المنتجون ليسوا أعداء الوطن

المنتجون ليسوا أعداء الوطن

يأتيك العجب وأنت تتابع ماتقوم به الحكومة عندما تتجاهل المنتجين الذين لديهم عصا موسى السحرية لدعم الوضع الاقتصادي.

من الفلاح الذي يزوّد الدولة بما تحتاجه من منتجات غذائية في غاية الأهمية لوقف نزيف الاستيراد وتوفير المادة الغذائية إلى الصناعي الذي يوفر المنتج والسلعة الجاهزة واجتذاب العملة الصعبة التي نحن  بأمس الحاجة إليها.
يكاد لا يمر يوم إلا ونسمع شكوى من هؤلاء المنتجين الذين يقفون في صف الحكومة ولكنها لا تبادلهم نظرة الشراكة. بل تعاملهم معاملة زوجة الأب.
الصناعيون يعانون من سياسة الحكومة التي تعمل جابي ضرائب على حساب السلعة المنتجة. وفي الوقت الذي تبحث الحكومة عن توفير العملة الأجنبية إلا أنها تضّيق على المنتج المحلي المعد للتصدير .
الزراعة التي تركض الحكومة اليوم لإنعاشها وإسعافها قبل قانون قيصر دخلت مرحلة الموت، والزراعات الاستراتيجية التي اعتمدت الدولة عليها وشجعتها فيما مضى قتلتها الحكومات المتعاقبة، بالإهمال وعدم تقدير قيمة الجهد الذي يبذله الفلاح، أعرف شخصياً ممن يحيطون بي وأعلم كيف تركوا أرضهم بوراً وسلّمو بشراء ما يفترض أنهم ينتجونه لأن قيمة المنتج الزراعي تحديداً الذي تشتريه الحكومة لايعادل كلف الزراعة، فلماذا يتعب الفلاح ويتعذب ويصرف ما في جيبه أو يستدين.  

نُسفت زراعات استراتيجية أو تقلصت إلى الحد الأدنى، ماتت زراعة الشوندر التي كانت سنداً لآلاف المواطنين بينما تجاهد الحكومة لاستيراد السكر والمواد الأولية التي توفرها هذه الزراعة. وتراجعت زراعة التبغ والقمح، (مؤخراً رفعت الحكومة سعر شراء القمح ولكنه ظل أقل من أسعار موسم العام الماضي مع هبوط قيمة الليرة)، من البديهي أن أي سعر تعطيه الحكومي للفلاحين سيكون أقل وأقل بما لايقاس من السعر الذي تدفعه لشراء القمح وغيره من الخارج بالعملة الصعبة وفي ظل ظروف الحصار، أيضاً ماتت زراعة الحمضيات، التي من المفترض أنها زراعة مربحة، تخيلو أن مواطنا يملك مزرعة ليمون وبرتقال يترك موسمه على الشجر كل سنة لأن كلف تسويقه وزراعته أكبر بكثير من عائده. في أي مريخ يحدث ذلك. أليس غريباً أليس عجيباً، أن نشتري كيلو الليمون بـ 2500 ليرة بينما تموت ثمار المزارع أمام عينيه، سنوات طويلة ولم تحل هذه المشكلة، ليقل لنا أحد كيف يمكن أن يحدث ذلك؟

الصناعة الدوائية تموت
من جهة أخرى وفي مجال آخر تُضيّق الحكومة على الصناعات الدوائية وتعالج واقعها بطريقة تقتل هذه الصناعة وتحاصرها والنتيجة نفتقد الدواء المحلي في الأسواق، وتُسرِّح مصانع الدواء موظفيها وعمالها، ويتركون لمصيرهم المجهول، إذا كانت الحكومة لاتستطيع وضع خطة لاحتواء مشكلة الدواء فلتترك السوق يقول كلمته، المهم أن يتوفر الدواء. ولكن كالعادة يأتي التدخل الحكومي ليزيد المشكلة تعقيداً وخطورة، حتى أصبحنا نحسب ألف حساب لأي إجراء أو قرار حكومي.   
حال الصناعات الأخرى لا يقل مأساوية عن حال صناعة الدواء، ففي لقاءات عديدة مع صناعيين اشتكوا لنا وشرحوا كيف يعاملون وبأي عدم مسؤولية، وكيف وصل بهم الأمر إلى حد الإفلاس وإغلاق مصانعهم، وكيف كانت مصانعهم عرضة لغزوات الجمارك، التي تركت ضبط الحدود وهذه هي مهمتها الأساسية ونزلت إلى المصانع والورش ومحلات بيع التجزئة، أي رسالة تريد الحكومة إيصالها عندما تموت الورش  الصغيرة والحل واضح قروش قليلة لدعم المنتج الصغير. أو على الأقل إعفاءه من الضريبة وتركه يعمل على باب الله.
وعدت الحكومة أمس أنها ستدعم الزراعة وستعمل على استغلال إمكانات البلد الزراعية وستعود لاستثمار ملكيتها الزراعية وتدعم المنتجين الصغار، أمر نؤيده ولكن كيف استفاقت الحكومة فجأة قبل قانون قيصر بأيام وقررت دعم الزراعة، لماذا لم تبادر قبل ذلك بكثير ولماذا تهمل الزراعة أصلاً ولماذا تنسى الحكومة ملكيتها الزراعية؟
مانخشاه أن تكون فزعة الحكومة مؤقتة وتنسى وعودها أو تكلف لجان عديمة الفاعلية تكون سبباً في نشوء مشاكل ومعوقات جديدة وتفتح أبواباً للفساد.  
كلنا ندعم الحكومة ونتمنى أن تكون مع نفسها، فماذا نريد سوى أن يكون الوطن آمنا سليماً لا يهمه حصار جائر ولا عدو غادر.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر