نزاع ناغورني قره باغ يؤدي لتداعيات اقتصادية خطيرة على المنطقة

نزاع ناغورني قره باغ يؤدي لتداعيات اقتصادية خطيرة على المنطقة

قد لا يكون الاقتصاد المحرك الأساسي للنزاع بين أذربيجان، القوة النفطية الإقليمية، وأرمينيا، البلد الأكثر فقراً بكثير، حول جيب ناغورني قره باغ الانفصالي، لكن من شأن هذه الحرب أن يكون لها تداعيات اقتصادية خطيرة على المنطقة.
يملك الجيب الانفصالي الذي تقطنه غالبية أرمينية وتسيطر عليه يريفان بحكم الأمر الواقع، اقتصاداً متواضعاً (بلغت قيمة ميزانيته 713 مليون دولار في عام 2019). غير أنه يشهد نمواً قوياً منذ نحو عشر سنوات (بنسبة 10% تقريباً كل عام)، حسبما ذكرت صحيفة «أر.بي.كا» الروسية نقلاً عن مركز الاحصاء المحلي.
لكن نصف ميزانية الإقليم تأتي من إعانات أرمينيا ومن الجالية المتوزعة في العالم، التي ساعدت في تحقيق ازدهار كبير في الإعمار.
وإذا وضعت أذربيجان يدها من جديد على الإقليم، تخسر أرمينيا بذلك منشآت بُنى تحتية وعقوداً من الاستثمارات. وذكرت الصحيفة الروسية أن يريفان استثمرت 120 مليون دولار في عام 2019 في الجيب الانفصالي.
ونتيجة للحرب وتفشي فيروس كورونا المستجد، قد ينهار نمو أرمينيا بنسبة 10% أو أكثر، بعدما كان متوقعاً أن يبلغ 4% هذا العام، حسب تاتول ماناسيريان وهو اقتصادي وأستاذ جامعي ونائب سابق.
وأكد تاتول أن «كل البُنى التحتية الاقتصادية قد تضررت». واعتبر أيضاً أن الثمن البشري على أرمينيا التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة فقط، مقابل 10 ملايين نسمة في أذربيجان، قد يكون عالياً في حال استمرت الحرب.
وأضاف أنه «سيحصل نقص في اليد العاملة الماهرة، من العلماء والمهندسين» الذين يغادرون وظائفهم للذهاب إلى الجبهة  وأسفرت الحرب في الجانب الأرميني عن مقتل 800 شخص خلال أقل من شهر.
ويعتمد اقتصاد قره باغ إلى حد كبير على قطاع المناجم، من نحاس وأحجار كريمة. وفي محافظة مارتاكرت، تقع مناجم تستثمرها مجموعة «فاليكس» الأرمينية على خط الجبهة.
وبفعل القتال الذي انطلق في 27 سبتمبر/أيلول الماضي «توقفت منشأة كاشن للتعدين، أكبر جهة مُوَظِّفة ومساهِمة في القطاع في أستراخ (الاسم الذي يطلقه الانفصاليون على الجيب)… عن العمل» وفق فاليكس.
وتنتج المنطقة الانفصالية أيضاً الكهرباء عبر الطاقة مائية وتصدر الطاقة إلى أرمينيا منذ بضع سنوات.
في المقابل تشكل أذربيجان الغنية بالمشتقات النفطية، نقطة انطلاق في الخطوط الإستراتيجية لنقل النفط من بحر قزوين نحو أوروبا. وبعضها لا يعبر روسيا، على غرار خط نفط باكو-تبليسي-جيهان (الذي تستثمر فيه حالياً شركات «بي بي» و»توتال» و»إيني»)، الذي يصل أذربيجان بتركيا عبر جورجيا.
في موازاة ذلك، يمر بأذربيجان خط غاز «جنوب القوقاز» الروسي أو خط باكو-تبليسي- إرزوروم، الذي تشغله شركة «بي.بي» البريطانية. ويفترض أن يجري وصل هذا الخط بإيطاليا بحلول نهاية عام 2020.
ويعبر هذان الخطان الأساسيان للاقتصاد الأذربيجاني على بعد عشرات الكيلومترات من الجبهة. وإذا تعرضا لهجوم، فقد يُحدث ذلك اضطراباً قوياً في اقتصاد البلاد الذي أضعفه أصلاً تراجع سعر النفط، ما سيؤدي بالتالي إلى تصعيد في النزاع.
ويقول سوابنيل بابيل، المحلل في «ريستاد إنرجي» الاستشارية النرويجية أن «الخطوط تقع على عمق مترين تحت الأرض، ولذلك فهي محمية إلى حد ما من الأضرار المادية»، لكن «سيناريو وصول القوات الأرمينية إلى الأراضي التي تعبرها الخطوط، من شأنه تهديد صادرات النفط والغاز من المنطقة».
وستؤثر الاضطرابات المماثلة على تركيا التي تربطها بأذربيجان عقود تسليم وتوصيل، وتلعب في النزاع دور الداعم الجيوسياسي الأكبر لباكو كما انها عدو تاريخي لأرمينيا.
ويمنع النزاع منذ 30 عاماً تكاملاً اقتصادياً بين دول جنوب القوقاز الثلاث التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (جورجيا، أذربيجان، أرمينيا). كما أن عمليات شراء الأسلحة أثقلت ميزانيات الأطراف المتحاربة.
يقول ناتيغ دجافرلي الاقتصادي والسكرتير التنفيذي لحزب المعارضة الأذربيجاني «ريل» آسفاً إن «الإنفاقات العسكرية للبلدين يمكن أن تخصص لتأمين تحصين اجتماعي للسكان وللنمو الاقتصادي». وتعتبر أرمينيا الأفقر في المنطقة وتعاني من تراجع في البُنى التحتية للنقل والنفط.
وأوضح دجافرلي أن «العديد من المشاريع الإقليمية أجريت بدون أرمينيا». وأخيراً، فقد يلقي النزاع بثقله على الاستثمارات الدولية في كلٍ من أذربيجان وأرمينيا.

أ ف ب

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني