اقتصاد السوق الاجتماعي هل ما زال صالحاً؟...

اقتصاد السوق الاجتماعي هل ما زال صالحاً؟...

تحقيقات

دمشق - ريم غانم

تم إقرار التوجه والتحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي في سورية عام 2005 ولكن بعد مرور 15 عاماً ماذا حقق وكيف تم تطبيقه؟ وهل كان ناجحاً؟
يعني اقتصاد السوق الاجتماعي من حيث الجوهر محاولة للتوفيق والجمع بين قوانين الاقتصاد الحر ومبادئ تتعلق بالجانب الاجتماعي، أي أنه نموذج اقتصادي يجمع بين الفعالية الاقتصادية لاقتصاد السوق وتحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية، وعليه فإن ما تفرزه العملية الاقتصادية من فائض اقتصادي لابد وأن يحول جزء منه في سبيل التنمية الاجتماعية وتخفيف الأضرار الناتجة عنه، كما يعطي دوراً هاماً وأساسياً للقطاع العام ودوراً مماثلاً للقطاع الخاص وخير دليل على ذلك تجربة دول جنوب شرق أسيا  وما انتهجته من علاقة تكاملية.
و يقوم على ثلاث مكونات رئيسية هي" القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع (المدني – الأهلي )" ولا بد من تحقيق شراكة حقيقية بينها وتوفير المرتكزات الموضوعية لمؤسسات المجتمع المدني ليكون بمثابة صمام آمان للاستقرار الاجتماعي في مواجهة التحولات الاقتصادية وما يرافقها من تشوهات وتهميش لمصالح الفئات الاجتماعية الأضعف.
 إن اقتصاد السوق الاجتماعي في الواقع يخضع بشكل كبير لمستوى التطور الاقتصادي في البلد وهو ما يتنافى مع الوضع الحالي نتيجة تعاقب الفشل الحكومي خلال سنوات الأزمة والتي زادتها العقوبات الاقتصادية، وبسبب محدودية المقدرة الاقتصادية في سورية فإن ما يخصص للتنمية الاجتماعية أيضاً محدود ولعل قلة الاستثمارات وانخفاض الالتزام الضريبي له دور بارز في ذلك ، لذلك لا بد من تفعيل الاستثمار العام والخاص والمشترك في ظل هذا النموذج ووضع دراسات جدوى اقتصادية واجتماعية وبيئية دقيقة والتخلص من العوائق الضريبية والقرارات التي تعيق الأداء الاقتصادي فضلا عن بناء القدرة المؤسساتية.
فيما وجد البعض بتطبيق هذا النوع من الاقتصاد كائناً غريباً على الجسم الاقتصادي السوري اصطدم بمعوقات عديدة والبعض الآخر رآه ضرورة ملحة واستجابة لقوى الواقع رغم ضعف إمكانيات تطبيقه بالشكل الأمثل؟ وآخرون اعتبروا تطبيقه تحولا اقتصاديا بدلا من الوبال الذي كان يرافق اقتصاد السوق الحر .
رأي الخبراء
هل جاء اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي بسبب قدرته على النفاذ إلى عمق الأزمة الاقتصادية ومعالجة مشاكل المجتمع بصورة جذرية، أم هو مجرد خيار بغرض مغازلة الأوضاع المعيشية لأكثر من ربع المجتمع السوري وضمان التفافهم حول القرارات الحكومية.
اتفق الكثير من الباحثين على أن اقتصاد السوق الحر رغم عيوبه الاجتماعية أثبت قدرة أفضل في سورية على التطور واستخدام الموارد من الاقتصاد المخطط الذي يقوم على الأوامر الإدارية، ولعل ما يخفف آلام عشوائية السوق ووحشيتها أن يترافق هذا التحول بدور جديد للدولة ليس كمقرر في شؤون العملية الاقتصادية والإنتاجية بل كراع فقط للقضايا الاجتماعية وموجه لمسارات العملية الإنتاجية ومسائل التنمية البشرية والتكنولوجية، وأيضا كأداة لمحاربة الفساد وإعادة تدريب قوى العمل وتأهيلها لمشاريع استثمارية جديدة لا تسريحها تعسفيا بصفتها أحد أسباب الركود والخسارة!!
لكن ما يعانيه الاقتصاد السوري ليس مجرد مشاكل بسيطة سهلة الحل بل أزمة مزمنة تتمثل في تدني معدلات النمو وانحسار الاستثمار وتزايد البطالة وهو ما منع التطبيق الصحيح للمعايير الاجتماعية وأدى لمزيد من الاختلال على صعيد المنافسة والتهميش والإهمال.
من وجهة نظر الخبير طلال أحمد يجد أن تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي غير فاعل في سورية نتيجة خصوصية الوضع الداخلي وكثرة الأزمات فهو لا يزال يعاني من الغموض ويفتقر للدقة بل لم يجر توضيح حدوده وأغراضه بما يكفي، فهل يقصد من تبنيه الحرص بالفعل على استمرار دور الدولة في ضمان الخدمات الاجتماعية للمواطنين، أم أنه أشبه بحل وسط جراء خوف الجهات المعنية من فقدان تحكمها بالورقة الاقتصادية والانتقال من اقتصاد مخطط مركزيا إلى اقتصاد السوق الحر، أم يتعلق الأمر بحسابات المكاسب والرغبة في الإبقاء على اقتصاد الدولة كمصدر لثراء بعض المسؤولين الذين حولوه إلى مرتع للفساد ونهب المال العام؟!
فيما خالفه الرأي الخبير الاقتصادي محمد عياش  الذي يجد أن اقتصاد السوق الاجتماعي من الممكن أن يكون نظاماً إنمائياً واجتماعياً واعداً ويلبي طموح الناس والوطن، إذا قام على تفعيل النمو والارتقاء بالتخصص الإنتاجي وبالإنتاجية، وتطوير الموارد البشرية العلمية والمهنية، وعلى ضبط النزعات الاحتكارية والريعية في نظام السوق، وتبني المنافسة العادلة أساساً للارتقاء والتطور، لكنه لا يتحقق بدون تحالف اقتصادي جديد مع المنتج (المزارع والصناعي) بإعطاء أولية المزايا للمزارع والمصنع، بما يعزز قدرتهم التفاوضية مع التاجر، ويسهم في تحقيق التراكم الاستثماري في القطاعات التنموية ذات الأولية، وبما يلبي متطلبات التشغيل والتأهيل والتصدير، ويفعّل الترابطات الأمامية والخلفية، خاصة المرتبطة منها بالموارد الطبيعية والزراعية. كذلك يقوم هذا النظام على ضمان استمرارية تأمين الخدمات الأساسية، وخاصة منها الصحية والتعليم والسكن الملائم وحاجات الشرب والبنية التحتية الأساسية، للفئات الاجتماعية الفقيرة والعاملة بأجر.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر