تباين في آراء الاقتصاديين حول استئناف منح القروض بعد توقفها

تباين في آراء الاقتصاديين حول استئناف منح القروض بعد توقفها

المشهد – نور ملحم
 أنهت حكومة مرحلة تجميد الإقراض والتمويل داخل البلاد، وعمّمت على المصارف العامة العاملة في سورية، قراراً بإنهاء مفعول التعاميم التي كانت سارية، خلال فترة الأزمة محاولة من الحكومة لتشجيع الاستثمار المتراجع وضخ سيولة لتمويل التجارة والاستيراد خوفاً من زيادات مرتقبة في أسعار السلع والخدمات خاصة الأغذية والمشتقات البترولية.
 تباينت آراء اقتصاديين ومصرفيين سوريين تحدثت إليهم ”المشهد“ حول الموضوع الذي أخذ الكثير ما بين الأخذ والرد ما بين المصارف العامة ومصرف سورية المركزي حيث تراجعت سيولة المصارف في فترات سابقة نتيجة السحوبات الكبيرة التي قام بها المودعون كرد فعل أمام تراجع قيمة العملة السورية، هو السبب الاساسي وراء عدم الإقراض، إلى جانب تخوف المصارف من عدم قدرة المقترضين على سداد قروضهم بعد خسارة عدد كبير من السوريين لأعمالهم ومصدر رزقهم.
 فعودة المصارف الى الإقراض اليوم، يمكن ان تكون طريقاً لتعويض الخسارة التي سببتها عملية التوقف عن الاقراض، والتي كانت عملية خاطئة، لأن الحفاظ على دورة المال أفضل من اكتنازه، واستمرار تقديم القروض كان سيساعد في تحريك الدورة الانتاجية وتأمين واردات للمصارف واليوم فإن قيمة القرض ( 500 ألف ليرة) مثلًا لا تتناسب مع التضخم والقدرة الشرائية للمواطنين، بحسب ما يوضح الخبير الاقتصادي علي الأحمد.
 تحريك السوق ...
 فيما يعتبر الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور عابد فضليه، أن »تقديم هذا النوع من القروض التي يمكن تسميتها بالقروض الاستهلاكية، له دور في تحقيق أهداف عدة من بينها سد نقص القوة الشرائية لدى المقترض، وتلبية احتياجات طارئة بمبلغ يضاف الى الراتب وينفق خلال الشهر على المدارس أو الجامعات أو لمعالجة حالات صحية طارئة .«
 كما يمكن للقرض تحريك الطلب في الأسواق وبالتالي تنشيط الحركة الإنتاجية كما أنه يساعد على تشغيل أموال المصارف لإيجاد سيولة تساعدها على استرداد جزء من كلفة الفوائد التي استمرت بدفعها على الإيداعات.
 ومن ميزات هكذا قروض أّنها لا تحمل مخاطرة كبيرة، لأن المقترض موظف ويقتطع القسط الشهري من راتبه من قبل المحاسب في المؤسسة التي يعمل فيها. وكفيل المقترض موظف هو الآخر، وحتى لو تخلّف أحدهم عن السداد فإن القسط يؤخذ من مبلغ التأمينات الاجتماعية العائد للموظف.
 صدمة نقدية للسوق ...
 بالمقابل أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أن قرار إعادة القروض والتسهيلات الائتمانية، يتطلب ضعف المدة التي تم بها إيقاف القروض سابقاً، كي يستعيد السوق عافيته، وينطلق من جديد. وأشار يوسف في حديثه »للمشهد « إلى أن قرار إيقاف القروض الذي صدر منذ ما يقارب الثلاثة أشهر والذي أوقف -بقرار السماح للمصارف العاملة باستئناف منح التسهيلات الائتمانية -شكل صدمةً نقدية بالسوق، نتيجة اختفاء القروض والتسهيلات الائتمانية، أدت إلى نقص السيولة، التي أدت بدورها لإضعاف العديد من المشاريع وتوقف تلك التي كانت مُستمرة كنتيجة لتوقف التسهيلات الائتمانية.
 ونوه إلى أن أسباب إيقاف القروض سابقاً، وكذلك إعادتها اليوم، لا تزال غير معروفة الهدف، خصوصاً في ظل تذبذب أسعار الصرف، ونقص السيولة في البلاد، مضيفاً أن الحكومة هي المورد الوحيد للكتلة النقدية من خلال كتلة الرواتب والأجور التي لم تقف، والقروض التي تم ايقافها قبل ثلاثة أشهر.
 ويعزو اليوسف سبب كل تلك التخبطات إلى القرارات الفردية غير محسوبة النتائج، مشيراً إلى أنه من الممكن أن تعود القروض للتوقف في لحظة معينة ودون سابق إنذار، ما يعني تضرر العديد من الناس وإيقاف أعمالها.
 زيادة عرض الليرة السورية ...
 من جهته، يعتقد الدكتور سنان ديب » خبير اقتصادي أن قرار عودة المصارف للإقراض، جاء بناء على ضرورات المرحلة «، متوقعاً أن تبدأ عمليات إعادة الإعمار بتمويل وقروض خارجية، ما يلزم المصارف العاملة بسورية، التوجه نحو تمويل العمليات التجارية والسكنية وترميم المنشآت الصناعية والحرفية، وتوقع ديب خلال حديثه ل »للمشهد «، أن يؤدي انطلاق عمليات الإقراض إلى زيادة عرض الليرة السورية في السوق، ما سينعكس سلباً على سعر صرف الليرة، إلا إذا سُحب فائض السيولة عبر رفع نسب الفائدة وطرح سندات وأذونات خزينة، متسائلًا: »ماذا يمكن أن يفعل القرض الذي يُقال إن سقفه للمشروعات الزراعية والصناعية، لن يتجاوز 5 ملايين ليرة سورية على وقع ارتفاع الأسعار وصعوبة تأسيس مشروعات جديدة
لافتاً إلى أنه ثمة إيجابيات وسلبيات في هذه الخطوة، لكن تنشيط بعض القطاعات، كالمهن والحرف والمشروعات الصناعية، عبر التسليف، هو أمر ضروري، كما في ذلك ضرورة للمصارف لزيادة التوظيفات المالية من خلال أقنية وأنشطة تسليفيه متوقفة منذ سنوات.
 ثلاث قنوات للتمويل ... وكان مصرف سورية المركزي قد أعلن عن السماح للمصارف العاملة باستئناف منح التسهيلات الائتمانية، موضحاً في تعميم إلى كل المصارف أنه يسمح للمصارف العاملة باستئناف منح التسهيلات الائتمانية المباشرة وغير المباشرة حصراً لتمويل القطاع الزراعي (المشاريع الصغيرة والمتوسطة-أصحاب الدخل المحدود) إضافة للقروض العقارية.
 حيث أشار الدكتور محمد إبراهيم حمرة النائب الأول لحاكم مصرف سورية المركزي وجود ثلاث قنوات للتمويل تتمثل بـ ”القنوات المصرفية من خلال المصارف المسموح لها تمويل المستوردات وعن طريق شركات الصرافة وحسابات المصدرين في الخارج“.
 وبين حمرة أن موضوع استئناف منح القروض والتسهيلات الائتمانية قيد الدراسة حالياً في مجلس النقد والتسليف وقريباً ستصدر قرارات تتضمن ضوابط محددة بهذا الخصوص.
 وحدد المصرف ضوابط على المصارف العاملة الالتزام بها في إطار قيامها باستئناف منح القروض وهي عدم منح أي تسهيلات ائتمانية دوارة (جاري مدين-حسم سندات) وغيرها لحين صدور تعليمات لاحقة بهذا الخصوص وألا يتجاوز سقف التسهيل الائتماني مبلغ 500 مليون و 400 مليون ليرة سورية في حال كان التسهيل الممنوح قرضاً عقارياً.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني