"كلوي" نموذج سوري ناجح لريادة الأعمال

"كلوي" نموذج سوري ناجح لريادة الأعمال

من معمل جملة صغير في ريف دمشق يوزع الألبسة لسورية وخارجها إلى ماركة تجارية مسجلة تصنع وتوزع وتنافس في السوق حملت اسم «كلوي ».. في تحد كبير للظروف الصعبة التي رافقت بداياتهم بدأ نشاط «كلوي » عام 2018 في الفترة التي كانت سورية لا تزال تعاني من الحرب والتزمت بمبدأ «المشي عكس التيار » ليبدأ المهندسان حسان عابدين وأسامة أبو عامر مشروعهما التجاري برأسمال صغير وتحويله إلى مشروع كبير على مستوى سورية وخارجها في مثال واضح لريادة الأعمال الناجحة..

وللوقوف أكثر على هذا المشروع المهم التقينا مؤسسا «كلوي » وتحدثا عن بداياتهم والصعوبات التي واجهتهم وكيف استطاعوا خلال عامين تحقيق النجاح وصناعة اسم مميز في السوق المحلي والخارجي.

كيف بدأ المشروع وتقسيم العمل بين شريكين؟

 يقول حسان عابدين: «كان لدينا معمل جملة في منطقة جرمانا التابعة لريف دمشق التي نصنع فيها الملابس النسائية والرجالية والأطفال ونوزعها إلى جميع المحافظات السورية والعديد من الدول الخارجية، لكن لاحظنا وجود فجوة كبيرة في سوق الأزياء الفاخرة التي تصنع محلياً، فوضعنا خطة لتحويل المعمل إلى ماركة ألبسة نسائية مسجلة في نهاية عام 2017 بنوعية عالية وسعر مقبول من مختلف الفئات، وتم افتتاح أول فرع في محافظة اللاذقية في الشهر الثالث من عام 2018 وتوالت بعدها فروع أخرى في دمشق ومعظم المحافظات السورية وفي لبنان ومصر.

 وأكد عابدين أن الفكرة كانت بالأساس للتحول من العمل بالجملة إلى المفرق للبدء بالمشروع بتمويل شخصي بمبلغ صغير لا يتجاوز 5 مليون ليرة سورية، أي كانت تكاليف البداية صغيرة جداً أمام حجم العمل لأن التركيز كان على جودة المنتج ونوعية الأقمشة وبناء السمعة في السوق بحيث تصعب منافسته مع الحرص على سياسة توزيع إلى مختلف الشرائح.

 من جهته يضيف أسامة أبو عامر كان المشروع فرصة طورناها خطوة خطوة، وكنا نعمل 19 ساعة في اليوم كي نتفادى أي نقص أو خطأ، فكنت مشرفاً على إدارة التسويق والمالية وتسلم حسان الإدارة العامة والمنتج.

 وعن دوره يتحدث أبو عامر: «على اعتبار أننا نملك معمل جملة بالأصل كنا قد قطعنا الكثير من الخطوات ولدي الخبرة بكيفية اختيار الأقمشة والتصاميم والقوالب وتصنيع القطعة حتى وصولها إلى المستودعات، ومن ثم تسويقها وعرضها بالشكل الأنسب وتدريب فريق البيع، وعند البداية كان الفريق مؤلفاً من 25 شخصاً اليوم أصبحنا 60 بين عمال وموظفين.

 أما عن دور أسامة، فكان للإدارة المالية، أما التسويق فكان يتطلب المتابعة المستمرة مع جميع الجهات وعبر جميع وسائل التواصل التي أصبحت من أكبر المساهمين في الانتشار كما قمت بإنشاء موقع خاص يحتوي على كل الموديلات التي نصنعها وكل ما يريد الزبون معرفته عن علامتنا التجارية. .

 تسعير المنتج حسب القدرة الشرائية

 بالنسبة للأسعار كيف يتم وضعها، وهل تزيد أو تنقص مع تبدلات سعر الصرف؟ يتم وضع الأسعار ورفعها أو تخفيضها بناء على دراسة وفقاً لحالة السوق وسعر الصرف ونختار السعر الوسطي بين نوعية الأقمشة والخياطة والنوعية العالية، وتناسب جهود اليد العاملة أي نضع ربحية طبيعية تناسب العمل، فالأسعار مع بداية عام 2018 عندما كان سعر الصرف لا يتجاوز 500 ليرة سورية كانت أغلى قطعة ب 10 ألاف ليرة، أما في عام 2019 بدأ يختلف التسعير وأصبح لدينا أزمة حقيقة كي لا نخسر من فروقات سعر الصرف التي كانت لا تتجاوز 50 أو 60 ليرة، لتزداد وتصبح 1000 و 2000 ليرة، مع أننا نصنع في سورية لكن الأقمشة التي تشكل % 60 من العمل وبسعر الصرف هي من السوق السوداء، جميعها مستورد من الصين واليابان وكوريا وتايلاند والباكستان وأحيانا من إيطاليا وأسبانيا.

 كأي ماركة ألبسة يوجد لها خط تصميم وقوالب معينة، فكيف يتم اختيار تصاميم «كلوي » وهل يتم اختيارها بما يناسب المستهلك السوري؟

 هنا يؤكد حسان أنه يوجد اختلاف بين الموضة والقالب، فما يناسب المستهلك السوري خاصة هو القالب الإيطالي، حيث يتم العمل عليه وتعديله مع ما يناسب المستهلك السوري.

 أما الألوان فتختلف من موسم لآخر وهناك موضة ألوان عالمية لكل موسم تختلف من دولة لأخرى، لكن نوعاً ما هناك مجموعة ألوان عالمية يتفق عليها نختار منها مجموعتنا وبناء عليها يتم التصميم بحيث يكون متفرد وأنيق ويناسب الجميع، كما نستهدف بماركتنا الأعمار من 25 إلى 34 سنة بحيث تستطيع أي فتاة اختيار ما يناسبها.

 أما بالنسبة للموضة فعالمياً كانت الوجهة مشوشة هذا الموسم بسبب ما فرضته أزمة كورونا وتراجع الوضع الاقتصادي لمعظم الناس، حتى الماركات العالمية لم يكن لديها موديلات جديدة كلياً. بل كانت تشبه السنوات الماضية، لكن نحن ووفقا لرأي زبائننا كانت بضائعنا جميلة ومتناسبة مع أذواقهم، لكن هل نحن راضين عن الموسم «كلا .»

 تسويق إلكتروني

 يضيف أسامة واجهنا فترة إغلاق الأسواق والحجر المنزلي بالبيع الإلكتروني فأنشأنا موقعاً خاصاً بشركة «كلوي » يحتوي على جميع الموديلات والأسعار وفريق متخصص بالبيع والتوصيل المجاني، وكانت تجربة جيدة جداً ومربحة كأي محل ضمن السوق على الرغم من ضعفها في سورية لعدم انتشار ثقافة الشراء الإلكتروني لدى الناس بالشكل المطلوب، وحتى بعد إعادة فتح الأسواق ما يزال هناك أشخاص يطلبون ويشترون عبر الموقع، كما نعمل قريباً على طرح تطبيق خاص عبر أجهزة الموبايلات للطلب والشراء.

 من جانب آخر توجهنا للعمل بما يناسب الأوضاع الصحية المنتشرة في بلدنا وكي لا نغلق معملنا قمنا بالحصول على الموافقة وتوجهنا لخط صناعة الكمامات خلال فترة إغلاق الأسواق خاصة أنها كانت فترة صعبة رافقها ارتفاع كبير بسعر الصرف وهبوط لقيمة الليرة السورية فكانت أثاره كارثية علينا، فكان التوجه لهدا المشروع جيد لكن غير ربحي وكان المهم ان لا يتوقف المعمل عن الدوران ولا تجلس اليد العاملة بدون عمل.

 كيف تعاملتم مع سعر الصرف لاستيراد الأقمشة، وهل كان هناك دعم من المركزي في التصريف؟

 نحن لا نستورد بشكل خاص بل نتعامل عبر وسيط عمله استيراد الأقمشة لكن كنا ندفع الفرق وارتفاع سعر الصرف بالليرة السورية وعند كل زيادة كان المستورد يرفع علينا المبلغ المستحق للاستيراد، فهو كان يحاسبنا بسعر السوق السوداء، وعلى اعتبار أن سعر الصرف في الفترة الماضية وصل إلى حدود ال 3000 ليرة وهو انعكس بشكل سلبي على عملنا، وحملنا خسائر كبيرة من فروقات سعر الصرف الكبيرة، فإن خرجنا في نهاية عام 2020 بأقل الخسائر نكون بأحسن حالنا.

 على الرغم من كل ذلك أكد أسامة أن فترات الأعياد كانت تشهد مبيعات جيدة حتى في أصعب الفترات تراجعاً في السوق، وهو ما يؤكد أن لكل نصيب من الرزق والبيع والجودة التي يقدمها المنتج.

 كيف وجدتم القرارات الاقتصادية التي صدرت مؤخراً؟

 هنا لن نقيّم أو نتحدث عن رأينا. بل نقدم المقترحات لتطبيقها بهدف إيجاد الحلول والنهوض بهذا القطاع، ونقدم هنا تجربة جمهورية الصين الشعبية في التعامل مع الصناعيين، حيث تم منح الكثير من الشركات والصناعيين قروض بدون فوائد لكن عند التصدير إلى خارج الصين يأخذ الصناعي من الأرباح % 6 فقط، اليوم سورية تعيش في حرب مند أكثر من تسع سنوات وقد يكون من الصعب التعامل بنفس الطريقة لكن يمكنها منح القروض لمستحقيها عندها أستطيع أنا كصاحب مشروع محدود أن أشتري معملي عوضاً عن كوني مستأجر.

 كما يمكن استغلال موضوع التصدير فأي مشكلة نمر بها يمكن تحويلها إلى فرصة، على سبيل المثال عندما ارتفع سعر الصرف إلى 2200 ليرة كان من الممكن أن نصنع منتجات تنافس الصين ونصدر لها، فمع ارتفاع سعر الصرف أصبحت أجور التشغيل أرخص من الصين رغم أننا نستورد منها، لكن في المقابل الرسوم الجمركية مرتفعة على المواد الأولية المستوردة من الصين، أما لو تم تخفيض الرسوم سيكون بالإمكان الاستيراد من أفضل الأنواع والتصدير والمنافسة أيضاً، فالصناعيون السوريون لا تزال لديهم القدرة على التصدير رغم كل الحصار على سورية، لذا نطالب بتخفيض الجمارك على المواد الأولية كي نستطيع التنافس والتصدير.

 في المقابل أنا مع القرار الحكومي الذي صدر مؤخراً بإيقاف القروض حتى لو كنا من المتضررين منه، خاصة بعد قيام الكثيرين بسحب قروض عندما كان الدولار ب 500 ليرة ومعظمهم ذهب ولم يسددها، لكن نطلب دراسة للمستحقين منا.

 قرارات الحكومة

 هل تجدون أن القرارات الاقتصادية التي صدرت مؤخراً تفيد وتدعم عمل قطاع الألبسة؟

 لا بأس بها لكن كان هناك قرار كان له تأثير سلبي علينا وهو فرض عقوبات على أي شخص يتعامل بالدولار، والتي تضرر منها كثيرون من مستوردي الأقمشة الذين نتعامل معهم وغيرهم وهو انعكس علينا بدروه والتي جمدت عملنا لفترة، هذا عوضاً عن انعكاس تذبذب سعر الصرف على عملنا، فعند البدء كان التصريف بـ 500 ليرة واستمر بالصعود، لتصبح قيمة المليون ليرة سورية 400 دولار.

 ماهي الصعوبات التي تواجه قطاع الألبسة اليوم؟ وما القرار الذي يحتاجه لينتعش؟

 أهم الصعوبات هي ارتفاع سعر التكلفة التي رفعت سعر القطعة بالتالي ليس من المعقول تسعير قطعة ملابس واحدة بما يقدر راتب موظف، بالتالي أصبحت منتجاتنا مخصصة لفئة معينة فقط بعد أن كان باستطاعة أي فتاة أن تشتري

 ويؤكد حسان نحن اليوم أمام ثلاثة حلول لمواجهة هده الظروف إما أن نشتري أقمشة سيئة والتي تنعكس على منتجنا وتخسرنا سمعتنا في السوق، أو نطرح أسعار بدون ربح، أو نحضر قماش بنوعية عالية مع ربحية مناسبة لكن هنا سنخسر فئة معينة من الزبائن، وهو ما مررنا به خلال موسم الصيف الماضي عندما حاولنا طرح سعر منطقي، فيما نعاني حالياً في وضع التسعيرة للموسم الشتوي وليس لدينا رؤية واضحة للتسعير.

 قطاع الألبسة بحاجة إلى حلول

 يضيف حسان أن قطاع الألبسة اليوم بحاجة إلى بعض الحلول لينتعش أهمها وأولها إنعاش التصدير لكن حتى هذا الباب يعاني كثيراً، فعلى سبيل المثال بعد أن كانت مصر أهم وجهات التصدير لكثير من الصناعيين السوريين، تغير الوضع وفرضت مصر رسوم جمركية مرتفعة جداً على المنتج السوري وأصبح أغلى من المنتج الفرنسي نتيجة هده الرسوم، وإذا لم يعاد النظر بها سوف يكون كارثة إيقاف التصدير إلى مصر.

 بالإضافة إلى تثبيت العملة أمام سعر الدولار والمحافظة عليها وهي مرتبطة بما قبلها وهو التصدير فهو يحافظ على القطع، كما أن تصدير المواد المنتجة والجاهزة أفضل بكثير من المواد الخام، وهو يجب أن يكون من أهم ما تعمل عليه الحكومة والقطاع الخاص لإنعاش الاقتصاد في المرحلة الحالية.

 فيما يجد أسامة أن حصر إجازات الاستيراد بالبنك المركزي وجعله المسؤول الوحيد عن كل الإجازات يعد أحد الحلول الممكنة، فأنا كتاجر أقمشة لدي فاتورة من الصين أطلب من المركزي أن يموّل لي هذه الفاتورة ويحدد لي ويلزمني بالبيع للمصنع السوري بالسعر السوري عندها يثبت السعر ويلغي فروقات سعر الصرف، كما لو قام المركزي برفع سعر الصرف لديه لأكثر من السوق السوداء من المؤكد أنه سيمنع المضاربة على الليرة ولن يصرف أحد أخر إلا من المركزي وتنحل معظم مشاكل الليرة.

 من هنا شدد مالكا ماركة « كلوي » أنه لا توجد رؤية ثابتة لسوق الألبسة خلال الفترة القادمة في ظل الصعوبات والتحديات المستمرة.

 تأثير جائحة كورونا

 ككل العالم الذي لحقت به الخسائر بعد فترة فرض الحجر الصحي والإغلاق لمنع انتشار فيروس «كورونا »، كيف تأثرتم بهده الفترة التي أضيف عليها أزمة ارتفاع سعر الصرف؟

 "التفكير المسبق والتصرف بحنكة كان عنوان المرحلة السابقة" يؤكد حسان، ففي أخر مرة استوردت القماش طلبت كميات زيادة خوفاً من ظروف طارئة بالتالي لم نتأثر خلال فترة إغلاق الحدود وارتفاع الأسعار ولم نرفع أسعارنا عندها أيضاً وحافظنا على جودة انتاجنا ونوعية ما نقدمه، لكن تأثرنا بالتحديد عند بداية موسم الصيف من ناحية الأسعار فاضطررنا لرفع السعر تدريجياً بما يتناسب مع السوق والزبون في الوقت لا نستطيع رفعها بطريقة تجعل المستهلك غير قادر على الشراء. لكن في الفترة الحالية دخلنا أزمة جديدة بعد إيقاف الاستيراد ونحن نحضر للموسم الشتوي المفترض أن تكون في الأسواق منذ الشهر الماضي، ولكننا اليوم لا يوجد لدينا أقمشة ولا نستطيع الاستيراد، وعليه توجهنا للبحث وإيجاد حلول بديلة، وكانت وجهتنا محافظة حلب وقمنا بتجربة على عدد من خامات الأقمشة التي كنا نستوردها من الصين، وقد نجحت أول تجربتين، ونأمل خلال فترة قريبة أن تظهر نتائج باقي التجارب علها تنقدنا وتحل أزمتنا، عندها من المؤكد سنخفض أسعارنا فسعر التكلفة أقل.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر