قطاع السفر لن ينجو من كورونا دون تغيير جوهري في نهجه

قطاع السفر لن ينجو من كورونا دون تغيير جوهري في نهجه

(علي شاه الرئيس التنفيذي لوكيل السفريات عبر الإنترنت TravelUp)

تتمتع المملكة المتحدة بتاريخ غني كمركز نقل عالمي. وبينما نقدر جميعاً عطلاتنا كأفراد، لا يمكن التغاضي عن قيمة السفر بالنسبة لاقتصاد المملكة المتحدة. ففي عام 2019، أنفق الزائرون الأجانب في المملكة المتحدة، المقدر عددهم بـ40.9 مليون، أكثر من 28 مليار جنيه إسترليني.

ورغم أن الكثيرين لا يرون أن اقتصاد المملكة المتحدة يعتمد على السياحة مثل بعض الأوروبيين، فإن المملكة المتحدة احتلت في عام 2018 المرتبة الثامنة في عدد السائحين الدوليين الوافدين، بحسب منظمة السياحة العالمية، والمرتبة 11 في إيرادات السياحة الدولية، ما يمثل 2.7 في المائة من مجموع السائحين بالعالم. كما تعد لندن ثاني أكثر المدن زيارةً في العالم بعد هونغ كونغ.

هكذا أسهم السفر بعمق في تشكيل الاقتصاد البريطاني الحديث. وتستأثر صناعة السفر على 9.6 في المائة من إجمالي الوظائف بالمملكة المتحدة و9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. غير أن ظهور الجائحة طرح  بلا شك تحديات غير مسبوقة ومستمرة في التصاعد. فقد كان للإغلاق العالمي الشامل بسبب كورونا آثارٌ مدمرة على صناعة السفر، ومع استئناف النشاط الاقتصادي، باتت استراتيجية الحكومة تمثل خطراً حقيقياً على قطاع السفر وقد تلحق به ضرراً لا يمكن إصلاحه في جميع الجوانب.

وحالياً، تخضع كل من فرنسا وإسبانيا، وهما أكبر شريكين للمملكة المتحدة في قطاع السفر، لتدابير الحجر الصحي، فيما تشهد أحدث لعبة "موسيقى الكراسي" في قطاع السفر فرض قيود على كرواتيا والنمسا وترينيداد وتوباغو. ويمثل انهيار شركة "إس تي إي" للسفر باعتبارها أحدث ضحية للجائحة، دليلاً على معاناة صناعة السفر من نقص الإيرادات منذ مارس (آذار). ويواجه الآن هذا القطاع تغييرات مفاجئة في متطلبات الحجر الصحي وسلسلة إلغاء جديدة للحجوزات.

وبالنسبة للعديد من وكلاء ومشغلي الرحلات السياحية، يُحتمل أن يكون الوضع مميتاً عما قريب. فقد راجع اتحاد النقل الجوي الدولي بالفعل توقعاته بشأن التعافي بعام آخر حتى 2024. كما أن أكثر من 90 ألف عامل في قطاع السفر فقدوا وظائفهم أو مهددون بفقدانها. وستؤدي قواعد الحجر الصحي المتقطعة، مع قرب إنهاء برنامج دعم الأجور، إلى خسارة عشرات الآلاف من الوظائف الإضافية.

بالطبع، فإن إدارة الجائحة ليست مهمة سهلة بالنسبة للحكومة، ويجب أن تتحمل صناعة السفر بعض المسؤولية في التكيف مع الواقع الجديد. فقد واجهت العديد من الشركات هذه المهمة بشكل مباشر وأعادت هيكلة أنشطتها بدرجة كبيرة ووفّرت للعملاء مزيداً من الدعم والمرونة.

ومع ذلك، لا يبدو أن ذلك كان كافياً لحماية صناعة السفر المتعثرة، حيث لا يزال العديد من المسافرين يعانون تأخيرات محبِطة في استرداد أموالهم، في حين يخوض وكلاء السفريات معارك مستمرة لاسترجاع أموال العملاء من الرحلات الملغاة. وقد منعت أكثر من 100 شركة طيران الوكلاء من تقديم طلبات استرداد الأموال بالطريقة المعتادة، وفرضت إجراءات أصعب تستغرق وقتاً طويلاً. ولا تزال العديد من الأموال المطلوب استرجاعها عالقة في التعقيدات وتحت رحمة شركات الطيران.

بالتالي، إذا أردنا استعادة ثقة المستهلك في السفر، فقد حان الوقت لإشعار المسافرين بأن الحكومة وشركات السفر وشركات الطيران تقف إلى جانبهم. وإلى جانب إصدار تحذيرات وإرشادات أوضح بشأن قواعد الحجر الصحي وحقوق المستهلك، ينبغي على وزراء الحكومة وهيئة الطيران المدني التفكير في مراجعة عميقة لطريقة عمل قطاع السفر. إننا بحاجة إلى توفير مرونة غير مسبوقة مقرونة بالأمل في أن يُحافظ الناس على ثقتهم بالسفر.

لهذا السبب اقترحنا على هيئة الطيران المدني أن تقدّم نظاماً جديداً، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي، يسمح بتحويل الأموال إلى شركة الطيران المعنية فقط بعد انطلاق الرحلة. وسيُتيح هذا استرداد الأموال بسهولة في حال لم تغادر الرحلة. وسيُطابق هذا النظام الجديد الإجراءات المتبعة في مجالات أخرى من قطاع السفر، وقد أثبتت برامج مماثلة نجاحها مع اتحادات السفر.

عند وصولي إلى المملكة المتحدة في عام 2002، سُحرت بالفرص التي توفرها صناعة السفر الغنية في المملكة المتحدة. كما أبهرتني دائماً مرونة القطاع وقدرته على التكيف، لذا كانت مشاهدة انهياره تحت وطأة الجائحة أمراً مؤلماً. وبرغم ثقتي في قدرة الشركة التي أعمل فيها على البقاء، فإن العديد من الشركات الصغيرة قد لا تكون محظوظة جداً ما لم يتم بذل المزيد من الجهد لحماية هذا القطاع.

لقد أتاح الإغلاق لجميع القطاعات لحظة توقف كفرصة لإعادة تقييم طريقة العمل. وعندما يتعلق الأمر بالسفر، يجب أن نواصل النضال من أجل التغيير الذي نحتاجه لكي نتكيف ونتعلم كيف نتعايش مع هذا الفيروس، وربما نترك بعض التغيير الإيجابي الدائم في قطاع السفر.

independentarabia.com

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني