تركيا..و...العرب...!..

تركيا..و...العرب...!..

انتهت الحرب العالمية الأولى 1914-1918 بسقوط ثلاث امبراطوريات: الروسية، والمجرية النمساوية، والعثمانية.
على أطلال الإمبراطورية العثمانية تأسست تركيا الحديثة، بزعامة كمال اتاتورك، وذلك بتوافق الدول الكبرى المنتصرة في هذه الحرب، وخاصةً بريطانيا وفرنسا، ووقعت الدولة التركية اتفاقية لوزان. حيث أدت إلى خسارة تركيا أراضي امبراطوريتها الشاسعة حول العالم، بما فيها المنطقة العربية.
تحررت الشعوب من النير العثماني وسعت إلى تأسيس دولها الوطنية، وسرعان ما تم وضع هذه الشعوب تحت انتداب الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى فرنسا وبريطانيا..!!..
العقل القومي الشوفيني التركي كان يعتبر أن على تركيا أن تستعيد ما خسرته من أراضٍ في اتفاقية لوزان. والتي قاربت مدتها على الانتهاء- تنتهي صلاحية الإتفاقية في عام 2023- هذا يفسر انجراف نظام أردوغان للتدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للدول العربية، بنظرة سريعة على الخارطة السياسية للمنطقة يتضح حجم التمدد التركي، فقد أصبح الجيش التركي متواجدًا في كلٍ من سوريا والعراق وليبيا، وله قاعدة عسكرية كبيرة في الخليج العربي ( قطر)، وتركيا أصبحت موجودة سياسيًا من خلال الإخوان المسلمين في المغرب، وتحاول نسف الإستقرار في تونس من خلال حزب النهضة الإخواني.. وهي على علاقة حميمية مع حماس في غزة، وتدير الإرهاب المسلح ضد الدولة المصرية، ولها أذرعها في لبنان والسودان.. !!!..
إن الإيديولوجيا الإخوانية التي يعتمدها أردوغان لبعث الإمبراطورية التركية، هي الإيديولوجيا الدينية نفسها التي شكلت الغطاء الفكري للإمبراطورية العثمانية، وأمنت القداسة لسلاطينها على امتداد أكثر من أربعة قرون.. وعليه فإن النشاط الجيوسياسي الذي يقوم به النظام التركي بزعامة أردوغان يتعدى أسوار حلف الأطلسي الذي يضم تركيا في عضويته، ويتعدى الخارطة السياسية للشرق الأوسط التي رسمتها الدول الكبرى بعيد الحرب العالمية الثانية. رغم أن الإتحاد الأوروپي يعتبر نفسه مع بريطانيا وأميركا أصحاب الإرث السياسي لهذه الخارطة التي أرّخت لإنتهاء حقبة الإستعمار الأوروبي للدول العربية، ووضعت تركيا تحت وصاية الجيش التركي الحليف التاريخي للغرب.
لقد أضعف أردوغان سطوة الجيش- الحامي التقليدي للعلمانية في تركيا منذ عصر كما أتاتورك-على القرار السياسي، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وأصبح اليوم يحتكر السلطة المطلقة في الدولة، وفي سياسته الخارجية يلعب على التناقض بين العملاقين الروسي والأميركي من أجل تسويق سياسته الإمبراطورية.
تأسيسًا على ماتقدم نستنتج أن القوات التركية لم تدخل إلى أراضٍ عربية أو تسعى اليوم للدخول إلى أراضٍ جديدة كي تخرج من هذه الأراضي غدًا. فضمن اختلال موازين القوى في الشرق الأوسط والذي يميل بشكل حاد ضد الدول العربية والأمن القومي العربي، نرى أن الإحتلال التركي للأراضي العربية والتدخل السافر في شؤون الدول العربية ليس أقل خطرًا من الإحتلال الإستيطاني الإسرائيلي، وقد يتفوق عليه في خطورته..!!..
إن تقهقر الدول العربية وخصوماتها لبعضها، بل وتناحرها مع بعضها، كل ذلك أدى إلى انتشار حالة خطيرة من الوهن والضعف في المنطقة العربية، هذا الضعف الذي شكل دعوة للآخرين كي يسيطروا على دول المنطقة، وشكل عامل جذب لتركيا وغيرها من الدول الأجنبية من أجل أن تشبع أطماعها في نهش الجغرافيا العربية، هذه الجغرافيا المرشحة للتتحول إلى شظايا دول، بعد أن تحولت في معظمها إلى ركام...!!..
إن المناخ الذي يسود المنطقة العربية يذكرنا بدول الطوائف الأندلسية في أواخر العصر العربي في إسبانيا. وكما قال ماركس:
"التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى على شكل مأساة وفي المرة الثانية على شكل مهزلة" 
إن الطريق الوحيد لما يسمى بالدول العربية   لتجنب المأساة..، وللحفاظ على ماتبقى من سيادتها وسلامة أراضيها، هو أن تعلن هذه الدول القطيعة مع أحداث ماسمي تزييفاً بالربيع العربي، وأن تنبذ خلافاتها، وتعود إلى شعوبها لمشاركتها باتخاذ القرار ، وأن تسعى لاحياء تضامنها أمام الخطر التركي الذي يطرق أبواب الجميع دون استثناء .
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني