عصام التكروري : بمناسبة عيد المُعلم .. أعيدونا عشرة قرون إلى الوراء حتى يستعيد العِلم عافيته!

عصام التكروري : بمناسبة عيد المُعلم .. أعيدونا عشرة قرون إلى الوراء حتى يستعيد العِلم عافيته!

تحت العنوان السابق، كتب استاذ القانون في سورية "عصام التكروري" تدوينة عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، بمناسبة عيد المُعلم العربي، جاء فيها:

"أن تكون معلماً، وتتلقى التهنئة في يوم المعلم هو أمرٌ يدخلُ البهجة إلى القلب، ويجعله يعتصر وجعاً للحال الذي آل إليه العلم و المُعلمون في بلدنا سوريا. عشر سنوات من التدريس و التدريب أوصلتني إلى قناعة بأنَّ العلم لدينا ـ و تحديداً في مجال العلوم الإنسانية ـ أصبح بائساً لسببين : الأول بسبب البؤس الذي آلت إليه أحوال المعلمين، و الثاني بسبب غياب ـ أو تغييب ـ الفكر النقدي الذي هو أساس تطور العلوم الإنسانية ونهضة مؤسسات الدولة على اختلاف أنواعها و لاسيما الفكرية، مع التأكيد على أنَّ من جرّب كلفة الجهل ـ أي نحن بعد 11 سنة حرب ـ لا يحقّ له أن يستغلي كلفة العِلم" .

"فيما يتعلق بالسبب الأول ـ و باختصار شديد ـ يصعب اليوم على الطالب أن يُصدق معلّمه عندما يقول " العلمُ نورٌ"، فطلابنا يعلمون أنَّ أجر المحاضرة لا يشتري "لمبة"، كما يصعب على الطالب أن يُصدق بأنَّ " العلم يرفع بيوتاً لا أساس لها " و هو يرى معلمه يسأل الطلاب منزلاً للإيجارعلى إلا تتجاوز الأجرة الشهرية كامل راتبه" .

"أما فيما يتعلق بالسبب الثاني ـ و باختصار شديد أيضاًـ فيبدو من المستحيل على المُحاضر الحقيقي في مجال العلوم الإنسانية أن يؤكد بأنَّ ما يدرّسه يتصف بالحداثة و التحفيز الإبداعي، ليس فقط لأنَّه عاجز عن شراء الكتب التي تساعده على اقتناء المعارف الحديثة ومن ثم نقلها للطلاب ، بل أيضاً لكونه يُدرك أنَّ أساس العلوم الإنسانية هو العقل النقدي الذي يتصف بما يلي: (المنطقية ـ العقلانية ـ سعة المُخيّلة ـ الصبرـ احترام عقل الآخر ـ التمييز ما بين النقد من جهة، و ما بين الإهانة و التحريض من جهة ثانية)" .

"غياب أو تغييب ـ التفكير النقدي عن مجال التعليم في سوريا جاء ـ بتقديرنا ـ بعد النجاح الباهر الذي تمَّ تحقيقه في تحويل عقول الطلاب إلى " كُرَّاسات" بسبب عملية التعليم القائمة على المعادلة التالية : ( معلومة من الأستاذ ـ حفظ المعلومة في دماغ الطالب ـ تقيؤ المعلومة على ورقة الامتحان ـ النجاح ـ الالتحاق بمؤسسات الدولة للعمل على ذات الآلية )، هذه المعادلة تضاعف أذاها في مجال العلوم الإنسانية ( الحقوق و العلوم السياسية تحديداُ) بسبب ظاهرة الأتمتة و تحول الكليات إلى مركز امتحاني على امتداد العام الدراسي، فضلاً عن غياب الأفكار الخلاقة عن رسائل الماجستير و الدكتوراه و التي باتَ الحصول عليها أسهل من الحصول على الإجازة الجامعية، ونادراً ما يكون حَمَلتها قادرين على شرح محتواها باللغة الأجنبية ( اللغة هنا أداة معرفية ) لأسباب يعرفها الجميع، والأخطر هو أنَّ الغالبية الساحقة من هؤلاء ليس لديه الحافز لتطوير ذاته معرفياً بعد ما شاهده بعينه من أحوال أساتذته، وطالما أن معظم الجامعات الخاصة تستقبله للتدريس لديها كونه " الأرخص" لجهة الراتب" . 

"هذان السببان جعلا من الإبداع ظاهرة فردية لا يلبث أصحابها إلا أن يلتحقوا بجامعات أجنبية بحثاًعن فضاء فكري رحب ووضع مادي جيد ( التطفيش المنهجي)، أو أنهم يلتحقون بالرفيق الأعلى كمداً" .

"الخروج من هذا الوضع لا يحتاج إلى خبراء أجانب ، أو مؤتمرات علمية، هو فقط يحتاج إلى تبني ذات الآلية التي قام عليها " بيت الحكمة" في بغداد قبل عشرة قرون من الزمان، "بيت الحكمة" هذا أسسه هارون الرشيد ( 766 ـ 809 م) و شكّلت مكتبة أبي جعفر المنصور ( 752 - / 774م) نواته الصلبة، وعرف عصره الذهبي في عهد المأمون ( 786ـ 833 م) حيث تحوّل إلى جامعة حقيقية بمقاييس أهم الجامعات في عصرنا إذ تمَّ رفده بمركزٍ للترجمة و البحث العلمي، و بمرصدٍ فلكي، و كانت وتُعقد فيها المناظرات العلمية التي تجمع ما بين الرأي و الرأي الآخر مهما كان موقف صاحبه من الإسلام طالما أنَّ المعيار هو البرهان العقلي، ووصل ازدهار "علم الكلام " في ذلك الزمان إلى مراتب الفلسفة اليونانية، بل وتجاوزها في كثيرٍ من المواضع كيف لا وأساتذة "بيت الحكمة" قد توفّر لديهم كل المراجع العلمية مترجمة أو بلغتها الأصلية، وكانت رواتبهم أعلى من رواتب وزراء الخليفة وعمّاله، ومقابلَ كل كتاب يؤلفونه أو يترجمونه كان يتقاضون وزنه ذهبا، واستمر الحال هكذا مع جميع خلفاء العصر العباسي الأول وحتى سقوط بغداد عام 1258م" .

وكان التكروري بدآ تدوينه بالاشار الى انه "تمّت مراجعة هذه المادة مراتٍ عديدة حتى لا يتم اصطياد كاتبها بشباك القوانين "المرعيَّة" أو التي بلا" راعي"، وحرصاً على واقعيتها " من وقعة " اقتضي التنويه إلى أنّها كُتبت على ضوء " اللدات" الخافتة بسبب انقطاع الكهرباء لثماني ساعات متواصلة، وفي منزلٍ أجرته تعادل ضعف الراتب الشهري للكاتب، وباقي الظروف فإنها مشتركة بين الكاتب و 90 % من الشعب السوري".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني