سورية والعبور نحو المرحلة الجديدة

سورية والعبور نحو المرحلة الجديدة

شهدت سورية خلال الأيام القليلة الماضية جملة انفراجات سياسية تجسدت في زيارات واتصالات هاتفية وتصريحات وأنشطة بعضها معلن وبعضها الآخر لم يعلن عنه بعد وكلها تصب في اتجاه عودة العلاقات الطبيعية بين سورية والدول العربية وعودة سورية إلى جامعة الدول العربية، ما يهمنا كاقتصاديين من هذه الزيارات هو مدى التحسن الاقتصادي المرافق وكي لا نبالغ بالتفاؤل دعونا نحلل الموقف من مختلف جوانبه:
دولياً: سياسيا لا يمكن تخيل أي تحرك إماراتي علني أو تحرك سعودي أمني غير معلن بدون تغطية وموافقة ضمنية أمريكية وبالتالي يبشر بانفراجات سياسية أكبر في المرحلة المقبلة.

 

اقتصادياً يجب ألا نبالغ في التفاؤل فجميع دول العالم ومنها دول الخليج العربي أرهقتها المتغيرات الاقتصادية التي رافقت فايروس كورونا وبالتالي ستكون قدراتها محدودة على مد العون الاقتصادي لسورية.
 

محلياً: عجزت كل الهيئات ذات الصلة عن إيجاد حل لضبط الأسعار في الأسواق المجنونة وتستعيض عنها بحلول ترهق الحكومة إدارياً ومالياً كموضوع لتر الزيت والمازوت والسكر وما شابه.


الفساد يتجذر في المؤسسات الحكومية وقد تحول من فساد مكتوم إلى فساد جامح مكشوف نتيجة انتفاء سياسة الخوف لدى المتورطين.


النظام التعليمي تراجع بشكل كبير وكل الإجراءات التي تتخذ لتطويره برأيي لا جدوى منها فنحن بحاجة إلى تغير آلية المنظومة التعليمية برمتها من المرحلة الأولى وحتى نهاية التعليم الجامعي.


السؤال المطروح الآن ما هو التصور لسورية في المرحلة المقبلة وكيف يمكن أن ندخل مرحلة ما بعد الحرب:
بداية يجب استغلال الظروف والمتغيرات السياسية الجديدة أساساً لجذب المستثمرين إلى سورية أسوة بما تقوم به الحكومة المصرية وتوجيه الاستثمارات نحو المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار والنهوض بالصناعات الرئيسية من خلال خلق بيئة استثمارية ملائمة تشريعياً وضمان هذه البيئة.


كما يجب استغلال الظروف السياسية لاستعادة كامل حقول النفط والغاز وهذا من شأنه تخفيف الضغوط بشكل كبير جداً من خلال تخفيف الاختناقات في المشتقات النفطية والغاز وتخفيف استنزاف موارد الموازنة العامة لتأمين المشتقات النفطية .


كل الآليات الموضوعة لتنظيم عملية الدعم لم تحقق الهدف المنشود في إيصال الدعم لمستحقيه وإعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة بالرغم من تنظيم كبير خلقته آلية البطاقة الذكية وهنا لا يمكن تصور لأي آلية خارج إطار تطبيق الدفع الالكتروني بشكل كامل وإلغاء الدفع الورقي وربط كافة السجلات العقارية وغيرها من اثباتات الملكية بالرقم الوطني بحيث نصل في النهاية إلى تحديد شرائح الدخول والملكيات وغيرها بشكل دقيق وتكون كافة القرارات المتخذة دقيقة وذات فعالية أكبر أما الآلية الجديدة التي تعتزم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك استخدامها لتنظيم الدعم مطلع العام استراتيجية مجحفة وظالمة لفئات كثيرة والتساؤلات التالية توضح ذلك :
    1. طبيب جديد باختصاص تجميل مثلا وليس لديه سوى سنة انتساب دخله الشهري بالملايين سيستمر في تلقي الدعم الحكومي بينما يحجب الدعم عن طبيب قديم ممارس امضى سنوات خدمته ملتزماً بالتسعيرات الرسمية والمعايير الاخلاقية وشرف المهنة!
    2. نفس الأمر بالنسبة للمحامين والمهندسين.
    3. أيضا قضية عدم استهلاك البطاقة من قبل الغير يتم اختزال القضية بمنتهى البساطة فالمواطن المستحق للدعم يعطى مبلغ نقدي يعادل قيمة المواد المدعومة وبالتالي نتخلص من ظاهرة الأسواق السوداء بشكل شبه كلي.


الخلاصة إذا أردنا العبور بسورية نحو مرحلة جديدة قوية يجب الانطلاق من الثوابت التالية:
إن اعتماد سياسات المعالجة اللحظية والآنية لم تعد تجدي نفعاً ويجب اعتماد استراتيجيات معالجة طويلة المدى قد لا تحظى برضى الجمهور في فتراتها الأولى ولكن عندما يستشعر محاسنها سيدعمها كافة المواطنين.

يجب انهاء ظاهرة القرارات الارتجالية غير المدروسة كتحديد الفئات المستحقة للدعم والاتجاه نحو آلية شاملة لتحديدهم قد تكون البداية انطلاقا من الملكية الحالية للعائلة الموحدة بدفتر عائلة واحد وبعدها يستعاض عنها بآلية الدفع الالكتروني لأن اعتماد الآليات غير المدروسة سيقود إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار.

 

أيضا قضية الضرائب قضية حساسة جداً وكثير من المحلات بدأت بالإقفال نتيجة اعتماد ضرائب تقديرية للدخل بناء على متوسط سعر العقار دون الأخذ بعين الاعتبار أن محلين متجاورين وبنفس المواد قد يكون فرق الأعمال بينهم اضعافاً فهل يعقل تحصيل ضريبة دخل سنوية موحدة منهما!
أخيراً وقبل كل شيء ولنجاح أي استراتيجية يجب اقتلاع المشاعر العدائية بين أطراف العملية من حكومة ومواطنين وتجار وصناعيين ومهنيين ومحاولة الدفع للعمل سويا نحو العبور بأي مشروع مستقبلي.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني