كي لا يحدث الاسوأ.. يجب وضع حد أعظمي للسوء ممنوع تجاوزه!

كي لا يحدث الاسوأ.. يجب وضع حد أعظمي للسوء ممنوع تجاوزه!

منذ سنوات وهذه البلاد تقبع في مساحة لا متناهية من السوء وخاصة ما يتعلق بمعيشة المواطنين، ولو أن جزء من هذا السوء يمكن تعليقه على الحرب وتداعياتها، الا أن لفشل الادارة قسط وافر من مسبباته!.

اليوم أمامنا الأسوأ، والأكثر سوءً، وكي لا نصل الى ذلك يجب وضع حد أعظمي للسوء ممنوع تجاوزه، فإذا سلمنا أن الحرب وتداعياتها أنتجت الواقع السيء، فعلينا أن نقف عند هذا الحد، فلا تتسبب الادارات الفاشلة في حدوث الأسوأ!.

لكن كيف يكون ذلك؟
لنعود الى سنوات الحرب الأولى التي جرت علينا كل هذا السوء وويلاته، آنذاك كانت الاجراءات الحكومية مقتصرة على ملاحقة تداعيات يوميات الحرب (كانت تعمل كل يوم بيومو)، تقريباً المواطن السوري بقيت أوضاعه المعيشية مستقرة لمنتصف العام 2013، ثم بدأت تظهر فروقات سعر الصرف وانعكاساتها الحادة على مستوى الاسعار، مالبثت الأمور أن تعقدت مع دخول عوامل جديدة مع خروج مناطق واسعة عن سيطرة الدوله، مناطق تمثل الثقل الاقتصادي (النفط - الغاز - القمح.. الخ)، تسبب ذلك بطبيعة الحال بأزمات متلاحقة في رغيف الخبز واسطوانة الغاز والمازت وزادت من ساعات التقنين الكهربائي، كانت ظروف سيئة لكن سرعان ما تأقلم معها المواطن، وكان الهم الأكبر هو الأخطار الأمنية، وكي لا نطيل، كان من المتوقع أن تنحسر تلك الأوضاع السيئة مع العام 2018 حين خرج آخر مسلح من العاصمة دمشق وتحررت مساحات واسعة من الجغرافيا السورية، وانحسرت المعارك إلى بقع محدودة، مع الاشارة الى أنه في سنوات 2016 و 2017 كانت التصريحات الحكومية كلها تصب في خانة أننا خرجنا من عنق الزجاجة (اقتصادياً على الاقل)، لكن  ما حصل بعد ذلك هو العكس تماماً!!.

كان من المتوقع أن تنحسر تلك الأوضاع السيئة مع العام 2018 حين خرج آخر مسلح من العاصمة دمشق وتحررت مساحات واسعة من الجغرافيا السورية


ففي العام 2016 على سبيثل المثال كانت هناك مطالبات من داخل الحكومة نفسها التي كانت تشكلت حديثاً بزيادة الانفاق الاستثماري، قاد هذا التوجه وزير الاقتصاد حينها الدكتور أديب مياله (وكان قبل ذلك حاكماً لمصرف سوريا المركزي لمدة تزيد عن 11 عاماً)، لم يعمر ميالة طويلاً في حقيبة الاقتصاد، وخرج بعد أشهر من تنصيبه!، في أول تعديل وزاري آنذاك!.

ومع ذلك، أي رغم عدم الانفتاح على فكرة زيادة الانفاق الاستثماري، كانت الحكومة السابقة تروج الى أنها انتقلت من اليوميات الى الاشتغال على الاستراتيجيات بحكم أن الحرب صارت وراء ظهورنا، الا أن الواقع المعيشي، كان يسير باتجاه مستوايات أعلى من السوء، ودوران عجلة الانتاج التي كانت تعد بها الحكومة، تعطلت، بفعل الفشل الحكومي في مفاربة الملفات الاقتصادية، حيث كان من الواضح أن ضالتها (حماية سعر الصرف)، ولو على حساب تعطل القطاعات الانتاجية، ومع اشتداد المبالغة في حماية الليرة وفق رأي كثير من الاقتصاديين، كانت العملة الوطنية آخذة في التدهور، يتذكر السوريون اجتماع الشيراتون في العام 2019 الذي ضم عدد كبير من رجالات المال بهدف دعم الليرة، يتذكرونه كتاريخ مشؤوم، كل ما جاء بعد ذلك يمكن وضعه في خانة (الأسوأ) وعلى مختلف المستويات.

على كل حال وبعيداً عن الخوض في التفاصيل التي قد يحتاج سردها الى عشرات المقالات من العيار الاستقصائي، تجدر الاشارة هنا الى أننا وخلال مراحل التدرج في السوء "دائماً نحو الأسوأ"، كانت السياسات الحكومية الاقتصادية تجد دوماً شماعة لتعليق الفشل، فلم يكن قانون "قيصر" الذي طالما لوحت به الادارة الامريكية قبل صدوره في العام 2020 ورغم قسوته وعدوانيته، والذي تزامن مع دخول جائحة كورونا، لم يكن سوى دريئة جديدة تمكن الفريق الحكومي من التلطي خلفها لمواجهة الانتقادات الشعبية، مع استمرار متوالية التدهور المعيشي!.. وعلى قولة أحد المسؤولين: "خططنا كانت صحيحة وفعلنا كل ما بوسعنا لكن الظروف دائماً تأتي في غير صالحنا!!.

يتذكر السوريون اجتماع الشيراتون في العام 2019 الذي ضم عدد كبير من رجالات المال بهدف دعم الليرة، يتذكرونه كتاريخ مشؤوم!

طبعاً وللأمانة لم يخل الأمر في بعض المراحل السابقة -كلما اشتد السوء- من صدور اقالات لمسؤولين، واحياناً من العيار الثقيل، وبالرغم من عدم معرفة الاسباب المباشرة لتلك الاقالات الا أننا يمكن أن نخمن، أن هذا المسؤول عندما تم عزله أو "تغييره" إنما تجاوز فشله أو ترهله أو ربما فساده الحد المسموع، لذلك عاصرنا ثلاثة وزراء للتجارة الداخلية في عهد حكومة خميس السابقة، ومثلهم في وزارة الصناعة و"خميس" نفسه أقيل في العام 2020 وبشكل افرادي ربما كدليل على فداحة الاخطاء التي ارتكبها ودرجة السوء التي تسبب بها.

وعليه سيكون من الجيد وضع معايير لتقييم حاملي الحقائب الوزارية، على الأقل تضمن عدم انزلاقنا نحو الأسوأ، فإذا كانت البطاقة الذكية مثلاً وجدت في الظرف السيء بهدف توزيع النقص على الجميع وبالتساوي، يصبح طول طابور الخبز معياراً، زيادته تعني فشل اداري يجب أن يحاسب عليه أحد ما ويتحمل مسؤوليته، كذلك بالنسبة لطابور محطات الوقود، وتأخر الرسائل، ووصول سعر ليتر المازوت الى سبعة الاف في موسم الحصاد، وتعطل النقل الداخلي، كما أن اشكالية التقنين الكهربائي عمرها سنوات، والأسوأ فيها هو أن نصل لمرحلة التعتيم العام كما حدث مؤخراً، هذا التعتيم الكامل يمكن أن يقابله مثلاً تغيير حكومي يشمل الوزارات المعنية بهذا القطاع، إن لم نقل إقالة الحكومة.. ما الذي يمنع؟!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني