مشوار يختصر الوجع بشوارع اللاذقية

مشوار يختصر الوجع بشوارع اللاذقية

"أمو داعية عليه يللي بيطلع من بيتو بهالشوب والزحمة"بهذه العبارة استقبلني سائق التكسي الذي تكرم عليّ بعد انتظار تجاوز النصف ساعة ليقلني لموعد تأخرت عنه ما يزيد عن الساعة والثلث لأسباب سأذكرها لاحقاً.
"شو مطلعك من بيتك يا عمي، نحنا الله غاضب علينا ورانا كوم لحم"، ليبدأ مشواري بسيارة بالكاد تسير، الهواء الساخن يلفح وجهي وكأن جهنم فتحت طاقة على فضاء مدينتي،شوارع مكتظة بمئات السيارات التي تطلق أبواقها ورؤوس سائقيها تغادر الشبابيك لتكيل التساؤلات والسباب والملل من الوضع.
لم يكن سائقي بأحسن حال فلم يطبق فمه وهو يخاطب نفسه هنيهة ويحول نظره بمرآة السيارة ليسألني ويشاركني الحديث" وآخرتا يا عمي ما حلهون يريحونا من هالحالة..كل يوم قصة جديدة..صرنا فيران تجارب يا عين عمك..ولك ويا ريت تظبط معهن..وهلق طلعت فنة البنزين وقال شو نزلو المخصصات لك يا ولاد ال.... كيف بدنا نتحرك ونقضي شغلنا وشغل هالبشر؟ خليني ساكت أحسن".
أترك السائق بحاله يغمم بما تيسر من شتائم أبى أن تصل أذنيّ لأراقب وجوهاً تحكي ألف حكاية وحكاية..لأناس تقطع الطريق بأرجل بالكاد تحملها، وآخرين يلوحون لوسائل نقل حبلى بتوائم مضاعفة بركابها الغير آبهين لا بكورونا ولا بإجراءات حكومتهم الاحترازية.
وعن سبب ازدحام الشوارع بالسيارات سألت السائق ليجدها فرصة ليباشر الشرح بمتعة العارف" الكازيات يا عمي طوابير طوابير وبدك العالم تتقيد بالدور والله ضليت ١٨ ساعة لعبيت بنزين وغيري عم يضل يومين ليعبي،الناس تركت شغلها وبسّطت عالكازية،غير المشاكل والخناقات عالدور، بعدين إزا بدك بنزين حر بتشوفيه بس بالسعر الفلاني لمين فيه يدفع.
تابع السائق طريقه لوجهتي ببطئ شديد زاد تأخري عن موعدي "مجبر أخاك لا بطل" وكم من بشر تأخروا مثلي وفقدوا العذر بالتأخير ،وقطع تفكيري سيدة أوقفت التكسي بلهفة لتشاركني طريقي ومقعدي لاضطرارها الركوب لتلحق موعدها عند الطبيب ولتشكرني لسماحي المشاركة لتبدأ هي الأخرى موشح التأفف من الوضع وفقدان الحلول بالإنفراج ورمي المسؤولية على مسؤولين استمتعوا بإتعاب العباد وتأطيرهم بطوابير طويلة يقضون فيها جلّ وقتهم لتحصيل خبزهم ومؤنتهم ووقودهم ودخانهم ووو..دون رحمة أو شفقة لوضعهم.
أخيراً وصلت وجهتي متأخرة على موعدي..ترجلت من التكسي بعد أن تلقيت التهاني بالوصول فاقدة الرغبة بالعمل محملة بفائض من اليأس وصور وجوه قابلتها خلال مسيرتي البطيئة، داعية ربي بفرجه القريب علينا نحن العباد المتعبون.
نقلت لكم تجربتي بمشوار يختصر الوجع في مدينتي "اللاذقية"وأكيد تشاركها جميع شقيقاتها من المدن والبلدات السورية...وجوه متعبة..عيون حزينة..شوارع مكتظة بالزحام وأبواق السيارات وصياح المنتظرين...طوابير عشوائية طويلة طول الطول! الحجر والزفت والبشر تمتص الحرارة الملتهبة وتنفثها أضعافاً ممزوجة بعرق يقطر ملحاً وقهراً..
لعن الله الحرب ولعن معها مسببها ومن أجج نارها بجشعه وفساده...وأنتم أيها المتعبون لكم الله والأمل 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر