مخاطر الوباء والمخاطر الاقتصادية لمواجهته!

مخاطر الوباء والمخاطر الاقتصادية لمواجهته!

يسجّل حتى ساعة كتابة هذا المقال 5 حالات فقط لفيروس كورونا في سورية، وقد تمّ تطبيق الحظر الجزئي وإيقاف المواصلات الجماعية العامة في كافة محافظات البلاد، ويتردد الحديث عن الحظر الشامل. وضمن معطيات البنية التحتية الصحية السورية، ومستوى الموارد العامة والكثافة السكانية في المدن الأساسية... يبدو أن الحجر سواء كان جزئياً أو كلياً هو الحل الأمثل، والذي تحوّل تأخيره إلى العامل الأساسي لاتساع انتشار كورونا في دول غنية ذات نظام صحي متطور مثل إيطاليا على سبيل المثال.
إن الحظر وإيقاف الحركة والنشاط طريق المواجهة الأساسي، ولكن آثاره الاقتصادية ومن ثم الاجتماعية خطيرة وستزداد امتداداتها السلبية كلما طالت المدّة. والآثار الأولى المباشرة أصابت الناس بهلع أيضاً حيث ارتفعت جملة أسعار المواد والسلع: مواد التنظيف والأدوية والمستلزمات الطبية، الخضار والفواكه وغيرها... بينما الليرة تفقد قيمتها في السوق.
السؤال الذي يصعب على الجميع التنبؤ بإجابته: ما الذي سيجري فيما لو تمّ تطبيق الحظر الشامل؟ من سيعيل أسر العاطلين عن العمل أساساً ممن يعملون يوماً بيوم؟ أو لا يعملون؟ وهؤلاء وفق الإحصائيات الرسمية كانوا مع أسرهم ما يقارب 2.6 مليون في عام 2017، بينما تقديرات أخرى تشير إلى أن عدد العاطلين عن العمل يقارب 1.67 مليون ويبلغ تعدادهم مع أسرهم ما يقارب 7 مليون... هؤلاء هم الشريحة الأضعف والأكثر هشاشة الذين يخرجون يومياً لكسب الرزق، والعمل بأعمال مياومة، وهؤلاء من يعمل أطفالهم في المحال والورش والمطاعم والمقاهي بأجر يومي والذين أصبح تأمين حاجاتهم الأساسي مسألة بالغة الصعوبة، بعد أن اتسع توقف النشاط الاقتصادي...
الفقر اليوم يكشف عن وجهه الحاد، ومستوى التدهور الاقتصادي كذلك الأمر... حالة الطوارئ ستجعل فقراء سورية ممنوعين حتى عن (السعي وراء الرزق)! وهذا يضع تحديات إنسانية كبرى لن تكفي المبادرات المحلية والتكافل الاجتماعي لسدّها. بل تحتاج إلى جهاز دولة ضخم وقادر على إدارة الأزمات... الأمر الذي لا يبشر خيراً في الظرف السوري.
حتى الآن الاستجابة الحكومية العملية أخذت شكل الإجراءات الصحية العامة، تحديد مراكز حجر، حملات تعقيم، وتواصل دبلوماسي مع الجهات والأطراف الدولية التي يمكن أن تشكّل دعماً. بالإضافة إلى الإعلان عن تخصيص 100 مليار ليرة لمواجهة الأزمة، لم يتضح كيف سيتم إنفاقها، وهي ما يقارب 140 مليون دولار اليوم بأفضل الأحوال ويمكن القول إن هذا المبلغ قليل قياساً بحجم النواقص، إذ يمكن لـ 140 مليون دولار أن تتحول إلى ما يقارب 1400 جهاز تنفس اصطناعي قد تكون كافية فيما لو حصل الانتشار... ولكنها لا تسد النواقص الكبرى الأخرى: زيادة عدد أسرّة المشافي، زيادة إجراءات التعقيم والضبط والتجهيزات الطبية للكوادر والعاملين على الأقل ونحن نرى اليوم عبر العالم كيف تتحول الألبسة الواقية للكوادر الطبية إلى أزمة في أغنى دول العالم التي تواجه الخطر)! بالإضافة إلى كلف أخرى قد تطرأ مثل أجور وتعويضات لقاء استنفار الكادر الطبي بمختلف اختصاصاته في حال الانتشار..
ولكن إذا ما كانت طوارئ الكورونا الصحية المباشرة هي ما ذكر سابقاً، يبقى السؤال من سيمول الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية الناجمة، من سيعيل الأسر التي لن تكون قادرة على كسب رزقها اليومي؟ ويقدم على الأقل ضرورات الغذاء للذين لا مدخرات لديهم؟!
أسئلة قد لا تكون بعيدة، وتحتاج إلى إجابة قريبة، فيما لو وضعنا سيناريو اتساع الانتشار الذي لن يكون بالإمكان مواجهته إلا بالحظر الشامل...
الأداء الحكومي العملي حتى اليوم محدود قياساً بالمطلوب والأهم بالخطر، والأعقد باتساع الخطر وتراكب المشاكل في حال انتشار الوباء، لليوم لم يتخذ أي إجراء يؤدي مثلاً إلى استقرار أسعار الكحول الطبية وتوفرها، وكذلك أسعار الكمامات ومستوى عرضها في السوق... وهي اليوم بمثابة الأسلحة الأولية في مواهة الخطر. وحتى اليوم لم توجد أي وسيلة اقتصادية فعّالة لضبط الأسعار في السوق ليبقى الغذاء الضروري بأسعاره المرتفعة السابقة على الأقل!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني