"وزراء التربية" وصلاحية احتكار النتائج واصطناع المفاجآت!

"وزراء التربية" وصلاحية احتكار النتائج واصطناع المفاجآت!

لم يخرج وزير التربية الحالي عن النهج الذي اتبعه أسلافه لجهة احتكار الاعلان عن مواعيد اصدار نتائج الشهادات، فبينما كان معاون الوزير صباح اليوم يؤكد عبر أحد التلفزيونات الرسمية (القناتة التربوية) أن نتائج شهادات التعليم الاساسي ستصدر وفق الخطة التي وضعتها الوزارة، أعلنت صفحة رئاسة مجلس الوزراء في فيسبوك أن وزير التربية دارم طباع صرح خلال الجلسة عن موعد صدور النتائج!، ما حدث هو بمثابة ضعف تنسيق متعمد، سيمنح الوزير صلاحية مطلقة في إعلان المفاجأة!.

حدث ذات مرة في عهد وزير تربية سابق أن نفى موعد صدور النتائج بنفسه، واذا به يخرج في نفس اليوم على التلفزيون ليعلن صدور النتائج الثانوية، كان ذلك لتضخيم عنصر المفاجأة.. ربما!، ولا مرة كانت هناك خطة لإعلان صدور النتائج، سوى خطة وحيدة تمكن رأس الهرم في الوزارة من اصطناع المفاجأة!

تقريباً كل الذين تسلموا حقيبة التربية بشكل أو بآخر تصرفوا على هذا النحو، وهنا لسنا بوارد إجراء تحليل نفسي لاستيضاح السبب الذي يقف وراء اصرار وزراء التربية المتعاقبين لربط الاعلان عن صدور نتائج الشهادات بشخصهم؟!، إنما نود الاشارة الى تلك الهالة التي تُحاط بها عملية امتحانات ونتائج الشهادات (التاسع - والبكلوريا)، إذ يكاد يكون هذا الحدث السنوي هو الأبرز ومتفوقاً على جميع الأحداث الأخرى، فمعظم الأسر السورية معنية به وتنتظره بفارغ الصبر، ومن خلاله يتحدد مصير مئات الآلاف من الطلاب، وتستنفر لأجله آلاف وربما عشرات آلاف الكوادر، ويتصدر عناوين مختلف وسائل الإعلام المحلية!.

نقاشات طويلة وكثيرة دارت في أوساط الأكادميين والتربويين لتخفيف العبء والضغط النفسي الذي يتعرض له طلاب الشهادات وأسرهم على ما يؤكد أحد الباحثين، لكن دون جدوى، فالعملية تحتاج إلى إعادة نظر بالنظام التعليمي برمته، فنتيجة التعليم الأساسي مثلاً هي التي ستحدد أين سيكون الطالب في المرحلة الثانوية، النظرة الدونية للتعليم المهني والتي كرستها آلية القبول، حيث يدخله أصحاب العلامات المتدنية، تدفع الطلاب ومن ورائهم الأهل للاعتقاد أن المستقبل يبدأ من هنا، أو ينتهي هنا!.

كل المحاولات التي تقودها وزارة التربية خلال فترة الامتحانات لتبديد ما اصطلح على تسميته "القلق الامتحاني"، كانت تزيد من توتير الأجواء، فحالة الاستنفار القصوى التي تتعمد الوزارة إظهارها للعلن، أكان لجهة إعلان الترتيبات أو الإحاطة بالجهود المبذولة عبر وسائل الاعلام، وما يتخللها من تصريحات مرتبكة أحياناً، أو متضاربة أحياناً أخرى، وحتى تلك الصور التي انتشرت خلال تصحيح الأوراق الامتحانية، والعمل لساعات متأخرة، وخلال العطل، وما الى ذلك، كلها كانت تصب في رفع منسوب القلق، وهي وإن كانت عن حسن نية إلا أنها أسهمت بشكل غير مباشر بتضخيم تلك الهالة وتعقيداتها أمام جمهور الطلاب والأهل!.

من بين أكثر الطروحات التي قد تسهم في تفكيـك عقدة الامتحان النهائي للشهادات (التاسع والبكلوريا)، تلك التي تقترح إعادة احتساب النتيجة النهائية من خلال جمع محصلة الطالب في صفوف كل مرحلة، كأن تدخل علامات الصفين السابع والثامن في المحصلة النهائية لامتحان شهادة التعليم الأساسي وفق نسب معينة، كذلك بالنسبة للشهادة الثانوية، تحتسب علامات الصفين العاشر والحادي عشر، وبهذا تكون نتيجة الامتحانات في الصف النهائي لكل مرحلة،  هي المرجح، وليست المعيار الوحيد والنهائي الذي سيتوقف عليه مستقبل الطالب، الذي قد يكون تعرض لظروف لم تكن في الحسبان تجعله يتخلف عن مستواه الطبيعي، مع الاشارة هنا بأنه يمكن تحديد معايير خاصة بالنسبة للمتقدمين الى امتحانات الشهادات بصفة حرة.

ربما يكون هذا الطرح ليس مثالياً بما يكفي، ولكن لا بأس من الاعلان عن أي طرح يجنب الأجيال القادمة وأهاليهم الضغوطات المادية والمعنوية خلال فترة الدراسة والامتحانات وانتظار النتائج، أي حل يمكن من خلاله رفع قيمة اجتياز الطالب لكل مرحلة دراسية والانتنقال إلى أخرى، دون حشره في زاوية ضيقة، أي فكرة تمكن من سحب سلطة اصطناع المفاجآت والمباغتات التي لا معنى لها!.

هامش: بينما كنت أخط هذه السطور بدأت أسمع أصوات لعيارات نارية، أخمن أن بعض الآباء انتابتهم نشوة فرح جنونية لنجاح أبنائهم في شهادة التعليم الأساسي، بينما آباء آخرون سينهالون على أبنائهم الراسبون بوابل من السباب والشتائم، هذا إن لم يستخدموا سلاح العائلة التقليدي كالأحذية وعصي المساحات التي عادة ما تكون بمتناول اليد!.. بعض الأهل سيكتفون بالفرح أو الحزن.. برأيهم المستقبل إما بدأ أو انتهى!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني