ماذا فعلت الشركات الروسية في سورية؟

ماذا فعلت الشركات الروسية في سورية؟

 يتزايد الحديث عن العلاقات السورية الروسية التي أصبحت مثار جدل في الشارع السوري وبين نخبه مؤخراً، وبغض النظر عن ضبابية وشح الاخبار الحقيقة والخلط بين الشائعات والحقيقة، إلا أن هناك ملاحظات لابد من ذكرها عند الحديث عن العلاقات السورية الروسية. 
لسنا مع أوهام من يتحدث عن سوء كبير من عدمه في العلاقات السورية الروسية، فالمصلحة والعلاقات الاستراتيجية هي من يقود هذه العلاقات، ولكن في الطريق إلى تحقيق هذه المصلحة الاستراتيجية هناك العديد من التفاصيل التي يمكن أن تشوّش على مسيرة هذه العلاقة وعلى سمعة روسيا في سورية والعكس. 
منذ بدايات التدخل الروسي في 2015 كان واضحاً أن هذا التدخل ستكون له آثار واسعة على المنطقة . ومنذ البداية وجدت روسيا نفسها في مواجهة العديد من المتدخلين في الحرب التي دخلت طرفا فيها. ولاشك أن روسيا واجهت الكثير من المصاعب والخسارات في إدارتها لحملة تدخلها في سورية، ولكن بالمقابل كان للحليف الروسي الكثير مما أخذه مقابل وقفته القوية والحاسمة 
الأخذ والعطاء سمة تميز التدخل الروسي في سورية وهذا أمر طبيعي في عالم السياسة ولكن على تعقيد هذا الموضوع وتداخل مساراته وخساراته وربحه، والتباينات المرحلية فيه فقد وصل إلى مرحلة  جردة الحساب بعد أن نجح هذا التدخل إلى حد كبير في بسط سيطرة الدولة السورية على مساحات واسعة من الأرض، وبدا مايمكن القول أنه استحقاقات مطلوبة من الطرفين الحليفين،
إعادة الاعمار والحل السياسي هما القضيتان المركزيتان اليوم للوصول بالوضع السوري إلى بر الأمان.
ولأن الحل السياسي دونه مادونه من تفاصيل وتدخل دولي وإقليمي، دعونا نقرأ في موضوع اعادة الاعمار ومساهمة ودور الشركات الروسية في ذلك.
 نحن نشجع الشركات الروسية على الاستثمار في سورية ولها أولوية في الاستثمار ولكن بشرط تقديم قيمة مضافة لا أن تكون عالة أوعبء على الاقتصاد السوري وعلى مستثمريه والمنتظر أن تسهم بتطوره وزيادة انتاجيته.
 بما أن روسيا هي الدولة الأولى التي يمكن أن تعطى ماتشاء ربما في موضوع أعادة الاعمار إلا أنها وحسب الكثير من المراقبين والوقائع على الأرض لم تظهر جدية كافية لدفع مساهمتها بإعادة الاعمار إلى آخرها، خاصة وأنها تسيطر على العديد من الملفات في هذا المجال أهمها قطاع النفط والغاز، وتملك العديد من الشركات وتدير العديد من المرافق الاقتصادية وفي كلا الأمرين مين لم نجد نتائج تذكر ولانجاحاً أو نموذجاً يبعث على تشجيع الآخرين ممن يرغبون بالمشاركة، ولم نجد أي نماذج مقنعة أو ناجحة على الأرض. 
إلى اليوم لم نجد مشاريع منتجة في مجال النفط والغاز، تسهم في ترميم خسائر الحرب على الدولة السورية وتعطي روسيا تعويضاً عن مساهمتها في هذه الحرب، وللحقيقة ربما أعطت روسيا أكثر مما أخذته في سورية، وهي إلى اليوم لم تفعل شيئاً يذكر بعد مرور العديد من السنوات، 
مما يجعل هذه الثروة بعيدة عن متناول السوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها. 
على صعيد آخر فإن الشركات الروسية التي دخلت للاستثمار في سورية لم تعط السوريين مثالاً إيجابياً كما هو الحال في منصات الغاز ومعامل الفوسفات وصناعة الاسمدة وإدارة ميناء طرطوس، بالإضافة طبعا للعديد من المشاريع السياحية الموعودة التي تنفذ بالشراكة مع الشركات الروسية. 
 هناك العديد من الملاحظات التي يمكن الحديث عنها في موضوع إدارة الشركات الروسية في سورية، حيث كان من المفترض أن تتحسن القطاعات التي دخلت إليها الشركات الروسية 
وتقطع أشواطاً سريعة في عملها، ولكن لم يحدث ذلك وكما يبدو فإن شبهة الفساد وسوء الإدارة تفوح من هذه الشركات، مما أدى إلى تراجع أدائها وتخبطاً في طريقة الانتاج والتسويق، كما هو الحال في موضوع استخراج الفوسفات ومصانع الأسمدة، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة في سورية إلى الحد الذي أثر على وضع الزراعة السورية التي تعتمد على هذه الصناعة بشكل كبير، وبدلاً من أن نلحظ توفراً للمادة في الأسواق بأسعار مناسبة كما كان الأمر قبل الحرب عندما كانت الدولة تدير هذه الشركات، وجدنا تراجعاً في توفر المادة وغلاء في أسعارها، مما أثر سلباً على المواسم الزراعية وتراجعاً للمنتجات في الأسواق المحلية وغلاء أسعارها، وهذا انعكس بشكل سلبي على الحياة اليومية للمواطنين. 
أيضا في موضوع إدارة المرفأ هناك الكثير من الملاحظات والمشاكل التي تسببت بها الإدارة الجديدة أولها البطء في تطوير المرفأ ليكون أكثر فعالية في دعم عمليات الاستيراد والتصدير، فقد وعد الجانب الروسي استثمار 500 مليون دولار في تطوير المرفأ وكان من المفترض ظهور ذلك على أداء المرفأ وشفافية حركته وتحسن عمله، إلا أن الوضع يتطور ببطيء، وتتردد أحاديث عن شبهات فساد وتقصير في الانجازالسريع المتوقع وهذا لايتوافق مع امكانات روسيا كدولة كبرى، كما تراجع أداء الشركة في إدارة الموارد البشرية وبدلاً من تحسن أوضاع العاملين في المرفأ ساءت أوضاعهم، وضاعت حقوق بعضهم، ويبدو أن الشركة الروسية وشركائها السوريين لم يلتزموا بتعهداتهم . بل وتنصلوا من مسؤولياتهم في هذا المجال. 
هناك من يتهم الشركات الروسية بتعظيم حالة الفساد بدلاً من ضبط الإيرادات والنفقات، وتميل لتعظيم أرباح الشركة  المستثمرة على حساب الدولة. وهكذا وبدلاً من أن تكون الشركات الروسية عوناً في إعطاء نموذجاً جديداً وناجحاً وشفافاً للاستثمار بشكله الحديث ومناسباً لإعادة الاعمار نخشى أن يكون الأمر على عكس ذلك، وليترحم الناس على شركات الدولة وسيرها الناجحة.
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر