الإقراض الزراعي 1.2% للفلاحين والباقي من «الحكومة للحكومة»!

الإقراض الزراعي 1.2% للفلاحين والباقي من «الحكومة للحكومة»!

عشتار محمود

يكثر الحديث اليوم  عن الاعتماد على  الزراعة وتحفيز القطاع  الإنتاجي، ولكن، مقابل الكثير  من التصريحات هنالك القليل  من الأفعال... وقد يكون المؤشر  الأهم هو التدهور الحاصل في  إنتاج قطاع الدواجن من الفروج  والبيض وما يتبعه من ارتفاع  في الأسعار، ولكن هنالك جانب  أوسع ويشمل كافة قطاعات  الزراعة هو الإقراض الزراعي الذي  يحمل أداؤه والسياسات الكامنة  خلف هذا الأداء دلالات على أن  قطاع الزراعة لن يلاقي دعماً جدياً  في القريب العاجل.

للسنة الثانية على التوالي يعلن  المصرف الزراعي عن حجم  إقراض كبير، وبمئات المليارات  من الليرات... فبينما كان حجم  الإقراض الزراعي لا يتعدى  عشرات المليارات في عام  2018 ، فإنه قد ارتفع في 2019  و 2020 إلى مئات المليارات،  فهل يعكس هذا ارتفاع التمويل  الزراعي للفلاحين؟ 

للأسف لا!  إنّ الإقراض الزراعي الذي يقدمه  المصرف خلال العام الحالي  والسابق هو بمعظمه للجهات  الحكومية، وهو من المال العام  وإليه! دون أن ينتقل إلى السوق،  ليكون المصرف الزراعي مجرد  وسيط دفع وليس مموّل...

صرح مدير عام المصرف الزراعي  بأن ما تم منحه من قروض منذ  مطلع العام الجاري 2020 وحتى  نهاية شهر تموز قارب: 352.3  مليار ليرة. ولكنّ نسبة لا تتعدى  1.2% من هذه القروض ذهبت  للفلاحين، بينما كامل المبلغ  المتبقي هو أموال من الإنفاق  الحكومي يوزعها المصرف على  المؤسسات الحكومية المعنية  بالحبوب والأقطان والبذار وبمبلغ  قارب 348 مليار ليرة.  حيث خصّت  مؤسسة الحبوب بأكبر مبلغ: 310  مليار ليرة من مجموع الإقراض  وهي المؤسسة التي تقوم بشراء  القمح وجزء من الشعير من  المزارعين، وبمبلغ 7 مليار على  مؤسسة حلج وتسويق الأقطان  التي تستلم ما تبقى من محصول  القطن من المزارعين، و 31 مليار  ليرة لمؤسسة إكثار البذار التي  تستلم المحاصيل المزروعة لغاية  تحويلها إلى بذار.

  وبالمقابل فإنه في عام 2019  كانت حصة المزراعين من الإقراض  تعادل نسبة % 3 خلال الأشهر  التسعة الأولى من العام، وبمبلغ  قارب 7.8 مليار ليرة أي ما يعادل  اليوم: 11 مليون دولار وفق سعر  الدولار في السوق. بينما المبلغ  في الأشهر السبعة الأولى من  العام الحالي بلغ 4.3 مليار ليرة وما  يعادل 2 مليون دولار بسعر الدولار  في السوق (وقد أخذنا سعر الدولار  في السوق كمقياس لأنه السعر  الذي يتم تسعير عموم مستلزمات  الإنتاج والاستهلاك عليه في  الظرف السوري الحالي).

  ما يشير إلى تراجع سنوي في  القيمة الاسمية والفعلية لكتلة  الإقراض القليلة المخصصة  للمزارعين بين عامين.

  إنّ هذه المبالغ التي يتم الإعلان  أنها قروض من المصرف الزراعي،  يفترض أن تكون من ضمن  مخصصات الإنفاق الحكومي  الزراعي على منظومة المحاصيل  الاستراتيجية، وهي بتحويلها إلى  قروض من المصرف الزراعي  فإنها تتحول إلى التزام على هذه  المؤسسات العامة عليها أن  تسدد أثمانها مقابل فائدة! بينما  المصرف الزراعي هو مجرد وسيط  لتودع الحكومة فيه هذه الأموال  وتستعيد تحصيلها مع فوائد عبر  المصرف! وهو لا يقوم بدوره  كممول للفلاحين ولعمليات  توسيع استثمارهم الزراعي إلا  بمبلغ لا يتعدى فعلياً 4,3 مليار  ليرة وبمعدل فائدة يتراوح بين  !13%-10

  إن المصرف الزراعي فقد دوره  كممول للنشاط الزراعي السوري،  ولمعرفة مقدار تراجع هذا الدور  ينبغي أن نقارن الأرقام مع عام  2011 عندما كانت كتلة الإقراض  المخصصة للمزارعين في سورية  تعادل 1,5 مليار دولار تقريباً  للقطاع العام والخاص والمشترك!

  لن تقوم للزراعة السورية قائمة  دون تمويل حكومي للعمليات  الاستثمارية الزراعية، بينما اليوم  تنقل الحكومة إنفاقها الزراعي  على المؤسسات العامة لتحوّله  لقروض والتزامات على هذه  المؤسسات بينما لا يحظى  المزارعون إلا على مقدار قليل جداً  ولا يذكر من القدرة التمويلية التي  كانت متاحة قبل الأزمة.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني