هوامش الربح المحددة لمحطات الوقود: شرعنة للسرقة بنظر أصحابها وعبء مالي بنظر الحكومة

هوامش الربح المحددة لمحطات الوقود: شرعنة للسرقة بنظر أصحابها وعبء مالي بنظر الحكومة

المشهد | ريم ربيع

"كيف تصبح مليونيراً في عدة أشهر، ومليارديراً في بضعة سنوات.!".. جواب هذا التساؤل نجده في تلهف البعض للحصول على رخصة إقامة محطة وقود يفترض أنها "منشأة خدمية" غير ربحية، متجاهلين في الوقت ذاته عشرات ومئات الاستثمارات الأخرى المعروضة على طاولة الحكومة، فاللهاث المحموم من قبل راغبي الثروة "السهلة" خلف محطات الوقود يعود لأرباحها الخيالية، التي تجاوزت مجرد مخالفات لجني الآلاف أو الملايين، بعد أن أصبح الحديث عن عشرات الملايين المحصلة بشكل يومي!

كما يحلو له!
المعدلات الفلكية لأرباح المحطات خرجت من الإطار القانوني الذي حدد العمولة بالقروش!، حيث كانت العمولة المسموح فيها أربعة بالألف للمازوت وخمسة بالألف للبنزين، وهنا كان الجدل المستمر لسنوات بين أصحاب الكازيات والجهات المسؤولة، لضرورة رفع النسبة كما دول الجوار لـ5% وسطياً، بحيث يحقق المستثمر أرباحاً منطقية تغطي تكاليفه على أقل تقدير، وبذلك يصبح لا عذر له في تحصيل الأرباح "بالطريقة التي تحلو له"، إلا أن الرد كان يأتي دائماً بالعبء الذي قد تشكله زيادة العمولة والذي سيضاف إلى عجز شركة محروقات، مع التأكيد على أرباح المستثمر المحققة من فرق الحرارة التي توزع فيها المحروقات.

من 4 بالألف لـ1%
وبعد الكثير من الجدل وسنوات من المطالب والصد والرد، زاد هامش الربح مؤخراً "وعلى السكت" وفق ما كشفته لنا وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ليصبح 1% منذ أكثر من شهرين، معتبرة ضمن أجوبتها "المختصرة" على أسئلتنا أن النسبة هكذا أصبحت كافية مع الفرق بدرجات الحرارة، حيث تصل المشتقات النفطية لمحطات الوقود بدرجة حرارة 16 على الأكثر، ليحتسب بذلك التمدد بالمادة نتيجة فرق الحرارة ضمن أرباح صاحب الكازية.

شرعنة الاحتيال!
في المقابل يصرّ أصحاب الكازيات على أن ما سبق لا يحقق التكاليف المترتبة عليهم من أجور عمال وفواتير كهرباء ومياه وهاتف وصيانات وغيرها، معتبرين أن تقليص هوامش ربحهم بهذا الشكل يشرعن لهم البحث عن مصادر أخرى، لاسيما مع التلاعب الذي يقوم به أصحاب الصهاريج، حيث أكد صاحب كازية في دمشق أنه من شبه المستحيل أن يصل الطلب كما هو للمحطة، حيث يعمد معظم أصحاب الصهاريج لتحصيل ما يعتبرونه "حصتهم" عبر التلاعب بالكيل، فضلاً عن النقص بالكمية الناتج عن النقل لمسافات طويلة، وإكرامية السائق التي تصل في معظم الأحيان لـ100 ألف ليرة، إذ أوضح صاحب الكازية أن الإكراميات والهدايا وحدها باتت تحتاج ميزانية.! مضيفاً: "كي تطاع اطلب المستطاع" فإن أرادت وزارة التجارة الداخلية من أصحاب المحطات الالتزام بقوانينها، فلا بد أن تدرس بدقة احتياجات المحطة وتكاليفها لتراقب على هذا الأساس.

الخسارة أو السرقة!
وأمام خياري "الخسارة أو السرقة" تنوعت الأساليب التي يتبعها أصحاب محطات الوقود في تحصيل ما أمكن من أرباح جعلت منهم أصحاب ثروات هائلة لم يستغرق تجميعها أكثر من أشهر أو أعوام قليلة، فأساليب الغش بالكميات والمتبعة منذ القدم تطورت اليوم وتنوعت ليسجل في الكازيات مدارس في تعليم الاحتيال بين الكمية والسعر وتجميع البطاقات واستغلال فرق سعر المدعوم عن الحر عن السوداء، كلها تحت حجة تأمين مستلزمات المحطة ودفع تكاليفها.

الضحية ذاتها..
وبين مطالب المستثمرين والتجاهل الحكومي وقع –وكما العادة- المستهلك كضحية في هذا النزاع، فاليوم بات شبه مستحيل أن يحصل أحد على مخصصاته كامله، إذ دائماً ما تكون منقوصة ليتر أو ليترين في الكازيات (ذات السمعة الجيدة) وأكثر من ذلك في غيرها، وفوق نقص الكمية يطلب العامل إكرامية أيضاً بين 2000لـ3000 ليرة، فضلاً عن تأجير البطاقات الذكية، وفتح سوق سوداء جديدة بالكميات المخصصة من البنزين والمازوت الحر، وغيرها من التجاوزات التي يدفع المواطن ثمنها.

كل يغني على ليلاه!
مقابل ذلك تواصل دوريات حماية المستهلك رقابتها التقليدية على المحطات والتي نتج عنها 1324 ضبط منذ بداية هذا العام، وسط "تطنيش" أصحاب الكازيات واستمرارهم بآلية عملهم ذاتها، فيما أوضحت الوزارة أن أي زيادة أخرى في هامش الربح تتطلب موافقة اللجنة الاقتصادية لما تشكله من عبء، وهناك توجهنا لشركة محروقات للسؤال عن العبء المترتب عليها ورأيها بمطالب أصحاب الكازيات وعدد المحطات العاملة، إلا أن الرد كان بالتوجه للمكتب الصحفي في وزارة النفط، والذي اعتبر بدوره أنه هذه الأسئلة من اختصاص وزارة التجارة الداخلية!.

50 مليون باليوم!!
عضو جمعية حماية المستهلك عامر ديب وصف العمولة المحددة بالممتازة، فالدولة توزع البنزين والمازوت بهامش ربح كمادة، أي أن زيادة الطلب عليها تزيد تلقائياً من أرباح صاحب الكازية، ومع ذلك يحاول الجميع تبرير السرقة لنفسه من صاحب الكازية للتاجر للصناعي، فالأرباح غير المشروعة للكازيات تصل ببعض الأحيان لـ50 مليون ليرة في اليوم.! ويومية عامل الكازية لا تقل عن 100 ألف ليرة، فعلى افتراض أن تكلفة إنشاء الكازية 100-150 مليون ليرة، يحصّلها المستثمر بثلاثة أيام فقط!.

وبيّن ديب أن المشكلة الأساسية تكمن بآلية وزارة التجارة الداخلية بضبط الكازيات والعمال فيها والتي أثبتت عدم جدواها، فالضبوط والإغلاقات لم تنفع بالردع، ولا حتى البطاقة الذكية ضبطت الكميات، بل يتطلب ذلك أتمتة كاملة بين وزارة التجارة والمحطات ووزارة النفط، لمعرفة الكميات الداخلة والخارجة من المحطة، إذ يوجد خلل في المنظومة الأساسية يجب حله بأسرع وقت، مشيراً إلى أهمية التحول للطاقات البديلة والسيارات الكهربائية بظل أزمة الوقود العالمية، ونقص التوريدات لسورية بشكل كبير.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر