المواطن والمصير المجهول

المواطن والمصير المجهول

أحدثت جائحة كورونا صدمة عالمية على صعيد الدول والأفراد، وكانت بمثابة الكاشف الذي أظهر عيوب البشر ونقاط ضعفهم، كما وهو الأهم، طرحت سؤالاً وجودياً حول قيمة مايفعلونه.
فيما يعنينا محلياً كشفت الجائحة ضعف استجابتنا كحكومة ومؤسسات ومجتمع مدني وأفراد، فلا الحكومة بهيئاتها المعنية كانت نداً للمشكلة ولا القطاع الخاص ولا جهات أخرى تمثل المجتمع المدني.
ومازاد حيرة المواطن صدور القرارات الأخيرة بفتح الأسواق وتخفيف القيود على الحركة التي جاءت بمثابة خطوة في المجهول، لأنها لم تترافق مع إجراءات مرافقة أو وضع ضوابط لتقييد التجمعات العامة، ولم نلحظ فرض ارتداء كمامات أو إجراءات احترازية على الرغم من تزايد عدد الإصابات مؤخراً، وجاءت القرار إشارة خاطئة، للمواطنين الذين أصبح لسان حالهم  يقول لماذا تُركنا لمصيرنا اليوم؟ ولماذا تم حجرنا كل الفترة الماضية عندما كانت الإصابات أقل عدداً؟ ولماذا لم تبادر الجهات المعنية إلى توضيح حقيقة الإصابات الأخيرة وكيف حدثت، وماهو مصير من لم يصب حتى الآن؟ خاصة وأن الذين يتواصلون مع مراكز الحجر يتواصلون مع عموم المجتمع بعد انتهاء أعمالهم اليومية.

 لماذا لا يتم الإعلان بشفافية عن حقيقة مايحدث في مراكز الحجر؟

 

دور غير مسؤول للقطاع الخاص
أوضحت الازمة المستمرة في سورية منذ بدايات الحرب وحتى اليوم أن القطاع الخاص لا يهمه سوى الاستفادة ومراكمة الثروة، في العادة وعندما لاتستطيع الحكومة القيام بكل أعباء كارثة مثل تلك التي نمر بها تبادر جهات الفعل العام للتدخل والمساهمة في أي جهد ممكن لتخفيف الأثر السيء، خاصة على الشرائح الاجتماعية الأقل تحملاً والأكثر انكشافاً. على الأقل عبر مبادرات تدعم المحيط الاجتماعي القريب. وتخفف من حالة العوز التي عمّت على فئات واسعة من المجتمع.

ولكن دور رجال الأعمال والتجار جاء مخيباً وتم استغلال ظروف الأزمة بزيادة الأسعار لتحقيق أرباح أعلى. ولم نجد تدخلاً ذو قيمة يمثل معنى المسؤولية الاجتماعية، ولم نجد مبادرات أهلية ذات قيمة أو فعالية. على العكس فقد كانت جهات القطاع الخاص من رجال أعمال وتجار سبباً في تفاقم الأزمة وزيادة مفاعيلها السلبية فقد وقف التاجر ورجل الأعمال خصمان للدولة والمواطن من خلال الاحتكار والتدخل السلبي في أسواق السلع وفي المساهمة بتراجع القوة الشرائية لليرة بسبب المضاربات وتهريب العملة خارج البلد. مما دفع بسعر الليرة للوصول إلى أرقام قياسية، فاقمت من الوضع المعاشي للمواطن وصعّبت على الحكومة تقديم الحلول الأكثر كفاءة.

لانريد التعميم هنا فلا يخلو الأمر من مساهمات إيجابية ومميزة للبعض، خاصة ممن لم يعلنوا عن أنفسهم، ولكنها لم تأخذ بعداً جماعياً يعتد به. على العكس لاحظنا زيادات لأسعار السلع مما دفع الجهات المعنية للتدخل وإغلاق مستودعات ومصادرة بضاعة.

على الصعيد الحكومي بدا الفريق المكلف تائهاً وقليل الفائدة والخبرة في مواجهة الكوارث وابتكار حلول اقتصادية واجتماعية في إدارة الأزمة.
لم نجد نجاحاً واحداً يعتد به واقعياً في مواجهة ما يحدث، سوى بعض القرارات التي لم تسمن أوتغني، على العكس فقد كانت القرارات الحكومية على الصعيد المعيشي وتأمين أدنى احتياجات المواطن في غاية الفشل بدءً من توفير الخبز إلى توفير أي سلعة ضرورية.

لن نقلل من حدة الهجمة الخارجية على سورية ولن نقلل من حالة الحصار أو حالة الحرب المستمرة، ولكن كان من الممكن إدارة الأزمة بخسائر أقل وبمستوى أقل ضرراً. ولكن عدم وجود فريق حكومي فعّال وخبير وعدم التعاون من قبل القطاع الخاص والتجار دفع بالوضع المعيشي إلى أدنى درجاته.


وللأسف فقد جاء طلب الحكومة العون من فريق اقتصادي خبير لمواجهة ما يحدث ومواجهة قانون قيصر الذي اقترب وقته، متأخرا وشبيهاً برفع العتب، لأن طلب المساعدة يتطلب وضع خطة عمل مدروسة وإعطاء صلاحيات مفتوحة بتجاوز روتين التشريعات والقوانين، ووضع جهة تنفيذية بصلاحيات قادرة على التصرف الفوري.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر