حصاد الكالتشيو | معجزة أي سي ميلان ... كيف حصلت ؟

حصاد الكالتشيو | معجزة أي سي ميلان ... كيف حصلت ؟

أشرف عبد الله | المشهد

تفجرت أفراح عشاق الميلانستا في إيطاليا وحول العالم بعد ما نحج الروسونيري المارد الأحمر والأسود بتحقيق لقب تاريخي بكل معنى الكلمة بعد غياب استمر 11 عاماً عن منصات الألقاب المحلية .

عند توزيع الجوائز الفردية نال الميستر ستيفانو بيولي جائزة مدرب الموسم، والظاهرة القادم بقوة رافائيل لياو لقب لاعب الموسم أيضاً. ولكن كيف حقق الميلان هذه المعجزة وهل كانت حقاً بفضل تدني مستوى المنافسين في الدوري الإيطالي وحسب، أم أن هنالك عملاً حثيثاً قام به مسيرو النادي تكلل بهذا التتويج؟

لو قمنا باستعادة شريط الأحداث إلى العام 2012، صرح باولو مالديني في حديث له لصحفية "لا ريبوبليكا" اليومية الإيطالية المشهورة: "لقد فقد ميلان سحره". وعزى ذلك إلى ضعف الجوانب الإدارية في النادي. كما أسلف أن المالك الأسطوري السابق لنادي الميلان سيلفيو بيرلسكوني لم يكن يرغب بمنح باولو دوراً في الهيكل الإداري للميلان .

وفي أكتوبر 2014، صرح مالديني، كمتابع ومشجع خارج أسوار النادي حينها، بعد موسم فاشل جداً حققه نادي ميلان في العام عينه. وهو الموسم الأول الذي لم يشارك فيه الميلان في البطولات الأوروبية منذ العام 98-1999 .

بعد أن أنهى الموسم الذي سبقه 2013 في المرتبة الثامنة على لائحة الترتيب. وشهد هذا الموسم انتدابات مثل جيرمي مينيز، ومباي نيانغ بعد أن تم استعادته من الإعارة، بالإضافة إلى استقدام فيرناردو توريس، وجياكومو بونافينتورا .

علق مالديني حينها: "إنه من الصعب العمل في ظل ميزانية مالية محدودة، إلا أن موسم انتدابات الميلان يدل على أن الإدارة قد خططت بشكل ضعيف للموسم". وحينها استطرد مالديني أنه باستطاعته إنقاذ القارب الغارق، إلا أنه سيرفض منصباً شرفياً غير مؤثر في تسيير أعمال النادي .

في أغسطس 2018، أتى نداء الميلان إلى باولو مالديني أخيراً، وذلك عقب أن قام صندوق "إيليوت" الاستثماري الأمريكي بالاستحواذ على النادي من المالك الصيني لي يونغ هونغ .

كان الوضع المادي حرجاً للنادي حينها، بفعل قيام المالك السابق باستثمارات غير محسوبة، حيث بلغت ميزانية الصرف 93 مليون يورو في موسم 15/2016 ومبلغ 165 مليون يورو في موسم 17/2018 .

ومع ذلك لم يحقق النادي إلا المرتبتين السابعة والسادسة على التوالي في الموسمين، كما أن كتلة الرواتب للميلان في موسم 17/2018 كانت ثاني أعلى كتلة رواتب في الدوري الإيطالي. ونجم عن الإدارة السيئة وقوع الميلان ضحية لقوانين اللعب المالي النظيف مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "اليويفا" والغياب عن كافة المشاركات الأوروبية في موسم 2019/2020 .

ومع وعي صندوق "إيليوت" لضرورة إجراء تغيير جذري على طريقة تسيير شؤون النادي، قرورا الاستعانة بباولو مالديني، ليتم تعيينه مديراً للتطوير الرياضي والاستراتيجي للنادي وللعمل مع المدير الرياضي في حينها ليوناردو البرازيلي .

وتلي ذلك استعانة "إيليوت" بخدمات الجنوب إفريقي المحنك إيفان غازيدس وهو الرئيسي التنفيذي السابق لنادي أرسنال الإنجليزي لمدة 20 عاماً .

وقام حينها غازيدس بتشكيل لجنة تقنية لتسيير النادي ضمت كل من هنريك ألمستناد، كرئيس للعمليات التشغيلية لقطاع كرة القدم، وريكي ماسارا، كمدير رياضي، وجيفيري مونكادا، ككبير قسم الكشافين في الميلان، بالإضافة إلى ممثل عن إيليوت وباولو مالديني الذي تمت ترقيته إلى مدير رياضي بعد عام من انضمامه إلى الميلان ومع مغادرة ليوناردو للميلان .

وكانت مهمة هذه اللجنة على لسان المدير التنفيذي غازيدس حينها: "خلق ميلان جديد، يتمتع بطابع اللعب العصري". وحرصاً على تحقيق هذا الهدف، كان على الميلان الابتعاد عن السياسة الرياضية التي يُمليها الوكلاء الرياضيون والتي أثبتت عدم جدواها وبخاصة بعد فشل تعاقدات للميلان من قبيل كارلوس باكا، ونيكولا كالينتش، وكريستوف بيونتك .

ومن ثم تم التركيز على الاعتماد على الكشافين ودراسة بيانات اللاعبين التحليلية لاستهداف اللاعبين الشبان الباحثين عن اثبات أنفسهم رياضياً من خلال بوابة الميلان، بالإضافة إلى النظر للقيمة المادية العالية المنتظرة من صفقات هؤلاء الاعبين وقابليتها للزيادة أيضاً .

إن التغييرات التي قامت بها اللجنة التقنية لتسيير الميلان لم تكن فقط ذكية ولكنها كانت ضرورية أيضاً. ففي العام 2005، كان ميلان يحتل المرتبة الرابعة على "قائمة ديلويت لأغنى أندية العالم" بمداخيل بلغت 283 مليون يورو مقارنة مع 292 حققها متصدر اللائحة نادي ريال مدريد في حينها .

أما في العام 2019/2020، قبع النادي في المرتبة الثلاثين محققاً 148.5 مليون يورو على اللائحة نفسها التي تصدرها نادي برشلونة في ذاك العام بإجمالي إيرادات بلغ 715.1 مليون يورو، وتقدم الميلان على اللائحة أندية مثل ولفهامبتون وشيفيلد وغيرها .

ولفهم التأثير الكبير الذي خلفه تولي مالديني لدور المدير الرياضي للميلان يجب النظر إلى شقين. الشق الأول، هو دوره في غرف الأعمال ولقاء الوكلاء ومتابعة الخطط، بالإضافة إلى دور ثاني لا يقل أهمية وهو دوره في مواكبة الفريق ميدانياً وتأثيره على اللاعبين .

برز تأثير باولو مالديني المباشر على اللاعبين في استقطاب لاعبين مثل ثيو هرنانديز، حينها مالديني سافر شخصياً للقائه خلال عطله لثيو في ايبيزا .

وقدم له حتى بعض النصائح خلال اللقاء الأولي بينهما، الأمر الذي أثر شخصياً في اللاعب الذي يعد اليوم واحدا من أفضل اللاعبين في مركزه على مستوى العالم. فيكاي توموري، المدافع الإنكليزي الذي قدم موسماً لامعاً والمنتدب من دكة تشيلسي الإنجليزي، بدوره صرح أن مجرد حضور مالديني للتمارين يدفعه إلى رفع معاييره. قال توموري: "بحكم كوني مدافعاً، أود أن أثير إعجاب الأسطورة مالديني" .

عمل مالديني واللجنة التقنية، في إحداث نقلة نوعية لفريق الميلان، نتج عنه الحفاظ حالياً على 3 لاعبين من اللاعبين الـ 23 الذين مثلوا الفريق في موسم 2017/2018 وهم كالابريا، رومانيولي، وكيسي .

بينما تم جلب 10 من اللاعبين المؤثرين الحاليين في القائمة الرابحة للبطولة تحت إشراف اللجنة الفنية منذ موسم 2019/2020، بمن فيهم زلاتان ابراهيموفتيش، أوليفيه جيرو، الدنماركي الدولي كايير، ورافائيل لياو، الجزائري الدولي إسماعيل بن ناصر، وإبراهيم دياز، وساندرو تونالي، والحارس العملاق مينيون بديل دوناروما، وأنتي ريبيتش .

ونجح توظيف جميع هؤلاء اللاعبين بفضل العمل الإعجازي للمدير الفني الميستر ستيفانو بيولي، رجل الساعة في الميلان .

بيولي الذي استقبل بدايةً بالرفض الشديد من مناصري الميلان ليتحول بفضل ثبات مالديني، وبوبان أيضاً في حينها، على خياره ودعمه إلى نجم الفريق الفائز ببطولة الدوري والمُحتفى به حتى أكثر من اللاعبين .

إن العمل الاستراتيجي السليم يقطف الميلان ثماره اليوم بتحقيق لقب إعجازي مع فريق بمعدل أعمار 25.5 سنة، وهو ثالث أدنى معدل أعمار في البطولة الإيطالية .

وقد بدت خصائص هذا الفريق الشاب الحيوي جلياً في سلسلة الانتصارات الستة المتتالية على أرض الملعب التي قادت للتويج ببطولة الدوري الإيطالي الدرجة الأولى للعام 2021/2022 .

قدم الميلان فريقاً قوياً بدنياً ويطبق الضغط المكثف وبخاصة في النصف الأمامي من الملعب ويتمتع بالقدرة على الاستفادة من أخطاء الخصم واقتناص النقاط في المباراة تلوى الأخرى وصولاً إلى يوم التتويج .

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر