شعبٌ ملّ " الطوبرة" ويشتاق السير فرادى

شعبٌ ملّ " الطوبرة" ويشتاق السير فرادى

كم هو حزين ومؤلم الواقع الذي وصلنا إليه نحن السوريون،يكفيك أن تسير في شوارع أية مدينة تقطنها لتلمس البؤس والشقاء يرتسم بملامح كل من تصادفه،طوابير طويلة تجمع الجميع بانتظار دور يطول لتلتقف ما تيسر من مواد أصبحت حلماً أو لنقل كابوساً نختبره عدة مرات في يومنا الطويل.
بابتسامة قهر تقول أم محمد المرأة السبعينية وهي تحتضن ربطة الخبز: أخيراً اشتريتها وبعد انتظار ساعتين أمام كوة الخبز لحين حضور سيارة المخبز الحكومي التي لا موعد محدد لقدومها تطول الساعات وتقصر كل يوم بموعد "ويا مين يحصل الدور وياخد الربطة بلا إصابة أو مسبة".. لتضيف تعبت قدماي من الانتظار " وآخرتا هيي ربطة خبز ما عاد يشوفولنا حل".
لنتابع المسير ونصادف مئات السيارات تصطف أرتالاً ويتجمع سائقوها وعرقهم يبلل جباههم وثيابهم وعلامات اليأس على وجوههم تنطق بألف عبارة عتب على زمن غدر بهم ومسؤولين استرخصوا تعبهم وتجاهلوا حلولاً كانت كفيلة بإراحتهم من ذل الانتظار،ليبادر وفيق بالقول: أنتظر دوري منذ ثلاثة أيام،تعطلت أشغالي فأنا سائق عمومي ورزقي وقوت أطفالي من عملي على هذه التكسي فهي"الحيلة والفتيلة والدور تقولي سلحفاة عم تمشي" ولا أخفيك سراً فالمحسوبيات والدفع يملأ خزانات سيارات دون غيرها و" وعلى عينك يا تاجر"أصبح الوصول "لفرد" الكازية حلماً وكنزاً نستحق التهنئة عليه وأنا بانتظار هذه الحظوة كمئات السائقين أمثالي.

نودع وفيق لنتابع المسير لطابور ليس ببعيد يجمع المئات أيضاً من أبناء جلدتنا المتعبين يتزاحمون على باب صالة لبيع مواد بطاقتهم الذكية وصياحهم يصل أذنيك لدرجة تتمنى معها أن تكون في حلم ينتهي باستيقاظك والسلام
..ولكن عيناك مفتوحتان تحتضنان الأيادي الممدودة ببطاقات ما حصّلت إلا الطوابير والانتظار،ليخرج من الجمع أبو بشير بصعوبة وبيديه ما وهبته إياه بطاقته من سكر ورز والعرق يهرول عبر تجاعيد وجهه الأحمر وفمه يغمغم بعبارات لن نذكرها لشدة ما آلمتنا ولن نعيدها لنجنبكم ما أحسسنا به معه ولكن سننقل لكم شكواه من سوء التنظيم وتكرار المعاناة شهراً إثر آخر من الازدحام والانتظار والمهانة التي يواجهها مع الجموع لتصل البطاقة للموظف ليحصلوا على الكنز المكنوز بسعر أرخص يضطرون معه لتحمل ما يتحملون.

نغادر طابور السكر والرز لنصل لطابور أيضاً ليس ببعيد لصالة أخرى تجمع مستجدي الدخان المحلي الذي أيضاً طالته يد " الطوبرة" ليتضخم ويكبر تبعاً لغلاء"الحمراء المدللة" على حد تعبير سامر الذي نال "باكيتيه"بعد" كم دفشة ومسبة" ولكن "كلو بيهون بتوفير كم مئة ليرة" فرق السعر عن السوق، ليتابع أليس من العيب أن ننتظر لساعات للحصول على علبتي دخان وطني والدخان الأجنبي متوفر بكثرة في المحال وما ننتجه من أرضنا ومعاملنا مفقود في الأسواق؟ من المسؤول عن هذا الأمر؟نريد أن نعرف،رمى سامر هذه العبارة واعتذر ليغادر مسرعاً ليلحق بطابور الخبز.
بالتأكيد تعبت أقدامنا من السير من طابور لآخر لذلك سنتوقف هنا ولكن قبل ذلك دعونا نتذكر ما أقره طابور حكومتنا بمنع التجمعات توخياً وحفاظاً على سلامتك أيها الشعب السوري من وباء كورونا،وكيف أنك لم تلتزم بتوجيهاتها والتزمت الطوابير والتجمعات، وأنتم يا طوابير ممثلينا في مجلسنا نحن الشعب ما بال طابوركم تفرق بعد جلوسكم فرادى على كراسينا؟
أما آن لطوابيرنا أن تتفرق مثلكم ونعود لعيشنا الرغيد..اشتقنا للسير للصالات والأفران والكازيات فرادى،فهل نسير؟

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر