رجال أعمال برأس مال جبان!...

رجال أعمال برأس مال جبان!...

تحقيقات

المشهد – محمد الحلبي

يلعب رجال الأعمال دوراً بارزاً في دوران عجلة الاقتصاد لبلادهم, وربما يتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك ليصبحوا مؤثرين في قضايا عديدة قد تمتد إلى القرارات السياسية أحياناً, وهذا يبدو جلياً في السياسة الأمريكية, حيث أن معظم الشركات الأمريكية تعود لرجال أعمال إسرائيليين يؤثرون بالقرار السياسي لها بشكلٍ واضح..
أما رجال الأعمال في بلدنا فقد ساهموا قبل عام 2011 بنقل البلاد نقلة نوعية إلى الانفتاح الاقتصادي, فأقيمت مشروعات عديدة ساهموا فيها بشكلٍ فعال إلى أن بدأت الحرب تقرع طبولها, لينقسم رجال الأعمال ويذهبوا باتجاهات عديدة أغرقت البلاد في دوامات اقتصادية, وسط عجز الدولة عن سد الفراغ الذي خلفته رؤوس الأموال الهاربة إلى دول العالم, ولتظهر فئة جديدة من رجال الأعمال هم رجال أعمال الحرب, أو رجال أعمال الأزمة..
رجال أعمال الحرب
نيران الحرب لم تكوي بلهيبها كل أبناء البلد، بل كانت برداً وسلاماً على بعض "مستحدثي النعمة" الذين امتطوا صهوة الحرب وتحولوا إلى تجار أزمة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وباتوا يتاجرون بقوت الشعب، غير آبهين بالأفواه الجائعة، لا بل تعدى الأمر إلى المتاجرة بركام وحطام البيوت المدمرة، فبرزت هذه الفئة تحت مظلة رجال الأعمال، وبات يحسب لهم حساب، وما كنا لنسمع بهم لولا الأزمة التي عصفت بالبلاد قرابة عقد كامل من الزمن، وهذا ما أكده رجل أعمال بارز في تصريح للمشهد عندما قال: " يجب على الدولة البحث عن هؤلاء الأثرياء الجدد في زمن الحرب، والتمحيص عن مصادر أموالهم التي تجاوزت المليارات في وقت زمني قصير..
وأموال هاربة
رأس المال جبان.. هي مقولة معروفة ومشهورة في عالم المال ورجال الأعمال.. ولهذا هرب معظم رأس المال خارج البلاد مع بداية الأزمة السورية, وكلما طال عمر هذه الأزمة كانت الأموال المهربة تضرب أرقاماً قياسية جديدة, ولا يمكننا حقيقة الإنكار أن معظم رجال الأعمال السوريين نجحوا بتأسيس أعمال في البلاد التي هاجروا إليها, حتى أن أحد رؤساء الدول الأوربية حضر افتتاح معمل لرجل أعمال سوري في بلده..
ومن هنا يبرز دور رجال الأعمال في أنهم فئة اقتصادية لديها رأس مال بإمكانها تسخيره واستثماره لصالح التنمية الاجتماعية ومساعدة الدولة خاصة في حالة الفقر والأزمات.. لكن رجال الأعمال في بلدنا وخلال العقد الأخير الذي مرَّ على البلاد غاب الدور الحقيقي لهم في تنمية المجتمع, وسد العجز الاقتصادي الذي مرت به سورية, وغدا الاستثمار بالحدود الدنيا, واقتصرت مشاريعهم الإنتاجية على الصناعات البسيطة التي يسهل تصريفها وعودة رأس المال إليهم مع أرباحه بالسرعة القصوى, لا بل تحول دور رجال الأعمال بالمجمل من داعمين للاقتصاد الوطني إلى باحثين عن مناصب ومراكز حساسة في الدولة, ولنا في الانتخابات الأخيرة لعضوية مجلس الشعب خير دليل على ذلك, وربما يعود ذلك لتعزيز نفوذهم الاقتصادي بالدرجة الأولى, أو للتحكم بثروات البلاد في قادمات الأيام, فاتخذ البعض من وسائل الإعلام مطية لتحقيق مآربه, وربما يعود ذلك إلى عدة أسباب كعدم وجود ثقافة المسؤولية الاجتماعية لدى بعض رجال الأعمال, وغياب ثقافة العطاء وتنمية المجتمع, حيث تنحصر جهود رجال الأعمال بأعمال خيرية تبرز فقط في الحملات الانتخابية لتبوء  مناصب تعزز وجودهم..
المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال
لا يقل دور رجال الأعمال أهمية عن المؤسسات الحكومية في إدارة الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد, لا بل بمقدورهم اليوم أن يلعبوا دوراً أكبر في العديد من المجالات بشكلٍ يفوق قدرة الحكومة, كدعم المشاريع الإنتاجية الصغيرة, وخلق فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل, والجانب الأهم هو دعم المنظمات الإنسانية وتنمية مداخيل الأسر الفقيرة, ما يعود بالفائدة على خزينة الدولة في نهاية المطاف, لا أن تكون مصلحتها النهائية أن تصب دائماً في خزينة رجل الأعمال لوحده..
فالمشروعات الإنتاجية الصغيرة والمتناهية في الصغر يمكن أن تكون إضافة قوية للاقتصاد الوطني في حال توفرت البيئة التنظيمية الملائمة..
رؤية رجال إعمال
المشهد كان لها وقفة مع بعض رجال الأعمال, واستوضحت منهم عن رؤيتهم للمرحلة القادمة, مرحلة إعادة الإعمار, فقال الصناعي ورجل الأعمال عاطف طيفور إنه يتوجب على الدولة إعادة رؤوس الأموال الهاربة أولاً, والعمل على مساعدة من تدمر معمله ومصنعه ومنشأته بالعودة إلى العمل ليصبح داعماً لخزينتها لاحقاً, وذلك من خلال تقديم تسهيلات بنكية له, ومن ثم محاولة إظهار من تحول إلى اقتصاد الظل من رجال الأعمال للخروج إلى العلن مجدداً, فاقتصاد الظل يوازي ويضاهي من يعمل بالعلن, وذلك بمنحه تراخيص مؤقتة ريثما يستطيع الوقوف على قدميه..
فيما قال رجل الأعمال وأمين سر الغرفة التجارية السورية الإيرانية مصان نحاس أن الاقتصاد هو رافعة الوطن, وأن رجال الأعمال أهملوا القطاع الصناعي والتجاري والسياحي في ظل الأزمة, ويجب على رجال الأعمال أن يطلبوا من الحكومة تعزيز هذه القطاعات الإنتاجية, وحمَّل نحاس هذه المهمة والمسؤولية لغرف التجارة الجديدة, وطلب منهم أن يتناغموا مع الحكومة للنهوض بالاقتصاد الوطني..
 نقطة نظام
يقع على عاتق الصناعيين ورجال الأعمال السوريين القيام بإعادة إعمار سورية, ولعب دور فاعل لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين لتغيير الصورة التي ارتسمت في أذهانهم خلال سنوات الأزمة ، إذ سيكون دورهم الفعلي والاستشاري مهماً للغاية من خلال غرف الصناعة والتجارة التي ينبغي أن تتمتع في المستقبل بتمثيل حقيقي، بحيث تساعد في صياغة القوانين اللازمة للترحيب بالرأسمال الوطني والأجنبي ضمن شروط تأخذ في عين الاعتبار خلق فرص للعمالة الوطنية، والسرعة والإتقان في الإنجاز، وأن تتجه الحكومة نحو تفعيل عمل مجالس رجال الأعمال، وتعزيز الدور الاقتصادي للسفارات السورية في استقطاب الاستثمارات لدعم القطاعات الخدمية والإنتاجية.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر