هل يمكننا الخروج من التضخم الجامح في سورية

هل يمكننا الخروج من التضخم الجامح في سورية

في وقتنا الراهن تتغير أسعار السلع والخدمات كل يوم وتؤثر على اقتصادنا وحياتنا اليومية بأشكال مختلفة ويعتبر التضخم ظاهرة عالمية تشمل كافة الاقتصاديات المتقدمة منها أو النامية، واليوم كلنا معنيون بالتضخم ,وكلنا نسأل عنه ,ماهو التضخم ؟ أهو هبوط في القدرة الشرائية للعملة ؟ولماذا ؟أم هو نتيجة سوء إدارة الموارد والثروات والاقتصاد؟ أم هو نتيجة لتوسع المشروعات الصناعية والتجارية أو لمطالب العمال لرفع الأجور وسياسات البنوك في منح القروض ؟وما هي أثار التضخم على التنمية الاقتصادية ؟


إن سورية اليوم تواجه أشد انواع التضخم ألا وهو التضخم الجامح ويستدل عليه من تدهور قيمة العملة بنسبة 1/80 أو الرقم القياسي للأسعار ارتفع بحوالي 100ضعف واليوم بدأ الرقم بالتحرك من جديد. ويعتبر هذا النوع من اخطر أنواع التضخم . إن ارتفاع معدل التضخم في هذا النوع يترافق مع سرعة في تداول النقد في السوق ,فقد يؤدي هذا النوع من التضخم الى انهيار العملة الوطنية , كما حصل في كل من ألمانيا خلال عامي 1921و1923 وفي هنغاريا عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية .

يؤثر التضخم على بعض فئات المجتمع أكثر من بعضها الآخر فأصحاب الدخول الثابتة هم أكثر المتضررين من ارتفاع الأسعار والتضخم بينما يستفيد أصحاب الدخول الناشئة عن الأرباح من رجال الأعمال والتجار الذين ترتفع دخولهم بنسبة أكثر من ارتفاع الأسعار وهذا يفسر لنا اختفاء الطبقة المتوسطة في سورية وتعميق الفوارق الطبقية بين المواطنين.


البعض رأى أن منح زيادة على الرواتب والأجور سيؤدي إلى تخفيف آثار التضخم من خلال تحسين مستوى المعيشة ولكن النتائج جاءت مغايرة نتيجة استمرار الأسعار بالارتفاع نتيجة عدم القدرة الإنتاجية على مجاراة الطلب المتزايد.

أيضاً الرقابة على الأسعار وفرض التسعير الجبري لم يؤدي للنتائج المرجوة في الحد من التضخم .

إن معالجة التضخم يجب أن تنطلق من الأسباب المنشئة له وهي زيادة في كمية النقود المتداولة , بأكثر من زيادة الإنتاج مما يؤدي إلى الارتفاع في المستوى  العام للأسعار أو بمعنى أدق زيادة الطلب على العرض زيادة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار .
إذاً المشكلة في جانب الإنتاج والسؤال كيف سنتمكن من تحريك الانتاج لتخفيف الضغوط التضخمية؟

السيد رئيس الجمهورية أشار في لقاءاته الصحفية الاخيرة أن مشكلة تحريك الانتاج تتوقف على حل مشكلة الكهرباء وإذا راجعنا كل تصريحات الصناعيين والحرفيين نجد أن المشكلة الأساسية تصب في الإطار ذاته وهو الكهرباء.

والسؤال هنا هل اتخذت الحكومة أية إجراءات لتحسين وضع الكهرباء للصناعيين؟ الجواب باستثناء مايجري في حلب وبإشراف مباشر من السيد رئيس الجمهورية لم يجري تحسين لواقع الكهرباء بل –وهنا انقل كلام بعض المواطنين والصناعيين – يجري تقنين الكهرباء عن محطات ضخ المياه والمنشآت الصناعية لصالح تغذية المنشآت السياحية!

الحل لمشكلة التضخم الجامح لن يكون عبر إجراءات آنية وإسعافية وإنما عبر تبني استراتيجية وطنية تهدف للنهوض بالإنتاج وتوفير كل السبل الكفيلة بتحقيق النهوض بالإنتاج من كهرباء وطاقة وهنا يجب على وزارة الكهرباء ان تتحلى بالشفافية وتعلن جوهر مشاكلها ورؤيتها الاستراتيجية لحلها ليتمكن الصناعيون من بناء رؤيتهم الاستراتيجية للنهوض بالإنتاج وأن تبتعد عن التصريحات المتناقضة تارة نقص فيول وتارة نقص غاز وتارة عطل..

الهدف هو الوصول إلى أقصى قدر من الانتاج
إن تحقيق أقصى قدر من الإنتاج ,سيؤدي إلى زيادة دخل الفرد زيادة حقيقية وليست تضخمية، ورفع مستوى المعيشة، وهذا لايتم إلا بتعاون الجميع حكومة وصناعيين ومواطنين مع أدوات السياسة النقدية، بحيث يقدم كل فرد ما يستطيع أن يقدمه في العملية الإنتاجية .


قد يتساءل البعض ما دور المواطنين في ذلك؟
الاجابة على السؤال تتم من خلال الاقرار بالحقائق التالية:
الحقيقة الأولى هناك ارتفاع كبير في معدل الاكتناز خارج الدورة الاقتصادية إن كان على شكل تهريب أموال أو على شكل الاحتفاظ بأموال جامدة وعملات صعبة وذهب خارج البنوك.

الحقيقة الثانية خروج الأموال المشار إليها سابقاً يخفض من الطلب الفعال ويخفض من قوة الدورة الاقتصادية.

الحقيقة الثالثة لا يمكن معالجة التضخم أو النهوض بالاقتصاد بدون عودة الطبقة الوسطى وهذا يترتب عليه استخدام الضرائب وأدوات السياسة المالية والنقدية لتحويل جزء كبير من الدخل القومي المتركز بيد الطبقات الحديثة الثراء نحو طبقات على حافة الفقر لإعادتها إلى مصاف الطبقة الوسطى.

هكذا فقط نستطيع كسر التضخم الجامح في سورية وتحسين قيمة النقد وزيادة الدخول الحقيقية وتحسين مستوى المعيشة.                                                                                                                    

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني