قرارات وقوانين وخطط غير مسؤولة تغيّب حملة راية الاقتصاد الوطني

قرارات وقوانين وخطط غير مسؤولة تغيّب حملة راية الاقتصاد الوطني

اللاذقية-ميساء رزق
لطالما كان الهم الاقتصادي وتأمين الأمن الغذائي الأولوية الأهم لأية حكومة، وبوضع بلد كسورية تعيش الحرب والأزمات وجب السعي الجاد للحلول الإسعافية الفاعلة لردم الفجوات بين الواقع والمفروض.
لطالما كانت عامة الشعب السوري المحور والمتأثر الأكبر من هذه المشكلات وحاملها بامتياز، ولكن لنكن منصفين وجب علينا عدم تغييب فئة مهمة ومهمة جداً حملت اللوم بفعل فاعل وعن سبق إصرار وتصميم.وهذه الفئة هي التجار والصناعيين والمستوردين وحتى المزارعين (الحقيقيين وليس رجال أعمال الغفلة صنيعة الأزمة)حمَلة راية الاقتصاد ومشغلي الحياة المعيشية في البلد والذين اضطروا أن يتلقوا سهام الاتهامات والتداعيات التي خلفتها الكثير من الهنات والعثرات وعدم الدراية والحكمة من قبل الحكومات المتعاقبة والقائمين عليها بقراراتهم المستعجلة والغير مدروسة أو مسؤولة عن نتائج كانت كارثية على اقتصاد البلد ومعيشة المواطن السوري هذا الذي جربت عليه تلك الدراسات الفاشلة بجدارة.
ولوضع النقاط على الحروف وتبيان الحقيقة وجب تسليط الضوء على بعض المسائل التي يتشاركها جميع السوريين بكل تصنيفاتهم المادية والمعنوية وأهمها موجة الغلاء التي تفشت وأكلت الأخضر واليابس وطالت جيوب الجميع في ظل عجز حكومي للسيطرة عليها.
وبجردة سريعة دعونا نلقي نظرة على زيادة الأسعار التي ارتفعت لعشرات الأضعاف منذ ٢٠١١ وحتى الآن باضطراد متسارع جعل السيطرة عليها في "خبر كان"وكأن مسؤولينا "نائمين في العسل"وشعبهم يغرق بالوحل.

"الغذائية"أسعارها ككرة الثلج
أحدثت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كضامن لتأمين احتياجات السوق من المواد الأساسية والسيطرة على الفلتان بالأسعار والحفاظ على الأمن الغذائي للمواطنين وهي خطوة رائدة لو كانت اتخذت المنحى السليم بضوابط وقوانين وخطط حازمة لتكون لها الكلمة الفصل بتأمين المواد الأساسية والتسعير ومعاقبة المخلين بجدية، مع مراعاة العدل بآلية التسعير ووضعها وفق الأجور والمداخيل للمواطنين.
ولكن ما حدث كان مخالفاُ للمطلوب ومخيباً لاسمها بحماية المستهلك! حيث خرجت بمحاولات لقرارات هدفها ضبط السوق ولكن ما حصل كان مثاراً للتلاعب والقفز فوق تلك القرارات وزاد الطين بلة تسجيل فروقات غير مسبوقة بين الأسعار و القدرة الشرائية للمواطن في ظل تدني الأجور.
وبلمحة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال السنوات العشر الماضية والتي زادت لعشرات الأضعاف وأبسط الأمثلة نجد أن كيلو السكر كان ب٢٠ليرة ليصبح بحدود ٦٥٠ليرة،الرز ٤٠ليرة ليصبح ١٠٠٠ليرة،علبة المتة كانت٢٥ ليرة وحالياً١٠٠٠ليرة،وقس على ذلك وعلى مرأى من الجهات المعنية التي لم تحرك ساكناً لضبط هذا الارتفاع والحد منه،وكما ذكرنا كان لهم بعض محاولات للتدخل الإيجابي و"السريع"للضبط كإحداث السورية للتجارة التي لم ترق على أرض الواقع للطموحات المرجوة ورافقتها العثرات والضعف بالأداء.
"الزراعية"لا ضوابط
نعود ونكرر لنؤكد أن الأمن الغذائي ضرورة ملحة في أوقات الأزمات والحروب ومن الأولويات للاستمرار والصمود لذلك يجب أن يكون الهم الحكومي الأول والأساسي، وفي هذا المضمار دعونا نسأل:ماهي القوانين التي اتخذت لدعم الإنتاج الزراعي؟ وما هو الدعم الذي قدم للمزارع لزيادة إنتاجه من مستلزمات كالأسمدة والمبيدات والبذار ووو ؟كيف نطلب من المزارع ضبط أسعاره وتخفيضها وهو لم يلق الدعم والتسهيلات؟ فكل مدخلات إنتاجه بأسعار محررة وهو عليه تأمينها بطرقه الخاصة!فلماذا يلام إذا ارتفعت أسعار الخضار وبات كيلو البندورة ب١٠٠٠ليرة والحامض٣٢٠٠ليرة والثوم ٨٠٠٠ليرة وهو يشتري "شوال" السماد الواحد بسعر١٣٥٠٠ليرة وظرف البذاربسعر٧٥٠٠ليرة ناهيك عن المبيدات ووو.
وهنا نقع في الحيرة، من هو الظالم ومن المظلوم؟ فمن حق المزارع الربح وعدم الخسارة،كذلك من حق المستهلك الحصول على طعامه المحلي ضمن نطاق مدخوله،ليتبين مجدداً فشل الجهات المسؤولة بضبط الوضع وتقديم الخطط والتسهيلات التي تدعم الإنتاج الزراعي ووضع آليات للربح والخسارة حقيقية ومدروسة تماشياً مع الواقع المادي الفعلي لجميع شرائح المجتمع.
"الصناعية"وغياب الدعم الحكومي
أما فيما يتعلق بالقطاع الصناعي فالأمر مشابه لغيره حيث تعرض خلال السنوات العشر الماضية للكثير من الضرر جراء الحرب بالإضافة للغياب الفعلي للدعم الحكومي لتطوير وزيادة الإنتاج،ما سبب تراجعاً واضحاً وإحجاماً عن متابعة العمل أو الهجرة لخارج القطر، أفرز قلة إنتاج وبالتالي غلاء أسعار، والمسؤول هنا هو ذاته الذي لم يقدم الدعم الفعلي المطلوب لهذه الفئة الداعمة لاقتصاد البلد بتأمين متطلبات إنتاجه الأساسية وكمثال أصبحت قيمة الكيلوواط الساعي من الكهرباءبسعر٥٢ليرة بعد أن كان في ٢٠١٠ بسعر ٢،٥ليرة،ناهيك عن المحروقات والمواصلات والتصدير والاستيراد وووو.وهنا يجب أن لا تنسى الجهات المعنية أن هؤلاء المنتجين يبذلون الغالي والنفيس للبقاء على صناعاتهم ومعاملهم ومدخلات إنتاجهم بالأسعار الأكثر من حرة.
"الاستيراد والتصدير" في خبر كان
  لطالما كان الاستيراد والتصدير الحامل الأساسي لتحريك وتفعيل الحركة الاقتصادية في البلد،وتعرض هذا القطاع لأكبر خسارة خلال الفترة الماضية وكان المصدرون من الشرائح التي طالتها أذرع التقصير من قبل حكوماتنا المتعاقبة أيضاً حيث تم تحميلها أعباءً جمة في ظل دعم متواضع وإجراءات تعجيزية وضعت العصي في عجلات استمرارها ما دفعهم-المصدرين-إلى الإحجام والابتعاد عن ممارسة نشاطهم في ظل الحاجة الماسة لعملهم لرفد السوق بالمواد الضرورية تحت ضغوطات العقوبات الاقتصادية والارتفاع الجنوني لسعر الدولار،وتلك الجهات كالعادة تصم آذانها عن مطالباتهم بالدعم والتسهيلات بالرغم من أن كلفة التصدير حوالي ٤% من قيمة الفاتورة، ناهيك عن سعر صرف الدولار التأشيري الظالم الذي فرض عليهم بما يعادل أكثر من نصف سعره الحقيقي،وهنا طبعاً الخسارة لن تدفع للاستمرار بالعمل،والمحصلة فقدان المواد والسلع وارتفاع الأسعار هو الحاضر على الأرض،فالدعم الوهمي لا يعطي نتائج ملموسة كالعادة وبذلك بات الاستيراد والتصدير في خبر كان بفعل نفس الفاعل!
 التهريب و"سمعان مو هون"
يعد التهريب باب الغدر في خاصرة اقتصاد أي بلد وللحقيقة فإن أبوابه مشرعة على حدودنا و"على عينك يا تاجر"وفي الاتجاهين دخولاً وخروجاً في ظاهرة تعود وتركد فشل بعض الإدارات ومفاصلها وضلوعها بتردي الأداء والنتائج.
فالرسوم الجمركية التي تضاعفت والإجراءات المعقدة ومنع الاستيراد ضغط الحدود  فتح المجال أمام المعابر غير الشرعية للتهريب ما ضاعف الخلل في الأسواق بفقد المواد وبالتالي زيادة أسعارها فبات الاستيراد ممنوع والتهريب مباح والمسؤولين"سمعان مو هون"،والدليل اللجوء إليه شرعاً بتأمين مواد ضرورية بصفقات تحت الطاولة لمواد ضرورية تخلق في السوق بمصدر ممنوع ولكن بأسماء تجارية جديدة!
 الحلول "تُشلف شلف"
في ضوء ما سلف نجد أن الاتهامات تتقاذفها جميع الجهات المعنية بالأمر من مواطن يطلب المستحيل "على حد زعم حكومته" وتاجر ومنتج وصناعي ومستورد ووو يطلب التسهيلات والدعم لتسهيل عمله دون خسارة وبالمقلب الآخر حكومة بمسؤولين على مدى سنوات تجرب بقوانين وتشريعات وحلول مستوردة بعد نفاذ صلاحيتها لدرجة خرجت من يدها لوحة التحكم بالأسواق والأسعار وباتت تتخبط بحلول اسعافية "تُشلف شلف"وحبوب مخدرة مضروبة لم تعد تقنع مواطنيها.
بالعين المجردة نرى وزارات وجهات عامة وضعت لتضع الأمور في نصابها الحقيقي وتصويب الأمور الحياتية والمعيشية والاقتصادية للوطن والمواطن ولكن على أرض الواقع نرى عكس ذلك.
والمطلوب وضع سياسات وقوانين عادلة وموضوعية لطرفي المعادلة:المنتج والمستهلك والعمل والسهر الجاد لتطبيق هذه القوانين بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني بكل أطيافه،وهنا نرى أن الحل يجب أن يكون على مستوى دولة وليس بدوريات رقابة وتموين تستعرض أمام الملأ وتقبض في الخفاء فالظروف الاستثنائية بحاجة لحلول استثنائية.
* هامش: اعتذارات مسؤولينا الأفاضل مرفوضة، بعد تصريحاتهم الغير مسؤولة والتي تبرر الغلاء ونقص المواد وتشرع الممنوع و"تضربو بمنية أنو الأسعار عنا أرخص من عند الجيران" وتنتقص صبر مواطنيها وفقرهم وهنا نهمس لهم:"اعطونا رواتب تعادل دول الجوار واردموا الفجوة بين أسعاركم الخيالية ودخلنا الزهيد وسلموا من كان بها خبيرا.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني