مرفأ بيروت... خسارة 15 مليار دولار وتغيير خارطة أزمة لبنان..

مرفأ بيروت... خسارة 15 مليار دولار وتغيير خارطة أزمة لبنان..

عشتار محمود  

لا يوجد تقديرات دقيقة حتى الآن حول حجم الخسائر الاقتصادية اللبنانية جراء الانفجار الهائل الذي شهده بيروت البارحة بتاريخ 4-8-2020...
الكارثة التي لم يتم استيعاب خسائرها البشرية حتى الآن، سيكون من الصعب الوصول إلى إحصاء دقيق لخسائرها الاقتصادية، ولكن تقديرات لمحافظ بيروت أوصلت الرقم إلى ما بين 10-15 مليار دولار.
يأتي ضمنها كلف مرافق ومنشآت المرفأ، عدا عن مجموع البضائع والمستودعات والمخزونات الموجودة فيه وهو الذي يورّد عبره 70% من مستوردات لبنان، وبمتوسط عدد المستوعبات المفرّغة في المرفأ 23 ألف مستوعب شهرياً. وإيرادات المرفأ التي بلغت 200 مليون دولار في عام 2019، إضافة إلى الخسائر اليومية من توقف الإيرادات الجمركية من المرفأ.
 الخسائر لا تقتصر على المرفأ، فحجم الدمار العمراني كبير والإشارة التي أعطاها محافظ لبنان بتصريحه بأن 300 ألف شخص أصبحوا بلا مأوى تشير إلى حجم الدمار الواسع في الأبنية السكنية وحجم تكاليف الإغاثة المطلوبة، إضافة إلى دمار في مرافق حيوية أخرى محيطة بالمرفأ مثل مستودع الأدوية المستعصية المتضرر بنسبة 90%، ومشافٍ ومراكز تجارية، وكما أشارت التصريحات بأن ما يقارب نصف مركز مدينة بيروت الإداري تعرّض لأثر الانفجار بمستويات متفاوتة، ولكنها بمجموعها منطقة تحتاج للتأهيل.
يأتي كل هذا في ظل الوضع اللبناني الذي كانت كل التقديرات الاقتصادية تقول إنه ذاهب إلى مزيد من التصعيد مع عدم قبول منظومة المصارف اللبنانية بتحمل الخسائر، وتهريب النخب السياسية لأكثر من 6 مليار دولار، واحتجاز أموال المودعين، وتأثير العقوبات والتشديد الأمريكي على لبنان بحيث توقف تدفق الدولار... ومجمل العوامل التي كانت تدفع الليرة اللبنانية نحو الانهيار. وهو وضع أوصل نسبة الفقر في لبنان إلى 50% تقريباً وفق تقديرات دولية خلال فترة قصيرة، بينما اليوم يصعب الوصول إلى تقدير فعلي لتوسع الفقر، ولكن الدولة اللبنانية التي كانت في أوضاع مالية قريبة من الإفلاس، أصبحت اليوم دولة على شفى الإفلاس وفي مواجهة نكبة اجتماعية!
قبل الكارثة كانت مفاوضات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي تسعى للوصول إلى تمويل 2 مليار دولار! ومقابلها وصلت بعض الطروحات إلى إنشاء صندوق يتم فيه خصخصة مجموع ما تبقى من أملاك الدولة اللبنانية... واليوم مع الحاجة إلى 15 مليار دولار بالتقديرات الأولية فإن هذا الطرح سيتوسع، وستدعمه المصارف وصندوق النقد الذي أعلن أنه سيساعد لبنان في كارثته بعد أن يتم وضع خطة!
ولكن بالمقابل فإن الطروحات الأخرى لانتشال لبنان من أزمته والآتية من الشرق سيكون من الجنون رفضها اليوم، في ظل الوضع الاقتصادي اللبناني المعقد، طروحات تم رفضها سابقاً تحت الضغط الأمريكي مثل استيراد المحروقات من إيران بالليرة اللبنانية، والاتفاق مع الصين على الاستثمار في البنى التحتية الصينية بعقود bot، وفتح العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سورية ولبنان ليستطيع البلدان تجاوز العقوبات والأزمات الاقتصادية بفعالية أعلى. 
سيحصل لبنان على القليل من المساعدات الدولية، ولكن الكارثة الاقتصادية مستدامة وتحتاج لحلول جذرية، الولايات المتحدة وصندوق النقد اللذان يفاوضان لبنان دون تقديم أي ضمانات جدية لن تكون نهاية السير في طريقهما سوى المزيد من تهشيم الدولة اللبنانية ومنع بنائها وإعادة إعمارها (وهي التي لم يتم إعمارها حتى بعد الحرب فنموذج الإعمار الحريري أوصل لبنان إلى دولة لا تستطيع أن تؤمن كهرباء مستدامة أو خدمات بلدية لبضعة ملايين)... وعلى الضفة الأخرى التغيرات الدولية تفتح فرصاً للبنان للخروج من عقود من الدمار، وسيكون رفضها في الظرف الحالي صعباً! فلا أحد لديه القدرة على إعادة إحياء مرفأ بيروت بفترات قياسية وبتمويل استثماري هام... سوى الصين، ولن يقدم أحد مساعدات جدية للبنان تعادل الوفر الذي يحققه تأمين الطاقة بالعملة المحلية كما في العرض الإيراني.
بينما يلملم لبنان جراحه ويعدّ شهداء بيروت، فإن الكواليس السياسية والاقتصادية تتفاعل لخارطة النهوض من الكارثة ويدخل إلى المشهد الاقتصادي معطى هائل يغير المعادلات التي ستتوضح في الأجل القريب...

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني