جرمانا.. المدينة الغارقة في الإهمال!

جرمانا.. المدينة الغارقة في الإهمال!

ريف دمشق | حسن يوسف فخور

تتعاقبُ مجالسُ بلديةِ جرمانا ورؤساؤها كما يتعاقبُ مخاتيرُ "ضيعة تشرين"، فالوعودُ كثيرةٌ وكبيرةٌ والأفعالُ شحيحةٌ كشُحِ المياه في بيوتها؛ الوضعُ الذي يشتكي منهُ الأهالي منذُ أكثرَ من سنةٍ خلتْ، وخلتْ فيها المدينةُ من الخدمات؛ المدينةُ التي احتوتْ عشوائياتها قبل تنظيمِها أضعافَ قدرتِها الاستيعابيةِ من مهجري الحربِ.

أزمة مياه..

تعاني أحياءُ جرمانا العشوائيةِ منها على وجهِ الخصوصِ وتحديداً "كشكول" من مشاكلَ دائمةٍ في إيصالِ المياهِ إلى بيوتِها، على مدى أشهرٍ عديدةٍ تلقتْ "المشهد" عدةَ شكاوٍ من أهالي المِنطقةِ، حيثُ قمنا بإعدادٍ تقريرٍ عن معاناةِ الأهالي وإيصاله إلى الجهاتِ المعنيةِ؛ لتعاودَ المياهُ الانقطاعَ بعدَ حوالي شهرينِ من إعادةِ ضخِها، سلّطنا الضوءَ مرةً أخرى فعادتْ المياهُ إلى محتاجيها.

الاهمال أشد وطأة!

لم تكنْ مشكلةُ الأهالي انقطاعِ المياهِ بقدرِ ما هي إهمالُ مجلسِ البلديةِ لحيِّ "كشكول" وفق تعبيرِ السيدة "ربى"، حيثُ أكدتْ أنه سبقَ وانقطعتْ المياهُ لمدةٍ تسعةِ أشهرِ عن حارتِها، والتي تقدمتْ بشكواها الأخيرةِ إلى "المشهد" بعد انقطاعِ أملهم من البلدية التي قطعتْ عنهم المياه، حيث كانتْ تردُ عليهم بحلٍ واحدٍ: "مشكلتكم مع وحدةِ المياه"، وحدةُ المياهِ التي تقومُ بدورها بإعطاء إبرِ المخدرِ دون أي علاجٍ لهذا المرضِ الذي أفرغَ جيوب الأهالي كما صبرهم، اشتكتْ السيدة ربى مؤخراً تكرار المشكلةِ ذاتها في ضياعِ حقِها وجيرانِها _بين "حانا ومانا"_ في توفرِ المياهِ في مدينة تعدُّ جزءاً من غوطةِ دمشقَ، حيثُوتتكررُ المشكلةُ ذاتًها في الحاراتِ المجاورةِ لسوقِ الخضارِ؛ ذاكَ السوقُ الذي يملكُ حكايةً منفصلةً متصلةً عن انقطاعِ المياهِ.

سوق خضار عشوائي:

يشكِّلُ سوقُ الخضارِ مقصدَ أهالي المِنطقةِ والمناطق المجاورةِ، بل حتى أن البعضَ يقصدُهُ من مناطقَ بعيدةٍ بعضَ الشيءِ ليأخذَ مونةَ الأسبوعِ منه، حيثُ يشتهرُ هذا السوقُ بأنه الأرخصُ في دمشقَ وريفها، حتى أنَّ الكثيرَ من أصحابِ المحالِ التجاريةِ في  جرمانا يقصدُهُ بدلَ سوقِ الهالِ؛ ليتبضعَ منهُ، والتي ترتفعُ أسعارهم بفارقٍ يتراوحُ بين (٨٠_١١٠%) عم "سوق كشكول" دونَ حسيبٍ أو رقيبٍ؛ وفق أحد أصحاب "البسطاتِ".

يعاني السوقُ من سوءِ التنظيمِ بين "البسطات" التي تضاعفتْ أعدادُهت بعد العام ٢٠١٤، وامتدتْ لتلاصقَ المتحلقَ الجنوبي بشكلٍ مؤذٍ للعين؛ الأمرُ الذي أدى إلى انتشارِ القمامةِ وفضلاتِ الخضارِ والفواكهِ بشكلٍ تسببَ بانتشارٍ كثيفٍ للحشراتِ بما فيها الذبابُ الذي راحَ يتشاركُ الخضارَ مع الناس، بل إنَّ الناس تأكلُ فضلاتِهِ من الخضارِ والفواكهِ في ظلِ شبهِ انعدامٍ للحاوياتِ وغيابِ عمالِ البلديةِ عن واجبهم، حيث أكدَّ الرجلُ المذكورُ أنهم جاؤوا في بدايةِ الشهرِ الماضي وأخذوا من كلِ "بسطة" مبلغَ خمسةِ آلافِ ليرةٍ كضريبةٍ غيرٍ رسميةٍ ليهتموا بنظافةِ السوقِ إلا أنهم لم يعودوا بعدها قائلاً: "ياخدوا صحة وهنا بس المشكلة اختفوا بعدها ههههه".
هنا لا بدَّ أنْ نتدخلَ ونقترحَ على البلديةِ الموقرةِ فكرةَ تنظيمِ السوقِ أسوةً بسوقِ الخضارِ في "مساكن برزة".

القمامة تزحف!

تنتشرُ الحاوياتُ في مدينةِ جرمانا بشكلٍ عشوائيٍ، فقد تجدُ ثلاثَ حاوياتٍ مجتمعاتٍ بجانبِ أحدِ الأبنيةِ أو الحاراتِ _بعيداً عما إذا كانتْ مدعومةً أم لا_ وقد تمشي مئاتِ الأمتارِ دون أن تلحظَ واحدةً؛ الأمرُ الذي سببَ تراكمَ القمامةِ بشكلٍ مريبٍ، خاصةً وأنَّ بعضَ الحاوياتِ _في كشكول تحديداً_ على حالها منذ أيامِ سبقتْ عطلةَ "عيدِ الأضحى" حتى اليوم وكأنَّ البلديةَ ما زالتْ تعيشُ أجواءَ عطلةِ العيدِ، أو أنَّ حيَ "كشكول" خرجَ عن الخريطةِ، فتشكلتْ أكوامٌ من القمامةِ الموبوءةِ فيه، والتي بقيتْ مصدرَ رزقٍ للأطفالِ المشردينَ نهاراً ومرتعاً لقطعانِ الكلابِ ليلاً، تلك التي تشكِّلُ خطراً آخراً لا بدَّ من الإضاءةِ عليهِ.

والكلابُ الضالة تسرح وتمرح..

تسيطرُ قطعانُ الكلابِ الضالةِ على الشوراعِ ليلاً في أحياءِ جرمانا، ويتكثفُ انتشارها في حييِّ "القريات" و"كشكول"، حيثُ تنتشرُ على شكلِ مجموعاتٍ تتراوحُ بين (٣_٨) كلابٍ، ولا يقتصرُ انتشارها على الحاوياتِ والشوارعِ العامةِ، بل تنتشرُ في الحاراتِ الشعبيةِ، وبغضِ النظرِ عن نباحِها المزعجِ ليلاً، فتواجدُ كلابٍ ضالةٍ قد تكونُ مسعورةً هو أمرٌ خارجٌ عن المنطقِ في القرنِ الواحدِ والعشرينِ، ناهيكَ عن أنها قد تهاجمُ أي عابرِ طريقٍ وتسببُ له داءَ الكلبِ في ظلِ غيابِ المشافي الحكوميةِ عن المدينةِ، مع تواجدِ عدةَ مشافٍ خاصةٍ، وفي مشافينا الخاصةِ لا نسألُ ردَ القضاءِ، بل اللطفَ فيهِ، واللطفُ بطبقاتِ الشعبِ الدنيا سمةٌ حكوميةٌ بحتةٌ.

مشفى جرمانا الحكومي:

دشنتْ الحكومةُ _أثابها اللهُ_ متمثلةً برئيسِ مجلسِ الوزراءِ الأسبقِ "وائل الحلقي" مشفى جرمانا الحكومي بتاريخ ٢١ تشرين الثاني عام ٢٠١٥، بعد أنْ تبرعتْ إحدى عوائلِ جرمانا بأرضها لإنشاءِ مشفىً يخدِّمُ المدينةَ إلا أنه وفي العامِ ٢٠١٨ تراجعتْ وزارةُ الصحةِ عن قرارها، وأشارتْ لمجلسِ الوزراء بإعادةِ المشروعِ على أن يكونَ عياداتٍ شاملةً فقط؛ لأسبابٍ عدةٍ كقلّةِ عددِ سكانِ المدينةِ _من وجهةِ نظرِها_ وقربِ عدةِ مشافٍ حكوميةٍ منها في القرى والبلداتِ المجاورةِ، استجابتْ رئاسةُ مجلسِ الوزراءِ لطلبِ وزارةِ الصحةِ بتاريخِ ٢٢ كانون الثاني من العام ٢٠١٨ إلا أنَّ العياداتِ الشاملةِ تلك لم تُفتتحْ حتى اللحظةِ.

تتعاقبُ مجالسُ البلديةِ والمحافظونَ والحكوماتُ، وما تزالُ مدينةُ جرمانا _خاصرةُ دمشقَ_ بأحيائها تعاني سوءَ الخدماتِ باستثناءِ الكهرباءِ _اللهم لا حسد؛ اعمِ أبصارهم عنها_ تنتظرُ من يستجيبُ لمطالبِ سكانِها وتحسينِ خدماتِها بعيداً عن التفاوتِ الطبقي بينها وبينَ بعضِ أحياءِ العاصمةِ ذاتِ النجومِ الخمسةِ، فهل نتأملُ من تغيراتِ المحافظينَ الأخيرةِ خيراً أم أنَّ على الناسِ أنْ تصبرَ وتعيشَ حتى ينبتَ العشبُ على المريخِ؟!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر