أين تُنفَق أموال كبرى الشركات الخاصة في سورية؟

أين تُنفَق أموال كبرى الشركات الخاصة في سورية؟

مادلين جليس
هناك الكثير من الاعتراضات على نمط الاستثمار الريعي غير المنتج الذي يمارسه بعض الاقتصاديين وأصحاب الأعمال في سورية، لدينا كم كبير من الشركات التي يغلب عليها الطابع الخدمي سريع الربح والذي لا يجري تدويره في مشاريع إنتاجية مستدامة لإغناء بيئة الاستثمار. والأسوأ أن هذه الشركات  تتفنن في عمليات التهرب الضريبي وحرمان الخزينة العامة من حقوقها.
قضية سيريتل وMTN  اللتان تصدرتا الأخبار مؤخراً خير مثال على حرمان الدولة من حقوقها، وضياع جزء كبير ومهم من الإمكانات الاقتصادية التي يمكن أن تسهم في ترميم الوضع الاقتصادي.

في هذا التحليل بعض الأرقام والبيانات التي توضح ضرورة إعادة هيكلة الشركات الكبيرة والاستثمارات الاستراتيجية. في وقت نحن بأمس الحاجة للعوائد في ظل حالة الحصار وظروف الحرب وتقلص الموارد التي عاشتها وتعيشها الدولة.

في التفاصيل، تشير بيانات التّقارير المالية في شركة الاتصالات الخليوية "سيرياتيل" أنّ المبالغ المنفقة كتعويضات لموظفي الإدارة الرئيسيين تتجاوز  ٩  مليار و ٢٠٠ مليون ليرة سورية لعام ٢٠١٨.
مع التّنويه أنّ تعويضات موظفي الإدارة الرئيسيين هي عبارة عن أتعاب إداريّة لشركتي "اس تي اس-اوف شور" و "اي تي اس ليمتد".
إضافة إلى وجود بند "سفر وإقامة وبريد" وكتلته المالية تتجاوز 3 مليار ليرة، 
وهنا السؤال الذي لابدّ وأن يخطر على بال كل من يقرأ هذه الأرقام:؟ هو ماذا يفعل موظفو الإدارة لقاء هذه الأجور المرتفعة؟


مبالغات
في التفاصيل أيضاً يوضح مجلس الإدارة ويتساءل إن كانت شركة "سيرياتيل قصّرت بدفع مستحقاتها الضريبية؟ والجواب نعم، فعندما تكون تعويضات أعضاء الإدارة الرئيسيين أكثر من مجمل رواتب الموظفين، وعندما تشكل هذه التعويضات رواتب ما يقارب ١٥٠٠٠ موظف، بالتأكيد قصرّت! فبهذه الحالة يتم تضخيم النّفقات لتتقلص الأرباح وهذا يؤدي إلى خفض الضّرائب، قد لا تكون الشركة هي المسؤول الوحيد لكن المحاسب القانوني يجب أ، لا يقبل بجميع النفقات ووزارة المالية عليهما التدقيق بالتّكليف الضريبي كما يجب أن يكون عليه التدقيق.
 ويتساءل أيضاً إن كانت الشركة قصّرت عن دفع مستحقّاتها للخزينة من خلال تقاسم العائدات مع الدّولة التي هي شريك بالنصف 
والسؤال الحقيقي هنا: كيف يمكن اعتبار  الدولة تقاسمه الربح 50% بينما العقد يقول أن نسبة الضرائب التي تجنيها هي  20% من الإيرادات، هل من المعقول اعتبار  دفع الضريبة مشاركة من الدولة للارباح؟ مع  أنّ الضريبة هي التزام وواجب على أي شركة، كما أنّها حق للدولة على كل من حقق أرباح فيها.
 
تغطية النفقات
أما من ناحية النّفقات والمصاريف فاعتبر مجلس الإدارة  أنّ الدّولة تفترض غير الرقم الذي يضعه، وبقراءة للبيانات المالية "المنشورة" للشركة ذاتها يتّضح أنّ مجموع ما تتقاضاها الإدارة العليا في عام واحد يصل إلى 9 مليارات ليرة سورية، وهذا في عام 2019.
وبمقارنة هذا الرقم مع الأجور والرواتب لموظفي القطاع العام والذي لا يتجاوز 50 ألف ليرة للموظف شهرياً نجد أن ما تقاضاه موظفو الإدارة الرئيسين "الذين لا يتجاوزون أصابع اليد" في سنة يعادل ما يتقاضاه ١٥ ألف موظف في سنة.
لو أجرينا مقارنة بسيطة بين رواتب الموظفين الذين تجاوز عددهم ٥٥٠٠ موظف كتلة رواتبهم تقارب ٦ مليار وبين وموظفي الإدارة الرئيسين، لأوضحت المقارنة أن أتعاب الإدارة تتجاوز ال 1,5 أي مرة ونصف من الرواتب.
كيف يتم استخدام الموظفين أداة لتغطية حجم النّفقات الضخمة التي تحصل عليها الإدارة، وهل من المعقول أن تكون نفقات السفر والإقامة تقارب 10 مليون ل. س يومياً (3 مليار ل. س) سنوياً.

الأرقام "حسب الاعتقاد

 أمأ عن حساب الضريبة فيوضح أن الشركة دفعت ضريبة كل سنة ما يقارب 10 مليار ليرة سورية وأنّها تفتخر بهذا الرقم !!

ماذا تعادل 10 مليار ل. س أمام أرباح 184 مليار ل. س أي أن الضريبة تعادل 5.4%، فقط في حين أنّ الموظف تصل الضريبة على راتبه 15%.
أما في السنة الماضية،  فقد دفعت الشركة 12 مليار ليرة ضريبة، ولكن في الحقيقة الضريبة بلغت 10.886 مليار ل.س عن عام 2018 " في في حين أن نفقات الإدارة العليا بلغت 9 مليار ل. س ونفقات السفر والانتقال 3,3 مليار ل.س؟"
 حتى لاتنهار الشركة تطالب الإدارة بجدولة الدفع، ومن أجل الحفاظ على حقوق المساهمين وهم في الحقيقة 6521 مساهم، ليست هنا المشكلة،  المشكلة والسؤال لماذا لم يتم توزع  الشركة الأرباح من قبل؟ هل يعقل أن يتم توزيع ربح 200 ل. س لسهم قيمته السّوقيّة 7206 والدفترية 5160 ل. س، وأن يكون نصيب السّهم من الأرباح 1742 ل. س ويحصل فقط على ٣٠٠ ل. س؟!!
يفترص أنّ هذه الأرباح إن لم توزع على المساهمين فيجب أن يعاد استثمارها، وتصرف على تطوير العمل أو على الأقل على تطوير الجيل الرابع والخامس.
هل يعقل أن الإدارة لا تملك أرقاماً دقيقة، وفي الحقيقة عندما تلتزم الشركات بتقديم التّكاليف الضريبية الصحيحة (دون تضخيم للنّفقات ودون تخفيض للإيرادات وتدفع ما عليها لخزينة الدولة، سيصل لكل حق حقه

دعم أسر الشهداء 
ولو حاولنا التمعّن في هذا العمل الإنساني الخيري ومقاربته مع برنامج دعم الشهداء الذي تقوم به الشركة نفسها، سنجد أنه لا يتجاوز ال ٥٠٧ مليون ليرة خلال العام 2018، بينما وصل إلى  ٣٦ مليون ليرة لغاية الربع الثالث من عام 2019، فهل الإدارة العليا تستحق الأموال الطائلة أكثر مما يستحقّها ذوو الشهداء، هل هذه هي المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها هذه الشركة؟
كما أنّ المصاريف الإدارية للشركة تبين أن التبرعات لحملة دعمة أسر الشهداء لم تتجاوز ٢٥٠ مليون ليرة سورية.
يذكر أن المعلومات المذكورة مسبقاً تنطبق على كبرى الشركات الخاصة في سورية، لكن الأرقام لا تجد طريقاً لمن يفنّدها ويدققها جيّداً.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني