تخيلو الحياة بلا حكومة بلا وزراء.. قد تبدو أفضل!

تخيلو الحياة بلا حكومة بلا وزراء.. قد تبدو أفضل!

كثيراً ما نتعرض لأسئلة من قبيل: "ماذا تفعل الحكومة؟".. أي قيمة مضافة يقدمها الوزراء للمؤسسات التي يديرونها، والسؤال الأكثر شعبية: "شو طالع بايدن للوزراء؟".

منذ عدة سنوات وبالصدفة المحضة حضرت اجتماع للجنة التنمية البشرية، ترأسها حينها رئيس مجلس الوزراء السابق، استمر الاجتماع لنحو ساعتين، تركز الاجتماع نظرياً على عمل هذه اللجنة وكيفية تطويرها، تكلم 8 أو 9 وزراء على ما أذكر، هم أعضاء اللجنة، تكلموا في كل شيء تقريباً الا في جوهر مشكلة قصور عمل اللجنة على بعض الاجراءات الروتينية، حتى أن بعضهم مثلاً اكتفى بكيل المديح لرئيس الوزراء، واعتبروا أن مجرد ترأسه للاجتماع منعطف تاريخي في عمل اللجنة، بمداخلات سطحية، ان لم نقل ساذجة، وزير أو وزيرة على الاقل غالبه أو غالبها النعاس!، مرت سنوات لا اللجنة تطورت، ولا آليات عملها تغيرت!.

لم يُسجل في آخر عشر سنوات على الاقل من تاريخ الحكومات السورية أن "وزيراً" اتخذ قرار مفصلي "تاريخي" غير فيه مسار عمل مؤسسته نحو الأفضل!!.

لو بحثنا في عمل مختلف اللجان الحكومية لتبين أن اجتماعاتها نسخة طبق الاصل عن ذلك الاجتماع، اذاً لماذا تجتمع تلك اللجان على مستوى الوزراء؟!، لنغير السؤال الى مستوى آخر.. ماذا يفعل الوزراء؟، بمعنى ما هو مستوى القرارات التي يتخذونها بوصفهم القائد الاداري الاعلى في المؤسسه؟.. ربما يمكن لـ"البريد" اليومي أن يجب عن هذا السؤال، فإذا ما نظرنا الى محتوياته، يتبين أن كل ما سيحمله من قرارات، كانت بدأت وانتهت عند المستويات الادارية الأدنى، أي عند مستوى أقل من وزير وأقل حتى من معاون وزير (اجازات - نقل - عقد نفقة ..الخ)، وعليه لم يُسجل في آخر عشر سنوات على الاقل من تاريخ الحكومات السورية أن "وزيراً" اتخذ قرار مفصلي "تاريخي" غير فيه مسار عمل مؤسسته نحو الأفضل!!.

تكشف أغلب القرارات المتخذة مؤخراً على المستوى المعيشي، حجم وثقل الوزراء لجهة تأثيرهم في ابتداع حلول ناجعة للمشكلات، مثلاً: "في كل مرة يحصل نقص في المحروقات، يتشارك عدد من الوزراء (يشكلون اللجنة الاقتصادية) لاستصدار قرار بتخفيض كميات التعبئة أو التوزيع عبر البطاقة الذكية!، برأيكم قرار كهذا ألا يمكن اتخاذه بمعزل عن وزراء اللجنة واجتماعاتهم؟، بمعنى ما هو الابتكار الجديد في حل هذه المشكلة المزمنة والمتكررة؟!، كذلك الامر في رفع الرواتب من خلال تحقيق وفورات بزيادات أسعار المشتقات النفطية وبعض السلع المدعومة، كذلك وكذلك في مسألة توزيع المقنن من الرز والسكر (رفع سعرها أو تقنينها!).

على المقلب الاخر ماذا يضيف اطلاع وزير النفط على تفريغ ناقلة أو اقلاع مصفاة أو تدشين بئر؟، ماذا تضيف جولة لوزير التربية على مدارس في ريف دمشق أو ريف حلب؟، أو وقوف وزير الزراعة على الاضرار الناجمة عن حريق التهم بعض أكياس القمح في ريف درعا؟، أو اطلاع وزير الكهرباء على مراحل اصلاح في الشبكة هنا أو هناك؟، أو حتى جولة لرئيس الحكومة وبـعض وزرائة لمحافظة دير الزور؟، ماذا قدمت أو أخرت؟، أكثر من ذلك، الاجتماع الروتيني لمجلس الوزراء (كل ثلاثاء) هل خرج مرة بخطة استراتيجية لقطاع ما؟، سوى أنه يطلب من الوزارات أن تؤدي أدوار أصلا هي في صميم عملها؟!.

يتصدر رئيس اتحاد نقابات العمال "التريند" بمطالبته الوزراء التوقف عن التصريحات الاستفزازية!، هذا المطلب لوحده يكفي لتأييد نظرية أننا أمام حكومة غير منتجة!.

يُسر مسؤول بارز في الحكومة، أن فكرة ازاحة بعض الشرائح من الدعم، تفتقت من كون الحكومة لا تعمل، بمعنى أنه ليس لديها ما يشغلها في هذه المرحلة، وعليه جربت أن تتصدى لهذا الملف الشائك، والمفارقة أن الحكومة بوزرائها ولجانها، عندما قرروا العمل فشلوا، بدليل الكم الهائل من الاخطاء التي حدثت في هذا الملف!.

للأمانة يبدو رئيس الحكومة المهندس حسين عرنوس أكثر واقعية من سلفه المقال "عماد خميس" لجهة أنه خفف كثيراً من النشاطات والاجتماعات والمراسلات، التي لم يكن لها أي تأثير في تخفيف تسارع التدهور في المستوى المعيشي للسوريين، ذلك ربما لقناعة عند الرجل بأنها مرحلة عطالة وركود.. نقول ربما!.

ينكفئ وزير التجارة الداخلية عمرو سالم بعد ثمانية أشهر عن حماسته "الفيسبوكية" لإصلاح ما أفسدته متوالية تآكل القوة الشرائية، بعد أن ظهر الفشل في كل الملفات تقريباً، بينما يتصدر "التريند" رئيس اتحاد نقابات العمال بمطالبته الوزراء التوقف عن التصريحات الاستفزازية!، هذا المطلب لوحده يكفي لتأييد نظرية أننا أمام حكومة غير منتجة!.

على كل حال -وقد نكون مخطئين- تبدو وصمة الحكومات السورية أنها بلا هوية، فمن جهة نجد وزراءها يؤدون دوراً سياسياً، بمعنى انه لدينا رئيس حكومة ووزراء، يعكسون مستوى التمثيل الحزبي في السلطة التنفيذية، ويناظرون ما هو موجود في حكومات العالم، ومن جهة أخرى، يظهرون أنفسهم على أنهم وزراء "تكنوقراط" يجيرون لتوقيعهم كل شاردة وواردة!، مهما بلغت سطحية تلك الشاردة أو الواردة!.

بعدما تقدم.. برأيكم لو نجرب لفترة شهر أو شهرين أن تستمر الحياة بدون حكومة وبلا وزراء.. هل سيتغير شيئ؟.. ربما تكون الحياة أفضل!.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني