معاينات الأطباء تعمق جراح المواطنين...

معاينات الأطباء تعمق جراح المواطنين...

شكاوى الناس

المشهد - رولا نويساتي
باتت أجور الأطباء تفوق قدرة المواطن السوري، لا سيما بعد تفشي وباء فايروس كورونا، ما أدى إلى لجوء المواطنين إلى العيادات الخاصة بعد إغلاق المشافي الحكومية لعياداتها الخارجية التي كانت تستقبل المواطنين بأجور كشف شبه رمزية.. حيث أصبحت أجرة المعاينة تتراوح بين 10 آلاف إلى 25 ألف ليرة سورية، وذلك حسب اختصاص الطبيب وشهرته...
أما أجور المعاينة الصادرة عن وزارة الصحة فهي مجرد حبر على ورق، ولا يلتزم بها أي طبيب، حيث راح كل طبيب يقدر ثمن معاينته حسب مكان عيادته وشهرته، والأجهزة التي يتم عليها معاينة المواطن، في حين أن المواطن لا حول له ولا قوة، وكما هي العادة يلعب دور الحلقة الأضعف بين تساعير وزارة الصحة والتسعيرة التي يفرضها الطبيب نفسه..
شهادات من الواقع
رؤى طالبة في الصف العاشر احتاجت إلى عملية (فتق في الحالب).. راجعت أحد الأطباء في العاصمة دمشق ليخبر هذا الأخير ذويها أن ابنتهم بحاجة ماسة إلى عملٍ جراحي، وقال لهم أن تكاليف العملية تتراوح بين 250 ألف ليرة إلى 700 ألف ليرة سورية حسب المشفى، وراح يعرض عليهم المشافي لانتقاء إحداها وكأنه يعرض عليهم إحدى الغرف في منتجعٍ سياحي، قبل أن يتم اختيار المشفى ذات الـ250 ألف ليرة سورية.. وقبل دخول المريضة إلى غرفة العمليات أصر الطبيب على استيفاء المبلغ كاملاً وبنفسه قبل الشروع بالعملية، ليتفاجأ الأهل فيما بعد أن هذا الرقم لا يتضمن ثمن الأدوية ولا حتى الإقامة إن احتاجت المريضة للمبيت ضمن المشفى، وعند كل مراجعة بعد العملية كان يستوفي 3000 ليرة سورية لمجرد النظر إلى المريضة، دون أن يقوم بأي عمل إضافي، وكان يجبر الأهل على مراجعته كل خمسة أيام بحجة الاطمئنان على صحة المريضة قبل أن يقوم بفك خيوط العملية..
فيما قال العم أبو عبدو: منذ مدة توجهنا إلى طبيب مختص ( طبيب غدد ) وكانت كشفيته 7000 ليرة سورية، وبعد مراجعته بمدة قصيرة صارت كشفيته 12000 ليرة سورية.. ألا توجد تسعيرة حكومية أو رقابة من قبل وزارة الصحة على أجور الأطباء يتساءل أبو عبدو..
أما السيدة سلمى فقد أجرت تنظير علوي وسفلي عند أحد الأطباء في دمشق، وبعد مدّة تعرضت لنزيف من معدتها، ولدى مراجعتها لطبيبٍ آخر طلب منها رؤية التنظير والذي كان قد فقدته أثناء انتقالها من مسكنٍ لآخر، ولدى مراجعة الطبيب الذي أجرت عنده التنظير، رفض إعطاءها نسخة عن التقرير، وادعى بأنه لا يحتفظ بتقاير عنده، وطلب منها إجراء تنظير آخر إن أرادت، وكأنه يتحدث عن مبلغ مئة ليرة فقط، علماً أن التنظير الأول كلّف 75000 ليرة سورية، واليوم بات يكلّف 150000 ليرة سورية، بمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر فقط من التنظير الأول، وإلى الآن يرفض هذا الطبيب إعطاءها نسخة عن التنظير الذي أجرته رغم شكواها لحالها الصعبة، وكأن الأطباء استبدلوا قلوبهم على ما يبدو بحجارةٍ هذه الأيام..
رأي الأطباء
أحد الأطباء – فضل عدم ذكر اسمه – قال: إن أجرة معاينة الطبيب لم تزداد، بل على العكس تراجعت كثيراً بسبب ضعف القوة الشرائية لليرة السورية، مبرراً أن المعدات الطبية ولوازمها يتم شراؤها بالقطع الأجنبي، والغلاء طال الأطباء كأي مواطن آخر، وانتقد محدثنا نقابته ووزارة الصحة التي تثبت أجرة المعاينة بين 2000 إلى الـ5000 ليرة سورية حسب التخصص، وتترك العديد من العمليات دون أي تسعير، بالمقابل رفعت وزارة المالية ضريبة دخل الأطباء عشرة أضعاف على حد قوله.. ويضيف محدثنا أن المشكلة ليست مشكلة الطبيب إن دفع المريض نصف دخله لقاء المعاينة، بل المشكلة تكمن بالدخل المتدني للمواطن..
فيما يرى طبيب آخر أنه لا يمكن تعميم التجاوزات وابتزازا المرضى على جميع الأطباء، لكنه لم ينكر أن الكثير من الأطباء أيضاً لا يتقيدون بتعرفة الكشف الطبي التي وضعتها وزارة الصحة، أما قيمة التعرفة الصادرة عن وزارة الصحة فهي غير مناسبة للظروف الحياتية اليوم، وحتى إن وصلت إلى 15000 ليرة سورية - وأنا أستبعد هذا بالتأكيد -  فسنجد أطباء كثر سيتجاوزون التعرفة، إذ أن البعض أصبح يتعامل مع المهنة لجمع المال والتباهي بكثرة المرضى والمراجعين..
السطر الأخير
ستبقى مشكلة المعاينة باباً مفتوحاً للأخذ والرد بين الأطباء من جانب والمواطنين من جانب آخر، فلا المواطن قادر على دفع تكاليف علاجه، ولا الأطباء راضون عن أجور معايناتهم، وحتى لو رفعت وزارة الصحة أجور المعاينات فلا نعتقد أن الأطباء سيلتزمون بها، بل ربما سيتخذون منها ذريعةً لرفع أجور معايناتهم، وسط عدم وجود رقابة من قِبَل وزاراتهم عليهم، وتبقى المسكنات بمثابة المرهم الشافي والملجأ الآمن للحال المتردي للمواطن..
هذا ويُذكر أن وزارة الصحة لم تغير أجور كشفيات أطباءها منذ عام 2004، رغم أن القانون يؤكد وجوب تغيير كشفيات الأطباء كل ثلاث سنوات، وهي الآن بصدد إصدار أجور معاينات جديدة تتناسب مع الظروف الحالية الراهنة..

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر