السوريون يشاهدون شارع شيكاغو والقبلة تبقى محط خلاف!!..

السوريون يشاهدون شارع شيكاغو والقبلة تبقى محط خلاف!!..

 

خاص - المشهد
الموازنة بين اللغة الحياتية والشعرية في حوارات مسلسل "شارع شيكاغو"، تكشف إن الدراما السورية كانت تعاني من أزمة حقيقية في وجود النص السحري الذي يمكن أن يؤسس لاعمال درامية بمستوى عال، ولعل "محمد عبد العزيز"، الذي يكتب ويخرج العمل الذي لم تنته عمليات تصويره على الرغم من إطلاق المسلسل للعرض، أجاد الموازنة في اللغة بدأ من رسم مشاهد بلغة شفافة وصولاً إلى استخدام "الألفاظ النابية"، والشتائم التي تستخدم في الشارع السوري، ليكون النص مشدوداً، ومساعداً كبيراً على ضبط إيقاع الحدث دون الحاجة إلى الحشو على مستوى الحوار أو الصورة، وخلال ثمان حلقات لم يكن ثمة ما هو مجاني أو مجرد "تعبئة وقت".
عنصر التشويق الموجود في المسلسل لا يقوم على بداية الحلقة من حيث انتهاء سابقتها، كما إن خلق التساؤل وإفساح المجال أمام المشاهد للمقارنة بين شخصيات العمل التي تتشابه بالوظيفة وتختلف في بناءها العقلي والمعرفي والنفسي، مسألة لذيذة وتجعل المتلقي أمام حقيقة ألا ثابت أو نمطية في شخصية الإنسان، وعلى سبيل المثال فإن الضابط "برهان"، الذي يتقاسم تجسيد شخصيته كل من الممثلين "جوان خضر - جمال قبش"، المشبع بالسلطة والفساد، لديه شقيقتان، الأولى هي "مريمار"، التي تتمسك بالغناء والموسيقا كأسلوب حياة تواجه من خلاله إعاقتها المتمثلة بفقدان البصر، بينما الأخت الثانية خاضعة لفروض العائلة، في حين أن الضابط "يوسف"، الذي يجسد شخصيته "وائل رمضان"، يعد من الضباط المحاربين لكونه لا يقبل بالرضوخ للفاسدين، ولديه شقيقتين أيضاً، أولهما "سماهر"، التي تؤديها "أمل عرفة"، وهي شخصية تبحث عن المال والشهرة من خلال الغناء في الملاهي الليلية، والثانية خاضعة لأفكار العائلة التقليدية على الرغم من رغبتها بالتمرد، وعلى هذا الأساس يحاول الكاتب أن يقول أن تنميط التفكير المجتمعي حول أي قضية قد يكون مبنياً على أسس غير صحيحة.
خلال العمل الذي كتبه مخرجه، ثمة توظيف لشخصية "تشي غيفارا"، بحوارات مع "مراد عكاش"، الذي يبدو إنه أصيب بنوع من الجنون نتيجة لفقده حبيبته، كما إن يعرج الكاتب سريعاً ودون الحاجة لشروحات عن وجود العيش المشترك بين مكونات الشعب السوري في مرحلة الستينات، فرابط الصداقة بين المسلم "مراد عكاش"، والمسيحي حسني واليهودية جورجيت، تعد محاولة من "عبد العزيز"، لتوجيه رسالة إلى المجتمع السوري الذي يعيش اليوم انقسامات غريبة عنه، كما إن سريالية مشهد المواجهة التي حدثت بين أبناء "شارع شيكاغو"، والمرتبطين بالإخوان المسلمين، تجعل من الفن أحد أدوات المواجهة الفعلية مع الفكر المتطرف، وهذا ما يحسب للكاتب بتخلصه من الخطاب المباشر والوقوع في مطب "الوعظ".
في الأداء يبدو أن "محمد عبد العزيز"، مكّن كل من "جوان خضر"، و "جمال قبش"، من أن يكوناً شخصاً واحداً يمثل الشخصية التي يمتد عمرها على طول العمل، ولا يمكن للمتلقي أن يمايز بين الممثلين في أداء القسم الخاص بكل منهما من عمر الشخصية، وبرغم جرأة المخرج في الذهاب نحو إنتاج مشاهد لـ "القبلة"، التي غابت حتى عن نصوص السينما السورية بفعل الرقابة، إلا أنه في أول قبلة والتي ظهرت في الحلقة السادسة من العمل، ذهب نحو سترها بـ "الملاية"، ليجعلها متخيلة أكثر مما هي محسوسة، ولعل ذلك يعكس نوعاً من خشية المخرج من "القصقصة الرقابية"، التي نالت من أعماله السابقة، إلا أن توظيفه لـ "الشتائم"، جاء مدروساً بدقة وغير مجاني، الأمر الذي يذكر بشعرية "مظفر النواب"، التي استخدمت اللفظ النابي، وحين سأل عن الأمر رد شعراً بقوله : "اغفروا لي حزني وخمري وغضبي وكلماتي القاسية, بعضكم سيقول بذيئة، لا بأس .. أروني موقفا أكثر بذاءة مما نحن فيه"
الإدهاش البصري خلال الحلقات الثماني التي عرضت من النص، تقوم على حرفية عالية في الديكور والإضاءة والاشتغال على أداء الممثل دون ترك أي تفصيل لـ "الصدفة"، أو احتمالية "الخطأ، كما إن شارة العمل التي تمهد المتلقي للدخول في مرحلة ستينات القرن الماضي بكل تعقيداتها وصراعاتها العسكرية والسياسية، وعلى الرغم من جمالية فكرة الشارة إلا الألوان التي اختيرت لكتابة اسماء فريق العمل مزعجة لنظر المتلقي، وربما الخطأ الوحيد الذي وقع فيه المسلسل إلى الآن هو إسقاط اسم "دريد لحام"، من الشارة التي أعدت من قبل القناة العارضة.
يبقى للمتلقي أن ينتظر بقية العمل الذي ما زال يعكف "محمد عبد العزيز"، على تصويره مع العلم إنه وللآن لم يضع نهاية لمسلسله، فهل من الممكن أن تكون "مريمار"، التي تجسد شخصيتها "سلاف فواخرجي"، حية ولم تمت..؟، سؤال لا ينتقص من أهمية العمل الذي يعيد لـ "الدراما السورية"، ألقها وقدرتها على المنافسة بعيداً عن "عنتريات الحارة"، وارتجالات تصوير مرحلة الستينات وما قبلها من قبل صناع "الدراما التجارية".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني