنفاق الاستثماري بزيادة اسمية قدرها 48% عن موازنة 2024. (21% فعلياً).
٢- اعتبار الانفاق الجاري محرك للطلب.
٣- زيادة فعالية الإنفاق العام. فتم زيادة حصة الإنفاق الاستثماري لتصبح قرابة 30% مقابل 70% للإنفاق الجاري. بعدما كانت تشكل 25% في موازنة 2024.
٤- اعتماد سعر الصرف الرسمي الحالي 13500 ل. س مما يسمح بالاستفادة من الثبات الاسمي لسعر الصرف لتحقيق المشاريع الاستثمارية بواقعية. في حال حافظ على استقراره خلال عام 2025.
٥- اعتبار القطاع الخاص شريك موثوق. حيث يساهم القطاع الخاص بقرابة 70%من الناتج الإجمالي المحلي.. ولكن مع ضرورة ملاحظة مدى مساهمته في القيمة المضافة الاجتماعية أي في تحقيق التنمية وهذا يتطلب معالجة اقتصاد الظل وتطبيق الأتمتة والفوترة والشفافية الضريبية وإعادة النظر في التسعير الإداري.
٦- اعتبار التخطيط حاجة وضرورة وذات أهمية مضاعفة في ظروف عدم اليقين.. وبالتالي يساعد ذلك في تجاوز سياسات الترقيع من جهة.. ويساهم في زيادة التنسيق القطاعي من جهة أخرى.
٧- ديناميكية الخطة من خلال سيناريوهات عدم الاستقرار باعتماد 4300 مليار ل. س للاحتياطيات الاستثمارية.
٨- حوكمة الدعم الحكومي بأشكاله المختلفة.
٩- التراجع عن عقلية الجباية المفرطة أو على الاقل عدم الاستمرار فيها.. حيث لا تتضمن موازنة 2025 أي تخطيط لفرض ضرائب جديدة.
١٠- تخفيض عجز الموازنة بقرابة 21% عن 2024. من خلال زيادة الإنفاق العام وليس التمويل بالعجز.
ويتوقع د. عياش أن يكون هناك استقرار نسبي في التكاليف وبالتالي استقرار نسبي في المعدل العام للأسعار (بالتحليل السكوني.. اعتماداً على مشروع الموازنة فقط دون أخذ المتغيرات الخارجية بعين الاعتبار).
كما يرى الباحث الاقتصادي أن الحكومة لن تعتمد على رفع أسعار سلعها وخدماتها لزيادة الإيرادات وتخفيض عجز الموازنة كما جرى في 2024. إلا إذا كان مضاعفة مبلغ الدعم المخصص للمحروقات سيكون لتعويض زيادة الأسعار المحتملة وليس لزيادة الكميات.
ووفقاً لما تقدم يتوقع الباحث ايضاً تحسناً في الإنفاق العام الفعلي، لكن بما لا يتجاوز 20% في حال استقرار سعر الصرف ومعدلات التضخم.
ويشر الباحث إلى بعض السلبيات في مشروع الموازنة، تتمثل باستمرار اعتماد دعم المدخلات عوضاً عن دعم المخرجات في الإنتاج، والذي ثبت -برايه- ضعف جدواه، وبالتالي لا يتوقع الباحث، تغير فعلي في آليات تسعير المحاصيل الاستراتيجية.
وحول الرواتب والاجور يتوقع الباحث ألا تكون هناك زيادات كبيرة ومؤثرة عليها، فالزيادة المتوقعة في الإنفاق الجاري مقارنة بموازنة 2024 تبدو غير كافية لتحقيق ذلك بشكل تام.