معادلة "أسعار، تجار، وحماية مستهلك" والحلقة المفرغة!

معادلة "أسعار، تجار، وحماية مستهلك" والحلقة المفرغة!

المشهد الاقتصادي في سورية يتراجع يوماً بعد يوم، الأسواق السورية تشهد موجة اهتزازات عنيفة ومخيفة للأسعار مترافقة مع موجة اختفاء تدريجي لبعض المواد من الأسواق، إذا ألقينا نظرة على بورصة الأسعار خلال الشهر الحالي:
   سعر ا كغ من السكر حوالي 3000 ليرة والمادة شبه مفقودة من الأسواق.
   سعر لتر الزيت 9000 والعرض قليل في الأسواق.
   كيلو لحمة الغنم 26000 ليرة والعجل 24000 ليرة.
   سعر صحن البيض تجاوز 12000 ليرة سورية ليسجل أعلى سعر في تاريخه.

أخر فصول المشهد نشرة أسعار الألبان والاجبانوالتي حددت الأسعار وفقاً للمستهلك السويدي وألغتها لاحقاً وزارة التجارة الداخلية كالاتي:
    كيلو الحليب بـ 1800 واللبن بـ 2200.
    لبنة 7500 والجبنة بـ 10000 ليرة للكيلو.
فإذا افترضنا الاستهلاك اليومي من المجموع للألبان والأجبان كيلو ونصف حليب تكون الأسرة بحاجة 81000 ليرة سورية شهرياً أي كامل الدخل بالنسبة للموظف وبالتأكيد لم يكلف السادة مصدرو القرار أنفسهم مشقة البحث عن الإجابة: كيف ومن أين؟


الحكومة ترفع أسعار الضرائب وتقربها لمستواها شبه الحقيقي وهو إجراء تأخر ربع قرن على الأقل، ودوافع الحكومة حالياً منطقية جداً:
    شح الموارد الشديد الناجم عن ظروف الحرب والحصار والعقوبات.
    الحاجة إلى مواجهة متطلبات استمرار الحياة الأساسية من وقود وطحين ومواد أساسية.

التجار الذين رتبوا عبر عشرات السنين أوضاعهم المالية وفق مستويات الضرائب السابقة سارعوا إلى نقل الضرائب إلى الأسعار وتحميلها للمواطن متذرعين بـ : 
    ارتفاع اسعار حوامل الطاقة من كهرباء ومازوت فالكهرباء شبه متوقفة وأغلب العمل على المولدات باستخدام المازوت الذي يجري شراؤه من الأسواق السوداء بحوالي 3000 ليرة للتر وليس بـ 1700 كما تقول الحكومة.
    ارتفاع تكاليف تأمين المواد الأولية من الخارج نتيجة عدم تغطية المستوردات بالقطع الأجنبي وظروف الحصار والعقوبات أيضا.


تكاليف المعيشة للمواطن السوري ترتفع بشكل مخيف كنتيجة منطقية لثبات الأجور وارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية وكنتيجة لذلك حالياً الحكومة تقوم بدراسة رفع الأجور وإن حصل كما هو متوقع سيزيد الطلب على السلع والخدمات وسترتفع الضرائب من جديد وتتبعها الأسعار وهكذا أصبحنا ندور في حلقة مفرغة.

إذا ما الحل للخروج من هذه الحلقة المفرغة التي ارهقت العباد والبلاد؟
الحل هو بإيجاد آلية لتحسين الأجور مع تثبيت الأسعار بشكل يخفف الضغوط التضخمية ويساهم فعلاً في تحسين مستوى المعيشة ولكن كيف يمكن ذلك؟
الحكومة نجحت مؤخراً من خلال قرار بيع المازوت والبنزين الحر بسعر التكلفة من كسر أسعار السوق السوداء بحوالي 40 بالمئة فتراجع سعر لتر البنزين من 4000 ليرة إلى حوالي 2500 ليرة والمازوت من 3500 ليرة إلى حوالي 1700 ليرة وتراجعت الاختناقات بشكل كبير وهنا يمكن كخطوة أولى لتثبيت الأسعار الاستفادة من هذه الآلية للمواد الأساسية مع تنويع التشكيلة السلعية في فروع السورية للتجار وتحديد كميات معقولة لكل بطاقة وتوطين الكميات منعاً للتلاعب من قبل الموظفين.

الخطوة الثانية تتمثل بزيادة الأجور تدريجياً حتى لا تشكل الزيادة عنصر ضغط على كميات السلع المتوفرة ينعكس تضخمياً بشكل ارتفاع بالأسعار.

الخطوة الثالثة وهي خطوة هامة أهملتها الحكومة طيلة سنوات الحرب وهي مصير غير العاملين فهناك طبقة كبيرة من العمال العضليين أو من الذين لا يستطيعون ممارسة أي عمل ككبار السن ممن لا يتقاضون رواتب تقاعدية وفئة الشباب العاطل عن العمل : هؤلاء يجب إيجاد آلية لتحسين وضعهم المعيشي إما من خلال منحهم تعويض معيشي شهري أو من خلال منحهم معونة غذائية شهرية بحيث تكون خطوات تحسين المعيشة متوازنة في كافة الطبقات.


 أياً كانت الأسباب فالنتيجة واحدة: ارتفاع مخيف في الأسعار حيث قفزت أسعار بعض السلع أكثر من 30% خلال الأسابيع القليلة الماضية.
 وكنتيجة منطقية لما سبق أصبحت الأسرة السورية بحاجة 500000 ليرة سورية شهريا لتعيش بالحد الأدنى المقبول إنسانياً.


المواطن ينتظر من الحكومة ترجمة الإنفراجات السياسية على وضعه المعيشي، والوضع المعيشي لم يعد يحتمل مزيداً من التأخير ودوامة الأسعار والتضخم تلتهم ما تبقى لدى المواطنين وتدفع كل أصحاب الخبرات والاختصاصات للهجرة خارجاً وترك ظهر وطنهم مكشوفاً.
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني