دفاتر الدولة القديمة... والجديدة!

دفاتر الدولة القديمة... والجديدة!

صحيح أن فتح الدفاتر القديمة يضمن استعادة الخزينة العامة لمليارات الليرات المنهوبة، لكن ذلك في المقابل يفتح ملفاً آخر  ربما يتجاوز في أهميته المليارات العائدة.

هذا الملف يتعلق بالأداء العام لمؤسسات الدولة، وما يعتريه من ثغرات ونقاط ضعف سمحت بضياع وهدر مليارات الليرات من المال العام، فإلى جانب المليارات المكتشفة في قطاعات التربية والاتصالات وغيرها... هناك مليارات أخرى لاتزال تنتظر من يكشف النقاب عنها!
إذ لو كان ذلك الأداء تحكمه معايير المساءلة والشفافية والنزاهة، لما كانت خزينة الدولة فقدت على مدار سنوات مئات المليارات من الليرات، ولما تجرأ البعض على المال العام تحت أي عنوان.
والمقصود هنا بالأداء طريقة إدارة استثمارات الدولة وتحصيل حقوقها المالية المفروضة بموجب القانون كالضرائب والرسوم، أو نتيجة الشراكات الاستثمارية مع القطاع الخاص كالعقود بمختلف أشكالها وغاياتها وأهدافها.
لذلك، ومقابل الاستمرار الحكومي بفتح الدفاتر القديمة والجديدة في ضوء التوقعات بوجود مليارات أخرى لاتزال منهوبة، فإنه من الضروري أن يعاد النظر بأداء المؤسسات المعنية بالملفات المثارة لجهة آليات عملها، كفاءة المسؤولين عنها ونزاهتهم، والنتائج السنوية المحققة.
فمثلاً فيما يتعلق بآليات العمل ... هناك حاجة لنشر كل البيانات المتعلقة بالمناقصات والعقود التي تجريها المؤسسات العامة، بحيث تكون متاحة أمام الرأي العام ليشارك في تقييمها، ملاءمتها لمصلحة المؤسسة المعنية، ومدى تحقيقها لشرط المنافسة العادلة والشريفة.
كذلك من الضروري أن تلغي المؤسسات من قاموسها وجود شخصيات أو مؤسسات فوق القانون، أو أنهم أصحاب حظوة لسبب ما، فالكل سواسية، ومن يحقق مصلحة الدولة بشكل أفضل وأكثر جدوى يكون الشريك والزبون.
وهنا لابد لنا من الإشارة إلى ملاحظة هامة... فوجود "محابة" لشخصيات معينة أمر ليس بالجديد، ولو عدنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا أنه في كل مرحلة زمنية كانت هناك أسماء لها "حظوة" معينة في كل شئ، وتمكنت بفضل هذه "الحظوة" من مراكمة ثروات هائلة على حساب مصلحة مؤسسات الدولة!
كل ذلك ما كان ليحدث لولا وجود شخصيات في مواقع مختلفة من المسؤولية سهلت وشاركت وأحياناً قوننت خسارة الدولة لحقوقها ومصالحها، في ظل غياب أي شكل من أشكال المحاسبة الجادة التي ينص عليها القانون، إلا في حالات معينة.
واللافت في هذا السياق أن الرأي العام بات في الآونة الأخيرة أكثر اطلاعا وتداولاً لقصص فساد بعض المسؤولين بمختلف مستوياتهم الوظيفية، وهو ما يثير نقطتين هامتين...
 الأولى أن فساد هؤلاء وصل إلى مصالح المواطنين واحتياجاتهم المباشرة. وهذا يمثل أعلى درجات الخطر، التي يشكلها الفساد على بنية الدولة والمجتمع.
والثانية أن الرأي العام بتداوله لحالات معينة من فساد مسؤولين، فهو يرسل رسالة مفادها أنه ينتظر محاسبة هؤلاء بشكل حازم، وإلا فلا معنى لكل هذا الحديث الدائم عن النية بمكافحة الفساد...
ومع ذلك فإن ثقة المواطن تبقى بالدولة، التي وإن تأخرت فإنها ستعاود حكماً فتح جميع الدفاتر القديمة... والحديثة.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني